جزيرة ثري مايل.. رهان جوجل الجديد لدفع ثورة الذكاء الاصطناعي

إسراء عبدالمطلب

في ظل الطلب المتزايد على الطاقة اللازمة لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي، تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى إلى استكشاف حلول مبتكرة ومستدامة.

وفي خطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف، أعلنت شركة جوجل عن توقيع صفقة جديدة للحصول على الكهرباء من مفاعلات نووية صغيرة، مما يشير إلى توجه الشركات نحو الاعتماد على الطاقة النووية كجزء من استراتيجياتها لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي وتقليل الانبعاثات الكربونية.

تحسين إنتاج القوى النووية بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي | IAEA

الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي

حسب وكالة أنباء “فرانس برس”، أعلنت جوجل يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024، عن توقيع صفقة للحصول على الكهرباء من مفاعلات نووية صغيرة طورتها شركة كايروس باور، وهي خطوة مهمة تأتي بعد أسابيع من إعلان جزيرة ثري مايل، الموقع السابق لأسوأ حادث نووي في الولايات المتحدة، استئناف العمليات لتزويد شركة مايكروسوفت بالطاقة، وتهدف هذه الخطوة إلى دعم متطلبات مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي المتزايدة.

وأشار مدير الطاقة والمناخ في جوجل، مايكل تيريل، خلال مؤتمر صحفي إلى أن “الطاقة النووية تلعب دورًا حاسمًا في دعم النمو النظيف وتحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي”، لافتًا إلى أن الشبكة تحتاج إلى مصادر طاقة نظيفة وموثوقة لدعم بناء هذه التقنيات الحديثة، وتأتي هذه الصفقة في إطار توجه الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل للبحث عن مصادر طاقة نظيفة ومستدامة لمواكبة احتياجات ثورة الذكاء الاصطناعي.

تكنولوجيا المفاعلات النووية الصغيرة

وفقًا للصفقة، من المتوقع أن يصبح أول مفاعل نووي صغير ضمن سلسلة المفاعلات النووية المعيارية (SMRs) متاحًا على الإنترنت بحلول نهاية العقد الحالي. وبحلول عام 2035، ستدخل مفاعلات إضافية حيز التشغيل، لتولد ما يصل إلى 500 ميجاوات من الطاقة. تعتبر هذه المفاعلات أصغر وأكثر كفاءة مقارنة بالمفاعلات التقليدية، بفضل الاستثمارات الضخمة التي قام بها رواد التكنولوجيا مثل بيل جيتس.

ورغم الفوائد المتوقعة للطاقة النووية، لا تزال هذه التكنولوجيا تواجه العديد من التحديات، فالمفاعلات النووية الصغيرة ما زالت في مراحلها الأولى وتفتقر إلى الموافقات التنظيمية الكاملة، وهذا الأمر يدفع الشركات الكبرى إلى البحث عن خيارات طاقة نووية أكثر نضجًا ومتوفرة حاليًا. وفي هذا السياق، قال مايك لوفر، الرئيس التنفيذي لشركة كايروس، إن الشراكة مع جوجل “تتيح لتكنولوجيا المفاعلات النووية الصغيرة التطور والنضج مع مرور الوقت”.

رهانات واعدة

قال تيريل، إن الشبكة بحاجة إلى مصادر جديدة ونظيفة للطاقة لدعم قدرات الذكاء الاصطناعي المتزايدة، مشيرًا إلى أن الطاقة النووية تلعب دورًا مهمًا في توفير طاقة مستدامة وخالية من الكربون على مدار الساعة، وأضاف تيريل: “إذا تمكنا من توسيع نطاق هذه المشاريع عالميًا، فإن الفوائد ستكون هائلة للمجتمعات وشبكات الطاقة في جميع أنحاء العالم”.

ورغم أن الطاقة النووية تعتبر مصدرًا ثابتًا للطاقة مقارنة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أن شركات التكنولوجيا تواجه تساؤلات بشأن أمان استخدام الطاقة النووية، تزايد الطلب على الكهرباء لتشغيل مراكز البيانات، وخاصة مع تسارع متطلبات الذكاء الاصطناعي، يزيد من الضغط على الشبكات الكهربائية، مما يثير مخاوف بشأن استقرارها.

معارضة الطاقة النووية

يستمر الجدل بشأن استخدام الطاقة النووية، إذ يواجه معارضون مخاوف متعلقة بالتخلص من النفايات المشعة، وإمكانية وقوع حوادث كارثية، والتكاليف المرتفعة المرتبطة ببناء المفاعلات وإيقاف تشغيلها، وتجدر الإشارة إلى أن حادثة انهيار الوحدة الثانية في جزيرة ثري مايل عام 1979 تسببت في حالة من الذعر وأوقفت توسع الطاقة النووية في الولايات المتحدة.

وفي ظل تسارع متطلبات الذكاء الاصطناعي وتزايد استهلاك الطاقة، تتجه شركات التكنولوجيا الكبرى نحو الطاقة النووية كمصدر مستدام ونظيف لتلبية هذه الاحتياجات، ورغم التحديات والمخاوف المرتبطة بالطاقة النووية، فإن الشراكات مثل تلك التي أبرمتها جوجل مع كايروس قد تشكل خطوة مهمة نحو مستقبل يعتمد على مصادر طاقة مستدامة وموثوقة.

ربما يعجبك أيضا