حتى بأعماق المحيط.. كم عدد المواد الملوثة للبيئة في العالم؟

بسام عباس
المحيط

الملوثات لا تذوب جيدًا في الماء، وترتبط بدلًا من ذلك بالأنسجة الغنية بالدهون وأجزاء أخرى من الكائنات الحية أو الميتة.


اكتشف باحثون في جامعة ستوكهولم وجود مادة ثنائي الفينيل متعدد الكلور في خندق أتاكاما، ما يؤكد حقيقة أنه لا يوجد مكان على الأرض خالٍ من التلوث.

وأنتجت مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور بكميات كبيرة من الثلاثينات إلى السبعينات، واستخدمت في المعدات الكهربائية والدهانات والمبردات وغيرها من المنتجات، وأصبح خطرها شديدًا على الحياة البحرية، ما أدى إلى حظر استخدامها منتصف السبعينات.

البلاستيك في أعماق المحيط

قال موقع كونفرزيشن الأمريكي إن فريقًا علميًّا من جامعة ستوكهولم السويدية أجرى دراسة في خندق أتاكاما، الذي يمتد بطول ساحل أمريكا الجنوبية لما يقرب من 6 آلاف كيلومتر، وتصل أعمق نقطة له إلى ما يعادل ارتفاع جبال الهيمالايا.

وأضاف أن الفريق جمع الرواسب من 5 مواقع في الخندق على أعماق مختلفة تتراوح من 2500 متر إلى 8085 مترًا. وقطَّع كل عينة إلى 5 طبقات، من الرواسب السطحية إلى طبقات الطين الأعمق، واكتشف وجود مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور في كل منها.

لافتًا إلى أن مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور يمكنها أن تسافر لمسافات طويلة، وتنتشر في أماكن بعيدة عن المكان الذي استخدمت فيه أول مرة، وتستمر في الدوران عبر تيارات المحيطات والرياح والأنهار، لأنها تستغرق عقودًا لتتحلل.

خندق أتاكاما الذي يطلق عليه خندق بيرو - تشيلي

خندق أتاكاما الذي يطلق عليه خندق بيرو – تشيلي- باللون الأزرق الغامق

الملوثات تلتصق بالعوالق الميتة

قالت أستاذة الكيمياء البيئية ورئيسة قسم العلوم البيئية بجامعة ستوكهولم، آنا سوبك، إن تيارات المحيط تدفع المياه الباردة والغنية بالمغذيات إلى السطح، ما يعني وجود الكثير من العوالق، وهي الكائنات الدقيقة الموجودة في قاع الشبكة الغذائية في المحيطات. وعندما تموت العوالق، تغرق خلاياها في القاع وتحمل معها الملوثات.

وأضافت أن هذه الملوثات لا تذوب جيدًا في الماء، وترتبط بدلًا من ذلك بالأنسجة الغنية بالدهون وأجزاء أخرى من الكائنات الحية أو الميتة، وتمثل رواسب قاع البحر حوضًا مهمًّا لاستقرار الملوثات، لافتة إلى أن نحو 6% من مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور مُخزَّنة في رواسب أعماق المحيطات.

الأعماق أكثر تدهورًا

ذكرت سوبك أن خندق أتاكاما العميق يعمل مثل كقمع يجمع أجزاء من النباتات والحيوانات الميتة، ما يشير إليه العلماء باسم “الكربون العضوي“، التي تسقط عبر الماء، وتعمل الميكروبات الموجودة في أعماق المحيط على تحلل الكربون العضوي في طين القاع.

وأضافت أن فريق البحث وجد أن الكربون العضوي في أعمق منطقة في خندق أتاكاما، كان أكثر تدهورًا منه في الأماكن الضحلة. ووجد تركيزات عالية من ملوثات الفينيل لكل جرام من الكربون العضوي في الرواسب، وأن الكربون العضوي يتحلل سريعًا، في حين تتراكم الملوثات في الخندق.

استخدم فريق البحث

استخدم فريق البحث جهاز أخذ العينات الأساسي لاستخراج الرواسب من قاع الخندق

التأثير الضار على البيئة

أوضحت أستاذة الكيمياء البيئية أن طبيعة الترسبات في خندق أتاكاما غير مفهومة، فهي على عكس البحار والبحيرات التي يكون التركيز فيها حسب التقادم، إلا أن تركيزات الملوثات لم تبلغ ذروتها بعد في هذا الخندق العميق.

وأضافت أن هذه التركيزات لا تزال منخفضة للغاية، وأقل مئات المرات من المناطق القريبة من مصادر التلوث البشري مثل بحر البلطيق، إلا أن حقيقة وجود تلوث من أي نوع يدل على حجم تأثير البشرية الضار في البيئة.

وما يمكن قوله هو أن أكثر من 350 ألف مادة كيميائية مستخدمة حاليًّا على مستوى العالم تسهم في تلوث البيئة، وأن تلك المواد عثر عليها مدفونة تحت قاع أحد أعمق خنادق المحيطات في العالم، ولن تبرح مكانها.

اقرأ أيضًا| صحراء أتاكاما في تشيلي تحيي أمل الحياة بالمريخ

اقرأ أيضًا| شاهد.. صحراء «أتاكاما» تتحول إلى أكبر مقبرة للملابس

اقرأ أيضًا|  دراسة: 21 ألف قطعة نصيب كل فرد من نفايات البلاستيك بالمحيطات

 

ربما يعجبك أيضا