“حروب ترامب” تلقي بظلالها على قمة العشرين

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

بدأت مدينة أوساكا اليابانية مساء أمس وصباح اليوم الخميس، مراسم استقبال زعماء العالم المشاركين في قمة مجموعة العشرين، الرامية إلى خلق حالة عالمية من التوافق الاقتصادي حول عدد من القضايا الهامة لدعم استقرار الاقتصاد العالمي، أول الواصلين ولعله أبرزهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تتجه إليه الأنظار في ترقب لما قد يحدثه من جدل جديد سواء فيما يتعلق بحروبه التجارية أو بالملف النووي الإيراني.

القمة التي ينتظر أن تنقاش قضايا التنمية المستدامة، والنمو الاقتصادي، وحرية التجارة، ستطرق أيضا إلى العديد من الملفات الشائكة مثل مكافحة الإرهاب والتغيير المناخي، ولعل الأهم من جدول أعمال القمة، الاجتماعات الثنائية التي ستعقد على هامشها، فترامب وحده من المنتظر أن يعقد محادثات ثنائية مع كل من الرئيس الصيني تشي جين ينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت ماريسون، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.
 
تأتي القمة في وقت تواجه فيه دول مجموعة العشرين تحديات تتعلق بحروب ترامب التجارية، وتحديدا حربه مع الصين، والتي تلقي بظلالها على حركة الاقتصاد العالمي، ومنذ يومين حذرت منظمة التجارة العالمية من زيادة القيود التجارية، وقال روبرتو أزيفيدو مدير المنظمة: هناك زيادة حادة في حجم ومدى الإجراءات المقيدة للتجارة على مدار العام المنصرم، وستكون لهذا الأمر عواقب تتمثل في تراجع الثقة والاستثمار، وتباطؤ نمو التجارة العالمية، وهناك حاجة ملحة لدور قيادي من مجموعة العشرين، في هذا المجال.

 كما تتزامن القمة مع تصاعد التوتر الأمريكي الإيراني، على خلفية انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع في 2015 العام الماضي وفرض سلسلة عقوبات مقوضة للاقتصاد الإيراني تحديدا قطاع النفط، طهران من جانبها هددت مؤخرا بتجاوز سقف مخزون اليورانيوم المحدد في الاتفاق النووي، وقامت بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة، الأمر الذي كان سيجعلها عرضة لضربة جوية أمريكية كانت وشيكة، إلا أن ترامب تراجع عنها في اللحظات الأخيرة.

 مبارزة ترامب – شي
 
القمة التي ستبدأ، غدًا الجمعة، وستستمر أعمالها يومين، سيكون الحدث الأكثر ترقبا هو الاجتماع الذي سيعقده ترامب مع نظيره الصيني السبت، إذ يتنتظر البعض أن يحدث خرقا إيجابيا فيما يتعلق بالحرب التجارية المستمرة منذ نحو 11 شهرًا، بسبب التعنت الأمريكي، إذ يهدد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على الوارادات الصينية تبلغ نحو 300 مليار دولار.

لكن الآمال تعززت اليوم، بعد أن تحدثت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، أن واشنطن وبكين تصوغان اتفاقا سيساهم في تجنب الجولة المقبلة من الرسوم الجمركية، وإن تفاصيل الاتفاق يجري صياغتها في صورة بيانات صحفية وستصدر على هيئة بيان مشترك.

يأتي هذا عقب تصريح مقتضب لوزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين أمس، جاء فيه: إن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين اكتمل بنسبة نحو 90 %.

كان الزعيمان التقيا آخر مرة في قمة مجموعة العشرين  2018 في بوينس آيرس، وأتفقا على هدنة لمدة 90 يومًا للحرب التجارية بين البلدين، وإطلاق مفاوضات سريعا ما تعثرت، إذ بدأ الصبر الصين ينفذ، في أعقاب استهداف الإدارة الأمريكية للعملاقة “هواوي”، ووضعها على قائمة سوداء مع أربع شركات تكنولوجيا صينية أخرى، بشكل يمنع وصولهم إلى الأسواق الأمريكية، ما دفع بكين لفرض رسوم عقابية على بعض المنتجات الأمريكية وزيادة القيود على الشركات الأمريكية العاملة في الصين.

وحذر صندوق النقد الدولي وآخرون من أن التوترات التجارية بين أمريكا والصين هي من بين أكبر الأخطار التي تهدد الاقتصاد العالمي.. الآن مع تباطؤ الاقتصاد الصيني، وتدشين ترامب لحملته الانتخابية للسباق الرئاسي 2020، كل الزعمين ليس في حاجة إلى استمرار الحرب التجارية لفترة أطول.

ومن شأن الإعلان عن هدنة أمريكية – صينية، أن يبعث الهدوء في أروقة القمة، والأسواق العالمية، على حد سواء.

طهران – واشنطن
قضية أخرى ستسلط عليها أضواء القمة، هي التوتر الإيراني الأمريكي، إذ يأمل الأعضاء الأوروبيون ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مع روسيا والصين في الحفاظ على الاتفاق النووي من الانهيار وتقويض أي فرصة لاندلاع حرب جديدة، في حين يتطلع ترامب إلى حشد الحلفاء ضد طهران.
 
ومن غير المتوقع أن تسهم القمة في تهدئة الأجواء بين طهران وواشنطن، لاسيما مع استمرار النهج العدواني لإيران وإصرارها على تهديد إمدادات النفط في الخليج، وأمن دول الجوار، بما فيهم “السعودية” وهي عضو بـ”G20″، لكن من المحتمل أن ينجح  الحلفاء الأوروبيون في الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني من الانهيار عبر التوصل إلى صفقة ما مع واشنطن لمنح استثناءات لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني “الشريان الرئيس للاقتصاد”، لا سيما بعد الحزمة الأخيرة هذا الأسبوع التي طالت المرشد الإيراني خامنئي.

 تحديات البيان الختامي
فيما يتعلق بالبيان الختامي للقمة، يقول جون كيرتون مؤسس مجموعة أبحاث G20 لـ”بي بي سي”: إن جزءًا من اهتمامات مجموعة العشرين هو “مقاومة الحمائية”، لذا من المتوقع أن تقدم تعهدات تتعلق بتعزيز التجارة الحرة حول العالم، حتى وإن لم تتطرق صراحة إلى مقاومة النزعة الحمائية، على غرار ما حدث العام الماضي، بضغط من ترامب الذي يرى في “السياسات الحمائية” خط دفاع أساسي عن شعاره “أمريكا أولا”.

وأضاف من المتوقع أن يتضمن البيان دعوة لإصلاح النظام المالي الدولي، انطلاقا من حقيقة أن “G20” تأسست عام 1976في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية، لخدمةهدف أساسي هو استقرار النظام المالي الدولي، فعندما تكون هناك أزمة عملة في جزء كبير من جنوب شرق آسيا، يكون هناك خطر عدوى يهدد باقي العالم.

إلى ذلك من المحتمل أن تحظى القضايا البيئية بقدر كبير من الاهتمام في اجتماعات المجموعة، وبحيز من البيان الختامي، فبصفتها رئيس القمة، تأمل اليابان في الحصول على اتفاق من أعضاء مجموعة العشرين بشأن الحد من مشكلة النفايات البلاستيكية، فبحسب الأمم المتحدة هناك حوالي 300 مليون طن من النفايات البلاستيكية يتم إنتاجها كل عام، وينتهي مصير 8 ملايين طن منها في مياه المحيطات، بشكل يهدد الحياة البحرية.

ويتوقع أن تحاول اليابان الحصول على التزامات صارمة من الدول الأعضاء فيما يتعلق بالعمل على تقليل النفايات البلاستيكية إلى حد الصفر في مياه المحيطات.

ربما يعجبك أيضا