حتى ترفع إيران يدها.. الفراغ الرئاسي الأوفر حظًّا في لبنان

يوسف بنده

عند كل استحقاق سياسي في لبنان، تتوجه الأنظار نحو حالة المزاج الإيراني، لنجاح ما رسمه اتفاق الطائف من قواعد


فشل مجلس النواب اللبناني 4 مرات في انتخاب رئيس جديد للبلاد، منذ نهاية سبتمبر 2022، في ظل أزمات اقتصادية طاحنة.

ونجاح انتخاب الرئيس الجديد يحتاج إلى التوافق، مع عدم امتلاك أي فريق بمجلس النواب أكثرية تخول له الاختيار. ما يجعل الفراغ الرئاسي المرشح الأوفر حظًّا. في ظل اتهامات لحزب الله بمحاولة تعديل آلية الانتخاب خارج قواعد الطائف.

الذكرى الـ33 لإبرام اتفاق الطائف

انطلق، السبت الماضي، في قصر الأونيسكو-بيروت، المؤتمر الوطني للذكرى الـ33 لإبرام اتفاق الطائف بدعوةٍ من السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري. وبمشاركة واسعة شملت رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، ومفتي لبنان، الشيخ عبداللطيف دريان، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، حسب ما نقله تلفزيون “الجديد“.

ويأتي هذا المؤتمر، بعد أسبوع من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وسط تساؤلات بشأن مستقبل لبنان السياسي في ظل الفراغ الرئاسي، وفي ظل الاتهامات التي طالت عهد الرئيس عون بالتقارب من معسكر حزب الله وإيران، على حساب توازنات التركيبة الطائفية الداخلية.

130432Image1

رفض تعديل الطائف

الاتهامات توجهت ناحية إيران وحزب الله اللبناني بمحاولة إحداث تغيير في اتفاق الطائف، الذي ينظم تقسيم العملية السياسية بين الطوائف في لبنان، بعد كلمة للأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في نوفمبر 2019. خلال حراك شعبي وغضب، بسبب فشل الحكومة اقتصاديًّا، حسب ما ذكره تقرير لـ”بي بي سي.”

ومنذ مرحلة مبكرة، والاتهامات تلاحق إيران وجماعتها، بإعداد خطة للإجهاز على اتفاق الطائف، خاصة الرغبة في اختيار رئيس الجمهورية عبر الاقتراع المباشر، بحجة وجود تغييرات ديموغرافية لم تعد تستدعي وجود الاتفاق. وخرج ذلك صراحة على لسان الرئيس، ميشال عون، حليف حزب الله، عام 2014، حسب ما جاء في “سويسانفو“.

حماية سعودية غربية لاتفاق الطائف

خرج بيان سعودي أمريكي فرنسي، في 22 سبتمبر الماضي، ينوه بالالتزام باتفاق الطائف والحفاظ عليه. وحسب صحيفة “الشرق“، فإن المملكة حريصة على وصول رئيس جديد للبنان يلتزم باتفاق الطائف، ويعمل على تطبيقه، و”قادر على قيادة عملية انتشال لبنان من الحفرة التي يتخبط فيها منذ سنوات”.

ويشير الكاتب عوني الكعكي في الصحيفة نفسها، إلى أن مؤتمر استذكار اتفاق الطائف ليس من أجل التصدي لمحاولات تغييره فحسب، بل من أجل تفعيله، بعد تعطيله من جانب إيران وجماعتها في لبنان. معتبرًا أن ولاية الرئيس عون ساعدت إيران على التدخل كثيرًا في شئون لبنان، من خلال ذراعها حزب الله.

استنفار حزب الله وغضب باسيل

تأتي مخاوف التعديل في آلية انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، في حين دعا رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى عقد جلسة يوم الخميس المقبل 10 نوفمبر الحالي، لانتخاب رئيس جديد. وحسب ما نقلته صحيفة “الديار” من المقرر أن يتحدث الأمين لحزب الله، حسن نصرالله، الجمعة، ما يفتح الباب لكثير من التكهنات.

وظهرت بعض التغييرات في موقف حزب الله، بعد حالة الاستنفار التي واجهها من أنصار الطائف، وكشف رئيس حزب “التيار الوطني الحر”، النائب جبران باسيل، وهو حليف حزب الله، عن غضبه وامتعاضه من احتمال ترشيح الحزب للوزير السابق، سليمان فرنجية، رئيسًا، بدلًا من اختياره، حسب ما ذكره “لبنان 24“.

news 061122 lebanon2

حزب الله يقلب الصورة

رغم التصريحات التي جاءت على لسان حسن نصرالله نفسه بشأن الرغبة في تغيير اتفاق الطائف، فإن الحزب بدأ في قلب الكفة على الآخرين، وقال عضو المجلس المركزي في “حزب الله”، الشيخ نبيل قاووق، إن “أحدًا لم يطرح تغيير الطائف، ونرى أن استخدام هذه القضية، هو للتغطية على التدخلات الخارجية”، بحسب ما جاء بصحيفة “البناء“.

وبدأت إيران وحلفاء حزب الله في الترويج بأن مسألة التحذير من وقوع تعديل في اتفاق الطائف تتعلق بالأزمة بين السعودية والولايات المتحدة، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، ما يمكن تفسيره بأن إيران وحليفها يؤديان الآن دورًا في خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة.

ميشال معوض ومعارضة إيران

يبدو أن اختيار رئيس جديد للبنان سيتعطل كثيرًا على غرار المرات السابقة، في ظل التوترات الإقليمية وانعكاساتها على الحسابات داخل لبنان. وحالت “الورقة البيضاء” مجددًا بين النائب اللبناني، ميشال معوض، وقصر بعبدا، رغم حصوله على 44 صوتًا، في 20 أكتوبر الماضي. لكنه معروف بموقفه المعارض لإيران ودورها داخل البلاد، حسب “الشرق.”

ويأتي فشل البرلمان، في ظل انقسامات عميقة عكسها غياب التوافق على اسم خلفًا للرئيس الحالي، وغالبًا ما يكون انتخاب الرئيس بعد توافق الكتل الرئيسة على اسم مرشح في بلد تقوم سياسته الداخلية على التسويات بين القوى المختلفة.

ربما يعجبك أيضا