جهود الوسطاء تمنع تجدد المواجهات العسكرية في ليبيا.. حتى الآن

ضياء غنيم

مجموعة الأزمات الدولية تشير إلى خطورة الوضع الراهن في ليبيا في ظل التحولات الجيوسياسية على وقع الأزمة الأوكرانية.


تجاوزت ليبيا في الساعات الماضية مواجهة عسكرية على خلفية توجه قوة تابعة لرئيس حكومة  “الاستقرار” المكلفة برئاسة فتحي باشاغا، من مصراتة إلى العاصمة طرابلس.

القوة تحركت استعدادًا لبدء حكومة باشاغا مباشرة عملها، في ظل تحركات عسكرية موازية من حكومة “الوحدة” بقيادة عبدالحميد الدبيبة، الأمر الذي يثير التساؤل حول هشاشة الوضع الأمني وطبيعة التحركات الدولية المطلوبة للحد من تصاعد الأزمة الليبية.

مسار التصعيد

بدأت الأزمة في التصاعد مع تصديق مجلس النواب على حكومة “الاستقرار” برئاسة فتحي باشاغا، واحتجزت مجموعة مسلحة وزيري الخارجية حافظ قدور، والثقافة صالحة الدروقي، لعدة ساعات، في 3 من مارس 2022، لمنعهم من أداء اليمين أمام المجلس في طبرق، واتهم ياشاغا حكومة “الوحدة” برئاسة الدبيبة بإغلاق الأجواء الليبية، داعيًا النائب العام للتحقيق في تلك الواقعة.

سادت أجواء التوتر في طرابلس، مساء أمس الأول الخميس، وسط أنباء عن توجه قوة حماية تابعة لباشاغا إلى العاصمة لتأمين عمل الحكومة المكلفة، وتحرك مضاد من تشكيلات مسلحة تابعة للدبيبة لمنع باشاغا من الوصول لمقر رئاسة الحكومة، إلا أن تدخل أعيان مدينة مصراتة التي ينتمي إليها كلا الرجلين حال دون الصدام وأوقفت تحرك الرتل العسكري المذكور من المدينة، بحسب “بوابة الوسط“.

وقف إنتاج أكبر حقلي النفط

على وقع التصعيد شهدت الحقول النفطية اعتداءات لوقف الإنتاج، مع إغلاق لأكبر حقلي نفط وهما الشرارة والفيل جنوب وجنوب غرب العاصمة طرابلس يوم السبت 5 مارس الجاري من قبل ميليشيات مسلحة.

وقال المدير العام للمؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، إن المؤسسة تتبع محمد البشير قرج وتسببت في خسائر يومية بلغت 160 مليون دينار ليبي، قبل أن تعلن المؤسسة استئناف العمل بهما بعد رفع القوة القاهرة يوم الثلاثاء الماضي.

مبادرة أممية للتوافق

تفاعلت الأمم المتحدة وبعثتها للدعم في ليبيا مبكرًا مع التطورات والتي تعد تحللًا من بعض بنود وقف إطلاق النار مثل “إعاقة عمل الحقول النفطية ومصادرة حرية التنقل بين شرق وغرب البلاد”.

وقدمت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز مبادرة إلى رئاسة مجلسي النواب والأعلى للدولة في 4 مارس الجاري لإنهاء الأزمة الراهنة وبناء توافق وطني عبر تسمية 6 أعضاء من كل مجلس ضمن لجنة مشتركة تبدأ عملها منتصف مارس الجاري ولمدة 14 يومًا لإقرار قاعدة دستورية والإسراع في إجراء الانتخابات.

دعم الدبيبة وحياد الغرب

المجلس الأعلى للدولة رحب بمبادرة المستشارة الأممية، وأعلن خلال جلسته يوم الأحد 6 مارس الجاري تشكيل لجنة للتشاور مع مجلس النواب حول القاعدة الدستورية للانتخابات القادمة، على أن يتم انتخابها في الجلسة القادمة، والتي لم تُعقد حتى الآن، في إشارة إلى دعمه لحكومة الدبيبة.

في الوثت نفيه، كثفت الأطراف الدولية جهودها في ليبيا لتخفيف حدة التوتر وإنهاء الأزمة، وأعلن سفير الولايات المتحدة ريتشارد نورلاند تواصله هاتفيًا مع باشاغا والدبيبة مساء الخميس، مشيرًا إلى استعداد الطرفين للحوار والتفاوض على حل سياسي بعد أقل من أسبوع من محادثات هاتفية مماثلة مع كلا الطرفين في 5 من مارس الجاري.

وكان بيان مشترك صادر عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، رحب بمبادرة المستشارة الأممية للحل، داعيًا في 4 مارس الجاري، لامتناع الجهات الفاعلة في ليبيا عن أي عمل يقوض استقرار البلاد، وتوعدت الدول الخمس مستخدمي العنف والمحرضين عليه بالمحاسبة وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2571.

الحل ليبي/ ليبي

رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، دافع خلال لقائه المستشارة الأممية ستيفاني وليامز بمدينة القبة في 7 مارس، عن صحة إجراءات وقرارات المجلس وعدم الحاجة إلى التصديق من أي جهة، مشددًا على أن تلك الإجراءات جاءت عقب التوافق مع المجلس الأعلى للدولة من خلال اللجنتين المشتركتين.

وأبرز بيان مشترك صادر عن مصر والسعودية يوم الثلاثاء الماضي، توافق البلدان على دعم كل الجهود المؤدية لحل ليبي- ليبي دون أي إملاءات أو تدخلات خارجية، مثمنًا إجراءات مجلس النواب الليبي باعتباره الجهة التشريعية المنتخبة والمنوط بها سن القوانين ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية، منوهًا إلى استمرار العمل لتوحيد المؤسسات الليبية وعلى رأسها اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.

الاستقرار السياسي المستدام

أوضح الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد عليبه أن توجه مجلس النواب لبناء عملية سياسية جديدة وتحييد دور البعثة الأممية للدعم يستبق تعيين مبعوثًا جديدًا في إبريل المقبل في حال توافق أعضاء مجلس الأمن، وبالتالي إجبار البعثة الجديدة على التعاطي مع الوضع الجديد والقبول بتمديد الفترة الانتقالية لما بعد يونيو 2022.

وشدد على محدودية خيارات الدبيبة، واحتمالية نشوب مواجهات بين الجانبين،وأولوية حل الأزمة البنيوية وبناء عملية انتقالية سليمة و”سلمية قدر الإمكان” لمعالجة هشاشة العملية السياسية في البلاد الوصول إلى حالة الاستقرار السياسي المستدام، بدلًا من اختزال الأزمة في تشكيل حكومات مؤقتة وإجراء انتخابات وترحيل المعضلات الأساسية وعلى رأسها الملف الأمني.

وأشارت مجموعة الأزمات الدولية إلى خطورة الوضع الراهن في طرابلس في ظل التحولات الجيوسياسية على وقع الأزمة الأوكرانية وإمكانية امتدادها لليبيا، خاصةً مع تأييد روسيا لحكومة باشاغا مقابل تمسك تركيا بحكومة الدبيبة، مبينةً أن بارقة أمل لا تزال متوافرة لتفاعل المجتمع الدولي إيجابيًّا والوقوف صفًّا واحدًا لكبح التصعيد، بالتعويل على حاجة كلا الطرفين لشرعية الاعتراف الدولي.

ربما يعجبك أيضا