حسابات معقدة.. إيران تتجنب التدخل بصراع إسرائيل وحزب الله

لماذا تترك إيران حزب الله وحده في مواجهة إسرائيل؟

أحمد عبد الحفيظ

يعد تنظيم حزب الله اللبناني أبرز وكلاء إيران في المنطقة، إذ ساعدته على مدار عقود أن يكون قوة عسكرية مؤثرة في الشرق الأوسط.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقرير نشرته الأربعاء 25 سبتمبر 2024، رغم هذه العلاقة الوثيقة، فإن إيران تجنبت في بعض الأحيان تقديم دعم عسكري مباشر لحزب الله في صراعاته مع إسرائيل خاصة الأخير، خوفًا من رد فعل يهز صورتها في المنطقة.

العوامل الجغرافية والسياسية

واحدة من العوامل الرئيسة التي تدفع إيران إلى تجنب التدخل المباشر هي الجغرافيا، إيران بعيدة جغرافيًا عن الحدود الإسرائيلية، وهو ما يجعل من الصعب على طهران التدخل العسكري المباشر دون اللجوء إلى وسطاء أو استخدام قوات غير نظامية مثل حزب الله أو الحركات الفلسطينية.

علاوة على ذلك، تعتمد إيران على سوريا كممر رئيس لتوصيل الأسلحة والدعم اللوجستي لحزب الله، ما يعني أن أي تدهور في العلاقات مع سوريا قد يحد من قدرتها على مساندة الحزب.

الضغوط الدولية

الضغط الدولي يشكل عاملًا مهمًا في قرار إيران تجنب التدخل المباشر، إيران تواجه ضغوطًا من الولايات المتحدة والدول الأوروبية بشأن برنامجها النووي وأدوارها الإقليمية.

لذا فإن الانخراط المباشر في حرب ضد إسرائيل قد يزيد من هذه الضغوط ويؤدي إلى تصعيد العقوبات الدولية عليها، كما أن إيران تدرك أن مساعدة حزب الله بشكل علني ومباشر قد يثير المجتمع الدولي، ويضعها في مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل، وهو ما قد يكون مكلفًا لها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

التوازن الإقليمي

إيران تميل إلى استخدام أسلوب “الحرب بالوكالة” في كثير من النزاعات الإقليمية، في حالة حزب الله، تتجنب إيران التدخل المباشر للحفاظ على نوع من التوازن في المنطقة.

الحرب المفتوحة قد تؤدي إلى تحالفات جديدة بين دول المنطقة ضد إيران، وبدلًا من ذلك، تفضل طهران دعم حزب الله من خلال تقديم مساعدات غير مباشرة تشمل التدريب العسكري، التمويل، والأسلحة التي يتم تهريبها بطرق سرية.

مخاطر التصعيد

التدخل العسكري المباشر قد يؤدي إلى تصعيد كبير في الصراع، ليس فقط بين إيران وإسرائيل، ولكن قد يمتد ليشمل المنطقة بأسرها.

طهران تدرك أن أي تدخل كبير سيؤدي إلى توجيه ضربات إسرائيلية على الأراضي الإيرانية، وربما دخول الولايات المتحدة أو حلفاء آخرين في الصراع، ما سيشكل تهديدًا خطيرًا لاستقرار النظام الإيراني.

الأولويات الداخلية

من بين العوامل التي تدفع إيران إلى الحذر في التدخل هو التركيز على القضايا الداخلية، الوضع الاقتصادي في إيران هش بسبب العقوبات الدولية، ومعدلات البطالة العالية والتضخم المتزايد.

الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل قد يستنزف الموارد الإيرانية التي تحتاجها لتحسين الوضع الداخلي وتلبية احتياجات الشعب، لذلك، تراعي القيادة الإيرانية ضرورة التركيز على القضايا الداخلية لتجنب أي اضطراب سياسي داخلي.

الرسائل السياسية

من خلال عدم تقديم دعم علني ومباشر لحزب الله في مواجهاته مع إسرائيل، تبعث إيران رسائل سياسية مزدوجة.

من ناحية، تستمر في دعم الحزب بما يكفي للحفاظ على قوته ونفوذه في لبنان، ومن ناحية أخرى، تجنبت الدخول في مواجهة مباشرة، ما يسمح لها بمواصلة المناورة على الساحة الدولية.

الاستفادة من العداء

إيران تستفيد من العداء المستمر بين حزب الله وإسرائيل دون الحاجة إلى تدخل مباشر، وهذا العداء يساعدها في الحفاظ على نفوذها بالمنطقة، ويصرف الانتباه عن بعض القضايا التي تواجهها.

كما أن استمرارية الصراع بدون تدخل إيراني مباشر يسمح لطهران بإبقاء إسرائيل في حالة استنزاف نسبي، دون أن تتحمل هي تكلفة الصراع المباشر.

ربما يعجبك أيضا