ثورة الذكاء الاصطناعي في مستقبل الحروب.. ماذا ينتظرنا؟

أسلحة المستقبل.. هل ستصبح الروبوتات قادة المعارك؟

أحمد الحفيظ

يعد الذكاء الاصطناعي قوة هائلة تحمل في طياتها إمكانات لا حصر لها، ولكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر كبيرة، خاصة بعد استغلال العديد من الدول هذه القدرات في الصناعات العسكرية.

يتطلب التعامل مع هذه التقنية الجديدة إطارًا قانونيًا وأخلاقيًا واضحًا، بالإضافة إلى تعاون دولي وثيق لضمان استخدامها بشكل مسؤول، خاصة بعد رصد استخدامه في حروب مثل غزة وأوكرانيا، مما تسبب في سقوط آلاف القتلى والجرحى.

ثورة في مستقبل الحروب

هذا التطور الهائل لن يقتصر على المجالات المدنية فحسب، بل سيشمل أيضًا المجال العسكري، حيث من المتوقع أن يشكل الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية في أسلوب إدارة الحروب وتنفيذ العمليات القتالية.

القدرات العسكرية الجديدة التي ظهرت في منظومات عسكرية حول العالم تشير إلى أن الحروب القادمة ستكون كحروب الإبادة بالنسبة للبشر.

أسلحة المستقبل

ستشهد الحروب المستقبلية ظهور أسلحة قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة في ساحة المعركة، بدءًا من تحديد الأهداف وحتى تنفيذ الهجمات.

هذه الأنظمة ستعتمد على خوارزميات معقدة قادرة على تحليل كميات هائلة من البيانات في وقت قصير لاتخاذ قرارات سريعة وفعالة، وستحل الروبوتات محل الجنود في العديد من المهام الخطرة، مثل إزالة الألغام وتنفيذ عمليات الاستطلاع، كما ستظهر روبوتات قتالية قادرة على القتال جنبًا إلى جنب مع الجنود، أو حتى استبدالهم في بعض الوحدات العسكرية.

ستكون حروب المستقبل أيضا حروبًا إلكترونية بالدرجة الأولى، حيث ستستهدف الأنظمة الحيوية للعدو، مثل شبكات الكهرباء والاتصالات والبنية التحتية. الأسلحة السيبرانية ستكون أرخص وأسهل في الاستخدام من الأسلحة التقليدية، مما يجعلها سلاحًا جذابًا للعديد من الدول والجماعات.

التحديات والمخاطر

من المتوقع أن يؤدي التطور السريع للذكاء الاصطناعي في المجال العسكري إلى سباق تسلح جديد بين الدول الكبرى، مما يزيد من خطر نشوب صراعات مسلحة واسعة النطاق.

ورغم التطور الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك احتمالًا كبيرًا لحدوث أخطاء بشرية في تصميم وتشغيل الأنظمة المستقلة، مما قد يؤدي إلى وقوع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.

يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب العديد من التساؤلات الأخلاقية، مثل المسؤولية عن الأفعال التي ترتكبها الأنظمة المستقلة، وحقوق الإنسان في ساحة المعركة، وهو الأمر الذي بات واضحًا في غزة وأوكرانيا.

الآثار على المجتمع

ستصبح الحروب أسرع وأكثر دموية، حيث ستعتمد على سرعة اتخاذ القرار وتنفيذ العمليات، كما ستزيد الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والنامية، مما سيؤدي إلى تقويض الاستقرار العالمي وعودة عصر الهيمنة مرة أخرى.

وقد يؤدي الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي في المجال العسكري إلى تقويض الديمقراطية، حيث قد يتم اتخاذ قرارات حربية حاسمة من قبل آلات وليس بشرًا، وهو أمر يثير المخاوف.

الآثار الاقتصادية

يتوقع أن يشهد الإنفاق العسكري العالمي زيادة ملحوظة مع تبني التقنيات الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي، فالتطوير والإنتاج والصيانة لهذه الأنظمة تتطلب استثمارات ضخمة.

ستشهد سلاسل الإمداد العسكرية تحولات كبيرة مع التركيز على مكونات إلكترونية متقدمة ومواد خام نادرة تستخدم في تصنيع الأنظمة الذكية، وقد تواجه الدول النامية صعوبات في مواكبة التطورات التكنولوجية في المجال العسكري، مما يزيد من الفجوة التكنولوجية بينها وبين الدول المتقدمة.

دور الشركات الخاصة في تطوير الأسلحة المستقلة

تلعب الشركات الخاصة دورًا متزايد الأهمية في تطوير الأسلحة المستقلة القائمة على الذكاء الاصطناعي، فهي تمتلك الموارد المالية والبشرية اللازمة للاستثمار في البحث والتطوير، وتسعى لتحقيق أرباح من خلال بيع منتجاتها إلى الحكومات.

تتميز الشركات الخاصة بمرونة أكبر في اتخاذ القرارات وسرعة الاستجابة للتغيرات التكنولوجية، مما يمكنها من تطوير منتجات جديدة بسرعة، كما تسعى الشركات إلى التفوق على منافسيها من خلال تطوير أسلحة أكثر تطورًا وفعالية، وهو الأمر الظاهر الآن في التنافس العسكري الذكي بين أمريكا والصين.

أرقام وإحصائيات

وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لدراسات السلام، شهد الإنفاق العسكري العالمي زيادة مستمرة في السنوات الأخيرة، حيث تستثمر الشركات العالمية مبالغ ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يصل حجم هذا السوق إلى تريليونات الدولارات بحلول عام 2025.

كما رصد معهد ستوكهولم عدد الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتي بلغت آلاف الشركات الناشئة والشركات الكبرى التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي حول العالم.

محاولة لفرملة الذكاء الاصطناعي

أثار استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب مخاوف أخلاقية وقانونية، مما دفع المجتمع الدولي إلى بذل جهود لتنظيم هذا المجال.

وعقدت العديد من المؤتمرات الدولية لمناقشة الآثار المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب وتطوير إطار عمل قانوني وأخلاقي.

كما أطلقت العديد من الحكومات مبادرات لتطوير سياسات وطنية بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وتلعب منظمات المجتمع المدني دورًا مهمًا في رفع الوعي بالمخاطر المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب والدعوة إلى وضع قيود على تطوير واستخدام هذه التقنيات.

ربما يعجبك أيضا