جهود عربية وأوروبية.. هل تمهد لمبادرة تواجه مخطط الضم الإسرائيلي؟

محمود

رؤية – محمد عبدالكريم

رغم انشغال القاهرة الشديد بملفات “سد النهضة الإثيوبي”، والساحة الليبية الملتهبة، وانعكاس الملفين على الأمن القومي المصري، إلا أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، اليوم الإثنين، إلى رام الله ولقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تبدو مغادرته إلى الخارج معقدة بعض الشيء في غياب التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل، تعكس الجهود الرامية لقطع الطريق على مخططات الاحتلال الإسرائيلي لضم اجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة.

شكري الذي وصل رام الله على متن مروحية عسكرية أردنية، قادما من العاصمة الأردنية عمان التي أوفدت قبل شهر وزير خارجيتها في إطار عملية التنسيق والتشاور المستمرين ضد خطة الضم، جدد موقف مصر الرافض لأي إجراء إسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية.

وتأتي زيارته لرام الله بعد اتصال هاتفي بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الفلسطيني.

وخلال المحادثة الهاتفية، أكد السيسي دعم مصر للسلطة الفلسطينية، كما أكد ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ونيل الشعب الفلسطيني استقلاله في دولته وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية.

كما قالت الوكالة: إن السيسي رحّب بالاتصالات الجارية بين حركتي فتح وحماس لتوحيد الموقف الفلسطيني، وأبدى استعداد مصر لمواصلة جهودها في هذا الإطار.

وكان وزير الخارجية المصري التقى أمس في عمان الملك عبدالله الثاني، وحذر في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي من خطورة أي ضم للأراضي الفلسطينية على مسار السلام وحل الدولتين.

وقال الصفدي: إن (خطة) الضم ستقتل حل الدولتين، وستجعل من خيار الدولة الواحدة مآلًا حتميًّا.

من جهته، قال الديوان الملكي الأردني: إن الملك أكد خلال استقباله شكري أن أي إجراء إسرائيلي أحادي الجانب لضم أراض في الضفة الغربية مرفوض، ومن شأنه تقويض فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وقال شكري -في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي- “بالتأكيد التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية عديدة ومصر أبدت في كل مناسبة رفضها لأي إجراءات أحادية لها تأثير سلبي على مسار العملية التفاوضية بما في ذلك أي إجراءات لضم أي أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، مضيفًا: نحن نسعى لإيجاد الإطار المناسب وفق مقررات الشرعية الدولية ووفق المبادرة العربية ووفق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لاستئناف المسار السياسي واستئناف المفاوضات التي تقود إلى حل الدولتين”.

وأوضح شكري، أن المسار السياسي هو ”الحل الأمثل الذي يتيح للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي العيش بسلام وأمان بعيدًا عن الصراع، موضحًا أن مصر ستستمر في بذل كل جهودها في إطار العلاقة مع شركائها الدوليين لدعم هذه الجهود.

الجهود التي تحدث عنها شكري هي الجهود العربية التي تقودها مصر والأردن (وهما الدولتان التي وصفتهما القيادة الفلسطينية بأنهما بوابتا الحل للقضية الفلسطينية)، والجهود الأوروبية، التي كان الاتصال بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، قبل أيام آخرها.

حيث أكد عباس لجونسون استعداد فلسطين، بمجرد وقف الاحتلال الإسرائيلي خطط الضم، الذهاب إلى المفاوضات على أساس الشرعية الدولية، تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية بمشاركة دول أخرى.

جونسون بدوره، أكد موقف بلاده الداعم لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، والالتزام بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ورفضه أي إجراءات تقوم بها إسرائيل لضم أراض فلسطينية باعتبارها تخالف قرارات الشرعية الدولية، مشددا على أهمية إعادة إحياء عملية السلام، وأن بلاده ستواصل دعم السلام وعلى استعداد لبذل جهود في هذا الإطار، وتم الاتفاق بين جونسون وعباس على مواصلة الاتصالات والتنسيق خلال الفترة القادمة.

وأنهت السلطة الاتفاقات مع إسرائيل وتستعد لتصعيد قد يشمل سحب الاعتراف بها وتحويل السلطة إلى دولة إذا ما نفذت إسرائيل فعلاً خطة الضم، وترغب السلطة في تفادي الصدام، وتحاول حشد موقف دولي واسع لمنع إسرائيل من تنفيذ خطة الضم غير واضحة المعالم حتى الآن.

وفي نهاية أبريل/ نيسان الماضي، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع زعيم حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس، على أن تبدأ عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية أول يوليو/ تموز المقبل، وتشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
وتعوّل القاهرة وعمان فعليًّا على الدعم الأوروبي، لمواجهة ملف ضم الضفة الغربية.

يأتي ذلك كله في وقت، أبدت فيه السلطة الفلسطينية استعدادها لإعادة المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين من حيث توقفت، في اقتراح المضاد لصفقة القرن.

وأبدت السلطة استعدادها لإجراء تعديلات طفيفة على الحدود، حيث ورد ذلك في نص تسلّمته الرباعية الدولية.

وترغب السلطة في استئناف المفاوضات الثنائية المباشرة من حيث توقفت، وفي نص المقترح المكون من أربع صفحات تسلّمتها الرباعية الدولية، ذكرت الحكومة الفلسطينية أن “أحدا ليس لديه مصلحة أكثر من الفلسطينيين في التوصّل إلى اتفاق سلام، وأحدا ليس لديه ما يخسره أكثر من الفلسطينيين جراء غياب السلام“.

ويتابع النص: ”نحن مستعدون لقيام دولتنا المحدودة التسلّح وذات الشرطة القوية لفرض احترام القانون والنظام. نحن مستعدون للقبول بوجود طرف ثالث مفوّض (من الأمم المتحدة) من أجل (…) ضمان احترام اتفاق السلام فيما يتعلّق بالأمن والحدود“، ويتضمن النص إشارة إلى حلف شمال الأطلسي لـ”قيادة القوات الدولية”، وفق ما نقلته وكالة الانباء الفرنسية.

ويقترح النص تعديلات طفيفة على الحدود على أن يتم إبرام اتفاق ثنائي بشأنها، ”على أساس حدود 4 حزيران/ يونيو 1967″، وهو التاريخ الذي بدأت فيه إسرائيل باحتلال الضفة الغربية، وفق ما نقله موقع “إرم نيوز”.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قد كشف مطلع حزيران/ يونيو عن وجود اقتراح فلسطيني، لم يكشف تفاصيله، مضاد لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تلحظ ضم إسرائيل أراضي من الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على مساحة صغيرة دون القدس الشرقية التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمتهم.

وأشار خلال الإعلان عن الاقتراح المضاد إلى مبادلات محتملة للأراضي بين الدولتين، لكنه شدد على أن التبادل يجب أن يكون “متساويًا” من حيث “حجم وقيمة” الأراضي.

وحول الوضع النهائي للقدس، إحدى العقبات الرئيسية أمام حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، تكرر السلطة الفلسطينية نيّتها جعل القسم الشرقي من المدينة التي احتلّتها إسرائيل وضمّتها، عاصمة لدولتها الموعودة، على حد زعم “فرانس برس”.

إلى ذلك، يحذّر النص بأنه “إذا أعلنت إسرائيل ضم أي جزء من الأراضي الفلسطينية، فسيعني ذلك حتما إلغاء كل الاتفاقات الموقعة”.

وبالإضافة إلى مستوطناتها في الضفة الغربية، تريد إسرائيل ضم غور الأردن الذي يشكّل 30% من أراضي الضفة الغربية.

كما يقيم أكثر من 2,8 مليون فلسطيني في الضفة الغربية حيث يعيش نحو 450 ألف إسرائيلي في مستوطنات يهودية غير شرعية بنظر القانون الدولي.

ربما يعجبك أيضا