حرب إسرائيل على غزة.. ما تداعياتها على أوروبا والعلاقات عبر الأطلسي؟

ما دوافع الدول الأوروبية ذات الحكومات اليسارية للاعتراف بفلسطين؟

بسام عباس
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز

تسبب الخلاف بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة بين الدول الأوروبية في جعل التوصل إلى سياسة أوروبية خارجية موحدة أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

وهو ما سطره الكاتب راسل بيرمان، في مقال له نشرته مجلة “ذي ناشونال إنترست” الأمريكية، الأربعاء 3 يوليو 2024، وتحدث فيه عن اعتراف 4 دول أوروبية بفلسطين كدولة، وتأثير ذلك على العلاقات بين الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة.

قاسم مشترك

قال بيرمان إن أيرلندا والنرويج وإسبانيا، في 28 مايو الماضي، اعترفت بدولة فلسطين على أمل تسريع قرار وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على غزة، ولتشجيع الدول الأوروبية الأخرى على الانضمام إليها، ولكن وقف إطلاق النار ما زال بعيدًا، بل على العكس توجد مخاوف متزايدة من توسع العدوان الإسرائيلي إلى لبنان.

وأضاف ان سلوفينيا اعترفت بالدولة الفلسطينية، وحذت حذوها أرمينيا مع أنها ليست ضمن دول الاتحاد الأوروبي، لافتًا إلى أن الدول الأوروبية الكبرى، مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا وإيطاليا، لم تعترف بدولة فلسطين. كذلك، أدّى الاندفاع الأيرلندي والنرويجي والإسباني إلى خلاف سياسي مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تفضّل أن يأتي الاعتراف بعد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وذكر أن كل دولة اتخذت قرارها بالاعتراف بدولة فلسطين على خلفيّة محليّة، دون أن يكون هناك قاسم مشترك بين هذه الدول، ولا يوجد رابط سياسي مشترك بين الدول الثلاث حول قرار الاعتراف بدولة فلسطين، لافتًا إلى أن ما الرابط المشترك الوحيد بين هذه الدول يكمن في حكوماتها القائمة الآن والميّالة نحو اليسار.

ميول يسارية

أوضح بيرمان أن هذا يوضح النمط الذي تسير عليه الأمور في أوروبا، فالحكومات الائتلافية ذات الميول اليسارية تتشارك في المواقف الرمزية بشأن قضية الشرق الأوسط، ما يحرج الدول الأوروبية الأخرى ويصيب الدبلوماسية الأمريكية بالصداع، لافتًا إلى أن هذه الدول الـ3 لم تكن أول الدول الأوروبية التي تعترف بفلسطين.

وأضاف أنه في أعقاب إعلان منظمة التحرير الفلسطينية الاستقلال في عام 1988، تلت ذلك موجة من الاعترافات الدولية، بما في ذلك العديد من دول الكتلة السوفيتية، وكان ذلك سياقًا سياسيًّا مختلفًا تمامًا، لكن دول “أوروبا الجديدة”، مثل بولندا والمجر ورومانيا، ورثت الاعتراف بدولة فلسطين من ماضيها الشيوعي.

وفي عام 2014، اعترفت الحكومة اليسارية في السويد بفلسطين، لكن الحكومة المحافظة الحالية في ستوكهولم أعربت عن دعمها القوي للاحتلال الإسرائيلي، ولكن في حقبة ما بعد الحرب الباردة، وبصرف النظر عن الاستثناء السويدي، فإن الاعتراف الثلاثي الأخير يمثل حدثًا جديدًا.

إنفاق دفاعي منخفض

قال بيرمان إن الدول الـ3، من ناحية الجغرافيا والجيوسياسية، تقع في محيط أوروبا الغربية، فآيرلندا بعيدة عن الجبهة الشرقية المعرّضة للخطر في أوروبا، كما أن إسبانيا بعيدة كل البعد عن المواجهة في حرب أوكرانيا، أما النرويج فهي على الهامش الأوروبي، كونها تقع في أقصى أوروبا بالقرب من القطب الشمالي.

وأوضح أن ما يجمع بين هذه الدول بدقة أكثر، هو الإنفاق الدفاعي المنخفض، ففي حين حدد حلف شمال الأطلسي لكل الدول الأعضاء بتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الدفاع والأمن بحلول نهاية العام الجاري، لم تقترب إحدى هذه الدول من هذه النسبة، ففي عام 2023، كانت النرويج عند عتبة 1.67%، وإسبانيا عند 1.26%، وأيرلندا كذلك، رغم أنها ليست عضوًا في “الناتو”.

وأضاف أن سلوفينيا لم تتجاوز نسبة 1.35%، بينما أنفقت بولندا 3.9%، والولايات المتحدة 3.49%، والمملكة المتحدة 2.07%، ولذلك فمن الإنصاف القول إن هذه الدول التي سارعت للاعتراف بفلسطين لا تولي اهتمامًا كبيرًا لاحتياجاتها الأمنية الخاصة، ولذلك فليس من الغريب ألا تهتم بإسرائيل ومشكلاتها الخاصة.

تعميق الانقسامات

أوضح الكاتب ان الاعترافات غير التقليدية بفلسطين ساهمت في تعميق الانقسامات السياسية الداخلية الأوروبية، بما يخدم خصوم المنظومة الغربية، وفرضت صعوبة في التوصل إلى سياسة خارجية أوروبية موحّدة، كما أن نقص الاستثمار في الدفاع من جانب الدول الأوروبية من شأنه أن يفرض ضغوطًا على العلاقات مع الولايات المتحدة.

وأضاف أن الدول الـ3 التي اختارت الاعتراف بفلسطين لديها صورة ثقافية مزعجة تجاه اليهود بالمقارنة مع دول مماثلة، وكان من الممكن أن تكون نسبة معاداة السامية بهذه الدول مقارنة بجيرانها قد سهّلت اتخاذ قرار تقويض الدولة اليهودية على الساحة الدبلوماسية.

ربما يعجبك أيضا