تونس.. إضراب عام يعمق الأزمات السياسية والاقتصادية

محمود سعيد

صرّح الطبوبي بأن الإضراب العام المزمع تنفيذه ستتبعه خطوات أخرى لضمان حقوق العمال التونسيين


جاء فشل جلسات التفاوض بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل ليعمق الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد، خصوصًا أن الاتحاد يحرك معظم الإضرابات والاحتجاجات.

ومثّل رفض اتحاد الشغل المشاركة في حوار اقترحه الرئيس التونسي، قيس سعيد، عقبة كبرى أمام إقامة الحوار، خصوصًا أن الاتحاد رفض خطط الحكومة للإصلاح الاقتصادي والتقشف، وبات رأس الحربة في رفضها، ووصل الأمر إلى قيادته إضرابات في البلاد.

أسباب الأزمة في تونس

الاتحاد الذي يمثل قوة نقابية لا يمكن تحييدها عن المشهد التونسي، يضم نحو 500 ألف عضو يتوزعون على معظم طبقات الشعب، وجاء رفض الحكومة لمطالب الاتحاد كزيادة الأجور، وتطبيق الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد ومؤسسات الدولة، ووقف حزمة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية التي تنّص على تجميد رواتب القطاع العام، ورفع الدعم تدريجيًّا عن السلع الأساسية.

ورفض اتحاد الشغل إجراءات قيس سعيد لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، ولجأ إلى الشارع التونسي داعيًا لإضراب عام، وقال الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، إن نسبة نجاح الإضراب العام في القطاع العام فاقت 96%، بحسب “موازييك“، مضيفًا أن قرار الإضراب جاء ردًّا على “التدهور غير المسبوق” للأوضاع الاجتماعية.

إضراب يشل الدولة التونسية

أمام هذه الخلافات، شارك اليوم الخميس أكثر من نصف مليون موظف حكومي في إضراب شل مفاصل الدولة التونسية، وتوقفت الرحلات الجوية والبرية والبحرية بالكامل، وكذلك توقفت برامج القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية المملوكة للدولة، وشمل الإضراب 159 مؤسسة حكومية بينها شركة الكهرباء والغاز، وشركة الاتصالات الرئيسة، والصيدليات المملوكة للدولة.

وتوقفت حركة الملاحة الجوية في 10 مطارات، بعد إلغاء جميع الرحلات وتأجيلها إلى ما بعد الإضراب، وكذلك شُلّت حركة النقل البري وتوقفت عمليات الشحن والترصيف في الموانئ، وتعطلّ نشاط جميع المؤسسات الحكومية التي أغلقت أبوابها بالكامل.

الأمن القومي لتونس خط أحمر

قبل أيام، صرّح الطبوبي بأن الإضراب العام المزمع تنفيذه ستتبعه خطوات أخرى لضمان حقوق العمال التونسيين، محذرًا من الزج بالجيش في أي صراع، ودعا وزارة الداخلية لأن تكون أمنًا جمهوريًّا بعيدًا عن الحسابات السياسية، معتبرًا “الأمن القومي للبلاد خط أحمر”.

ومثّل الاتحاد العام للشغل منذ العام 2011، إحدى أهم ركائز التوازنات السياسية في البلاد، ولذلك حرصت الحكومات المتعاقبة على تمتين الصلة به، ولكن العلاقة بين الاتحاد وقيس سعيد توترت بسبب الأعباء الاقتصادية والمالية الكبيرة على الاقتصاد، ورفض شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لإنعاش خزينة الدولة، بسبب التضخم العالمي.

ما بعد الإضراب

حراك اتحاد الشغل الذي ظل لاعبًا أساسيًا في المشهد التونسي منذ الاحتلال الفرنسي حتى ثورة الياسمين وما بعدها، يعني أن الأزمات السياسية والاقتصادية دخلت مرحلة جديدة ستشهد فيها البلاد مواجهة يقودها الاتحاد ضد الحكومة، ما يؤثر في المشهد العام لا محالة.

وقد تؤدي تلك المرحلة كذلك إلى اضطرابات مجتمعية، جعلت الرئيس الجزائري يصرح قبل أيام خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيطالي بأنهم: “مستعدون لمساعدة تونس على الخروج من المأزق الذي دخلته والرجوع إلى الطريق الديمقراطي”.

ربما يعجبك أيضا