حصاد القمح.. موسم خير وبهجة ومنحة إلهية للفراعنة

شيرين صبحي

موسم حصاد القمح طقس ضارب في القدم يعود لزمن الفراعنة، موسم فرحة وبهجة تعوض ما بذل من جهد وتعب خلال زراعته.


أعطى الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح أمس الخميس، الإشارة ببدء موسم حصاد القمح بتوشكى بمحافظة أسوان، فما هو موسم حصاد القمح وما أهم طقوسه؟

يعد مشروع توشكى الأكبر من نوعه في قطاع الاستصلاح الزراعي في الشرق الأوسط، وأحد المشروعات القومية العملاقة التي نجحت الدولة في إعادة الحياة لها بحل كل المشكلات التي كانت تعوق المشروع عن تحقيق مستهدفاته، وسد الفجوة الكبيرة في إنتاج القمح والتي تعوضها مصر بالاستيراد من الخارج.

الانتاجية المستهدفة

قال اللواء أركان حرب وليد حسين أبو المجد، مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية: “نحن اليوم نحصد ما غرزته أيدينا في بداية موسم الحصاد لهذه السلعة الاستراتيجية التي تحظى بعناية كبيرة وأهمية قصوى لدى مصر، التي خطت خطوات كبيرة نحو العمل على زيادة المساحات المنزرعة بها والاعتماد على ما تخرجه لنا أرض مصر الطيبة من نواتج هذا المحصول الاستراتيجي”.

وأوضح أنه 220 ألف فدان من محصول القمح زرعت في كل من توشكى والعوينات والفرافرة وعين دالة بإجمالي إنتاجية مستهدفة تصل إلى 550 ألف طن، وتخزن بصوامع وزارة التموين والتجارة الداخلية وشركة سايو فودز.

مصر تتطلع إلى زراعة 530 ألف فدان

تتطلع مصر خلال العام الجاري والعام المقبل إلى استصلاح وزراعة 530 ألف فدان إضافية ضمن المرحلتين الثانية والثالثة من مشروع توشكى، ليصبح الإجمالي 750 ألف فدان بمتوسط إنتاجية 2 مليون طن، وذلك طبقا لأقصى مقنن مائي بالمنطقة.

وتطمح مصر في المستقبل القريب إلى إضافة 400 ألف فدان بمنطقة الضبعة ضمن مشروع الدلتا الجديدة، ليصبح الإجمالي العام 1.2 مليون فدان بإجمالي إنتاجية مستهدفة 3 ملايين طن قمح.

احتفال يعود للفراعنة

elbashayer 2020 11 25 848516

القمح

منذ قديم الزمان، يحظى موسم حصاد القمح الذي يعود إلى عهد الفراعنة باهتمام كبير، إذ تبدأ زراعة القمح في نهاية العام، ويأت حصاده في شهر إبريل من العام التالي. يبدأ موسم الحصاد بضم “الغلة” وتترك حتى تجف ما يقرب من أسبوع إلى 10 أيام، لأنها لا تجف تمامًا وهي لا تزال في الأرض مهما بدت سنابلها صفراء، حسب قول المزارع عادل السيد لـ”شبكة رؤية الإخبارية”.

وبعد أن تجف يقومون بتربيطها في أكوام، وبعدها تبدأ مرحلة الدراس بآلات الدراسة الحديثة، التي تفصل القمح عن التبن، وهو ما يستخدمه الفلاح لاحقًا علفًا للبهائم. ينتهي موسم الحصاد بأكمله فيما يقرب من أسبوعين -يضيف السيد- وتجمع حبوب القمح في أجولة لتخزينها حتى تطحن لاحقًا للحصول على الدقيق الذي يستخدم في صناعة الخبز.

طقوس الفراعنة في الحصاد

كان حصاد القمح من الأشياء المهمة والمقدسة في مصر القديمة، التي ارتبطت بطقوس خاصة يشرف عليها الملك بنفسه، في حضرة الآلهة التي كانوا يعبدونها، وأهمها المعبود “مين” رب الخصوبة.

كان القدماء يحتفلون بهذا الإله في كل معابده، حسب قول الأثري محمد حسن جابر، نقلا عن صحيفة “الأهرام“، ويحمل الكهنة تمثاله على أعمدة، وتتبعهم مجموعة أخرى صغيرة من الكهنة تحمل معها لفائف الخس، وهو النبات المقدس للإله “مين”.

الفرعون يشارك في الاحتفالات

2016 635998059659196411 919

حصاد القمح عند الفراعنة

وفي الموكب يقتادون ثورًا أبيضًا، بينما تماثيل الملك ورموز الآلهة ترفع على الساريات، وعندما يعتلي الملك عرشه، فإن سنبلة قمح كانت تقطع للإله، وتطلق 4 طيور لأركان المعمورة حاملة الإعلانات المكتوبة عن العيد، ويشارك فيها الفرعون الذي يقدم حزمة من باكورة القمح في هذا الموسم.

ولحصاد القمح معبودة خاصة تدعى “رنينوت” برأس ثعبان، لما للثعبان من فضل في قتل الفئران، التي تضر بالمحصول. وكان صاحب كل حقل يشرف على حقله، ويحضر عمليه الحصاد، وفصل البذور عن السنابل بعد الهرس.

منحة إلهية

يعد القمح والشعير من أول النباتات التي غرسها المصري القديم، معتبرًا الزراعة باليدين منحة إلهية من الإله أوزوريس، الذي عدُّوه إله الخصب والنماء، وكان عادة ما يرمز له باللون الأخضر.

كان الملك بنفسه يحضر الحصاد بوصفه الكاهن الأكبر لجميع المعابد المصرية، مستخدمًا منجلًا ذهبيًا، ووجد منظر للملك رمسيس الثالث في معبد مدينة هابو يشرح ذلك، وكان عيد الحصاد يشهد حضوره العامة، وفقًا للباحث الأثري حسن عوض، نقلًا عن موقع “أخبارك“.

مراحل الحصاد

image 32

حصاد القمح

تتمثل أولى مراحل الحصاد في تقطيع المحصول باستخدام المناجل، وفيها يقف المزارعون في مجموعات متجاورة، حسبما ذكر عالم الآثار المصري الدكتور عبد الحليم نور الدين، في بحث نشرته مكتبة الاسكندرية.

بعد ذلك تأتي مرحلة الدرس، وفيها يستخدم الإبل والثيران للسير على النبات من أجل فصل البذور عن السنابل. ووجد في مقبرة باحري أغنية تقول: “ادرسِ أيتها الثيران، فالتبن سيكون علفًا لك، والحب من نصيب أسيادك”.

التذرية والغربلة والتخزين

تأتي مرحلة التذرية، التي تجرى لتخليص الحبوب من القش، وعادة ما كانت تؤديها النساء باستخدام بعض الأدوات الخشبية، وكانت عادة تحدث في الهواء، فكانت النساء تغرفن كمية من المحصول وترفعه لأعلى، فتأخذ الرياح القش لأنه أخف من الغلال وتبقى الغلال وحدها نظيفة.

وتشبه مرحلة الغربلة إلى حد كبير الطريقة المستخدمة حاليًا باستخدام الغرابيل، وهي آخر عمليات تنقية المحصول من القشرة الخفيفة، بتحريك الغلال إلى أعلى لتحمل الرياح القشرة الخفيفة بعيدًا. وأخيرًا مرحلة التخزين، وفيها توضع الغلال في صوامع مخصصة مخروطية الشكل، ويزيد ارتفاعها قليلًا عن طول الشخص الواقف، لسهولة رفع الغلال، وكان لها فتحه صغيرة في الأعلى. ويصاحب عملية التخزين تسجيل الكتاب المختصين بتدوين الكميات المخزنة.

ربما يعجبك أيضا