حرب بايدن التقنية على الصين تنقلب ضده

محمد النحاس

استراتيجية "الحرب التقنية" على الصين التي اتبعتها إدارة بايدن لم تكن قاصرة فقط، بل أدت لنتائج عكسية.. فكيف ذلك؟


في أكتوبر 2022، أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن حربًا تقنية جديدة تستهدف تقليص وصول الصين إلى أشباه الموصلات المتقدمة والمعدات اللازمة لتصنيعها.

يأتي ذلك بهدف إبطاء تقدم الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي تعتبره الإدارة الأمريكية أحد الأصول الاستراتيجية الحيوية، ومع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لهذه الحرب التقنية، يبرز التساؤل عن مدى نجاح هذه الاستراتيجية.

جهود أمريكية 

من منظور وزيرة التجارة الأمريكية، جينا ريموندو، تبدو الأمور على ما يرام، وفي مقابلة أجرتها معها مجلة “فورين بوليسي”، أكدت ريموندو أنها تشارك عن كثب في إدارة هذه الحرب التقنية.

وأشارت إلى أنها تعمل بالتنسيق الوثيق مع وكالات الاستخبارات والجيش، حتى أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وصفها بـ”رفيقة المعركة”، وفق ما نقل مقال لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية في 29 أغسطس 2024.

الصين في قلب المنافسة 

مع ذلك، تواجه هذه الحرب التقنية انتقادات متزايدة، حيث يرى بعض المراقبين أن سياسة بايدن قد حفزت الصين على تسريع تطوير بنيتها التحتية لصناعة الرقائق. 

وفي هذا السياق، فاجأت شركة هواوي الصينية العالم العام الماضي بإنتاجها شريحة بحجم 7 نانومتر لهاتفها الذكي Mate 60، حسب ما نقل المقال. 

هواوي ترفع مستوى التحدي

 في الأسابيع الأخيرة، زادت هواوي من حدة المنافسة، حيث ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الشركة ستطرح قريبًا شريحة جديدة للذكاء الاصطناعي تسمى Ascend 910C، والتي يُقال إنها تنافس أقوى شريحة في السوق من شركة إنفيديا، وهي H100. 

وإذا كانت مزاعم هواوي صحيحة، فإن هذه الشريحة الجديدة ستتفوق بسهولة على النسخة المخففة من H100 (المعروفة بـH20) التي يسمح بايدن ببيعها للصين.

تخطي العقبات الأمريكية

تشير هذه التطورات إلى قدرة هواوي على التكيّف وتجاوز العقبات التي وضعتها الولايات المتحدة، ما يعكس نجاح الشركة في تطوير بدائل محلية للمنتجات الأمريكية. 

ويعزو الخبراء مثل بول تريولو من مجموعة “ألبرايت ستونبريدج” هذا التقدم إلى سياسة بايدن نفسها، حيث كانت الشركات الصينية تعتمد سابقًا على شراء الأدوات المتقدمة من الموردين الأمريكيين واليابانيين والهولنديين، ما قلل من دافعها لتطوير قدراتها الذاتية. 

ولكن مع بدء الحرب التقنية، بدأت مئات الشركات الصينية في تنسيق جهودها لتعزيز قدراتها المحلية، بفضل دور هواوي المحوري في هذا التحول.

تداعيات وتحديات 

رغم ذلك، يشير تريولو إلى أن البنية التحتية لصناعة الرقائق في الصين لم تتعافَ بشكل كامل من تأثيرات سياسة بايدن، ورغم أن القيود الأمريكية كانت ناجحة جزئيًا، إلا أنها أدت أيضًا إلى تحفيز الصناعة الصينية لمحاولة التغلب على هذه العوائق.

 من جانب آخر، تسببت سياسة بايدن في توترات مع حلفاء الولايات المتحدة الذين تأثرت شركاتهم التكنولوجية بهذه السياسة، كما زادت من خطر نشوب حرب بين الصين وتايوان، حيث أن حظر تصدير الرقائق المتقدمة من شركة TSMC في تايوان إلى الصين قد يجعل بكين أقل ترددًا في الإقدام على هذه الخطوة.

وجراء سياسة بايدن، تعقدت إمكانية إجراء حوار بنّاء مع الصين بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي.

ربما يعجبك أيضا