ثغرة دستورية تسمح لأردوغان بالترشح مجددًا لرئاسة تركيا

شروق صبري
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

فوز أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية ضيّع أفضل فرصة على المعارضة.


كشفت مجلة ” ذي إيكونوميست” البريطانية عن أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد يستمر في السلطة حتى عام 2030.

وأوضحت في تقرير لها، أن أردوغان، الذي حكم البلاد لمدة 20 عامًا، كرئيس للوزراء أولاً ثم كرئيس، صرح، بعد فوزه بولاية ثانية، أمس الأحد 28 مايو 2023، بأن هذه ستكون ولايته الأخيرة. لكنها قالت إن لا يجب أن يكون هذا صحيحًا بالضرورة.

أردوغان في السلطة حتى عام 2030

أوضح التقرير إلى أنه وفق للتعديلات الدستورية التي مررها أردوغان في العام 2017، يمكن لأي رئيس في ولايته الثانية أن يترشح لولاية ثالثة، إذا دعا البرلمان إلى انتخابات مبكرة، قبل نهاية ولايته.

وأشارت إلى أن ائتلاف أردوغان لديه 323 مقعدًا من أصل 600 مقعد في البرلمان، لذا من السهل تحقيق ذلك. وبافتراض أن صحته لن تتدهور، يمكن أن يظل أردوغان، البالغ من العمر 69 عامًا، في السلطة حتى عام 2030.

حكم أردوغان لا نهاية له

قالت المجلة إن العديد من الانتخابات السابقة كشفت عن أن الحديث عن نهاية حكم أردوغان مبالغ فيه إلى حد كبير، خصوصًا مع فتح صناديق الاقتراع في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي أثبتت نجاحه الكاسح.

وحصل زعيم تركيا على 52.1% من الأصوات، ما يكفي لإعلان النصر. في حين حصل منافسه كمال كيلينشدار أوغلو على 47.9%، لكن توجد العديد من العوامل التي وقفت وراء نجاح أردوغان في انتخابات تلو الأخرى، حتى رغم الكوارث التي حدثت خلال فترته الرئاسية الأخيرة، من انهيار اقتصادى وزلزال مدمر وغيرها من العوامل الأخرى.

اقرأ أيضًا| الاقتصاد التركي بعد الانتخابات.. تحديات صعبة وآفاق ضبابية

الأسرة مقدسة

ووفق المجلة، قال أردوغان في حديثه إلى مؤيدينه من أعلى حافلة بإحدى ضواحي اسطنبول، إن “الفائز الوحيد اليوم هو تركيا”، مشيرًا إلى أنه يقدس دور الأسرة. وربما أن هذه المبادىء التي يتمسك بها أردوغان زادت من شعبيته، وتجلى ذلك خلال المشاهد التي أحاطته عقب إعلان فوزه.

وكان الاقتصاد التركي ولا يزال يعاني من التضخم، الذي تجاوز 86% العام الماضي. ويرجع ذلك إلى السياسة النقدية للرئيس التركي، التي رأت أن أسعار الفائدة المنخفضة هي السبيل لزيادة حجم السيولة بالأسواق. وكذلك فإن زلزال فبراير، الذى ساوى منطقة بحجم بلغاريا بالركام، كشفت عن أساليب بناء رديئة وفساد.

الانتخابات التركية

الانتخابات التركية

المناطق المتضررة دعمت أردوغان

وفي قرية سكروبا، التي تبعد نحو 1000 كيلومتر، وقفت امرأة في منتصف العمر أمام أنقاض منزلها، تلوح بعلم تركي معلق على قضيب معدني طويل. وفي هذا المكان لقي نحو 200 شخص مصرعهم قبل 4 أشهر، عندما ضرب الزلازل القرية ودمر مئات المنازل. ولم تحضر فرق الإنقاذ إلى القرية رغم أنها ذهبت إلى  العديد من الأماكن الأخرى في الجنوب، حيث أودى الزلازل بحياة أكثر من 50 ألف شخص.

ورغم ذلك، لم تؤثر الكارثة في دعم أردوغان، وفق المجلة البريطانية، وحصل الرئيس التركي على 78% من الأصوات في منطقة ترك أوغلو، التي تنتمي إليها سكروبا، في انتخابات عام 2018. وبعد 5 سنوات خرج بـ82% أي نسبة أعلى مما كانت عليه، حتى رغم الكوارث التي خلفها الزلزال في هذه المنطقة.

وقال السكان المحليون إنهم يثقون في رجل واحد فقط، وأن أصواتهم ستساهم في جهود التعافي من الزلزال. وقالت المرأة وهي تلوح بالعلم التركي: “نحن نحبه، لأجل صوت الآذان، ولأجل بيوتنا، ولأجل الحجاب.”

فرصة جوهرية للمعارضة

قالت المجلة إن المعارضة أضاعت فرصة إصلاح الديمقراطية في تركيا واقتصادها، بعد أن وعدت بإلغاء مخطط أردوغان لرئاسة تنفيذية قوية، وهي خطة لحكم الرجل الواحد. وبالإفراج عن بعض السجناء السياسيين، وإعادة السلطة إلى مؤسسات الدولة المستقلة، بدءًا من البنك المركزي والبرلمان.

وأشارت إلى أن المعارضة التركية حصلت على أفضل فرصة للإطاحة بأردوغان، حين استقرت 6 أحزاب على برنامج إصلاح شامل وعلى مرشح رئاسي واحد. لكن ما حدث أن أردوغان بات يحتفظ الآن بحرية الحكم كما يشاء، مستخدمًا الصلاحيات غير المقيدة، التي جمعها لإبقاء المحاكم والبنك المركزي وحزبه في صفه.

هزيمة أردوغان ليست سهلة

لم يكن أي من ذلك كافيًا لهزيمة أردوغان، حسب التقرير البريطاني، واستخدم الرئيس التركي نفس قواعد اللعبة التي ساعدته على الفوز في الانتخابات في كل مرة كان يفوز فيها، من خلال إشعال نيران الحروب الثقافية، وتصوير المعارضة على أنها تهدد للثقافة التركية والأمن القومي.

ومن ناحية أخرى، قبل أيام قليلة من التصويت، استخدم أردوغان الدعم الذي تلقاه كيليشدار أوغلو من الحزب الكردي الرئيس في البلاد لاتهام خصمه بالانضمام إلى حزب العمال الكردستاني (pkk)، وهو جماعة انفصالية مسلحة.

وسائل ساعدت في نجاح أردوغان

ساعد التحيّز الإعلامي أيضًا في نجاح اردوغان، وعرضت القنوات الإخبارية الخاصة، التي يديرها في الغالب رجال أعمال مدينون بالفضل لأردوغان، ووسائل الإعلام الحكومية، التي أصبحت ذراعًا لحكومته، على الرئيس وقتًا غير محدود للبث، رافضة الطعن في آراءه.

وظهر كيليتشدار أوغلو في الغالب على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى عدد قليل من القنوات القريبة من المعارضة، خلال محاولاته الأخيرة لكسب اليمين المتشدد، من خلال وعده بإعادة ملايين اللاجئين المقيمين في تركيا إلى وطنهم، واستبعاد محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، لكن كل ذلك لم يسر وفقًا لخطته.

وأيد المرشح القومي سنان أوغان، الذي فاز بـ5.2% في الجولة الأولى، أردوغان في الجولة الثانية. وبدا أن العديد من ناخبيه يفعلون الشيء نفسه، ما حسم الفوز لصالح أردوغان.

اقرأ أيضًا| تحليل| ماذا سيتغير في سياسة أردوغان المقبلة؟

ربما يعجبك أيضا