حصاد 2022| «الهندوباسيفيك» بين حضور أمريكي مكثف وعداء صيني متنامي

شهت منطقة المحيطين الهندي والهادئ (الهندوباسيفيك)، توترات جيوسياسية أشعل فتيلها تصعيد أمريكي صيني غير مسبوق بشأن تايوان.

وحذر نائب رئيس الوزراء السنغافوري، لورانس وونج، من حرب “غير محسوبة العواقب” على خلفية تلك التوترات، بينما عززت الولايات المتحدة علاقاتها الاقتصادية مع دول الهندوباسيفيك الغنية بالموارد في مواجهة النفوذ الصيني المتصاعد.

ملامح الاستراتيجية الأمريكية للهندوباسيفيك

الرئيس الأمريكي جو بايدن

في 11 فبراير 2022، أطلق البيت الأبيض استراتيجية أمريكية جديدة لمنطقة الهندوباسيفيك، تنطلق من التزام اولايات المتحدة بتشكيل منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة وآمنة وقابلة للتكيف.

وبحسب موقع الحكومة الأمريكية، تنطوي الاستراتيجية على 5 أهداف رئيسة، ممثلة في الحفاظ على منطقة الهندوباسيفيك حرة ومفتوحة ومتقدمة، وتشبيك الروابط مع الحلفاء داخلها وخارجها، وتعزيز  الردع العسكري والأمن الإقليمي، وبناء قدرة إقليمية على الصمود أمام التهديدات العابرة للحدود.

مبادرة اقتصادية أمريكية للهندوباسيفيك

الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال زيارة إلى العاصمة اليابانية طوكيو في مايو 2022،

أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال زيارة إلى العاصمة اليابانية طوكيو في مايو 2022، مبادرة تجارية مع 12 دولة في الهندوباسيفيك، تعرف باسم “الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي”.

وتهدف هذه المبادرة، بحسب شبكة “فرانس 24“، إلى تقديم بدائل اقتصادية عن الصين لحلفاء الولايات المتحدة، من أجل الحد من نفوذها التجاري الآخذ في التصاعد بالمنطقة. فيما انتقدتها بكين معتبرة إياها “محاولة لتشكيل تكتلات صغيرة باسم الحرية والانفتاح”.

«حوار شانجريلا» بسنغافورة

في الفترة من 10 إلى 12 يونيو 2022، انعقدت النسخة 19 من قمة أمن آسيا المعروفة بـ “حوار شانجريلا” السنوي في سنغافورة، بمشاركة 42 دولة، مع تصاعد التوترات في منطقة الهندوباسيفيك، تزامنًا مع اتهامات صينية وأسترالية وكندية متبادلة بشأن مواجهات فوق بحر الصين الجنوبي.

وبحث “حوار شانجريلا” قضايا رئيسة عكست التهديدات والمشكلات الأمنية القائمة في الهندوباسيفيك، بما في ذلك رغبة الولايات المتحدة في احتواء التوترات مع الصين، وتصاعد قلق اليابان بشأن التدريبات الصينية الروسية المشتركة، وسط اتهامات كندية لبكين بإظهار سلوك عدواني تجاه طائراتها الدورية.

اجتماع عسكري إقليمي في اليابان

اجتماع عسكري إقليمي في اليابان

في 17 يونيو 2022، احتضنت اليابان اجتماعًا لقادة عسكريين من 18 دولة، بينها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والفلبين، فيما دعيت تايوان إلى المشاركة في اجتماع “قادة القوات البرمائية في الباسيفيك 2022” الرامي إلى احتواء الصين.

وجاء الاجتماع الذي استضافته اليابان للمرة الأولى، في وقت تتطلع فيه طوكيو إلى ممارسة دور أمني أكبر إقليميًا لمواجهة الصين وكوريا الشمالية وروسيا، موجة انتقادات لجيرانها لتجاهلهم الأعراف الدولية،

أولوية استراتيجية أمريكية.. و«نشاط صيني عدواني»

بمؤتمر صحفي استضافته مدينة سيدني الأسترالية في يوليو 2022، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، إن “النشاط العسكري الصيني في الهندوباسيفيك بات أكثر عدوانية مما كان عليه في الأعوام السابقة”.

وأشار الجنرال الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تعزز تركيزها على الهندوباسيفيك، بما في ذلك بحر الصين الجنوبي، ذلك الممر الاستراتيجي الذي تمر عبره نحو 5 تريليونات دولار من التجارة العالمية سنويًا، موضحًا أن تلك المنطقة تمثل أولوية استراتيجية للأمن القومي الأمريكي.

تدريبات بالذخيرة الحية لـ «ردع نفوذ بكين»

تدريبات بالذخيرة الحية لـ ردع نفوذ بكين

بمشاركة أكثر من 5 آلاف جندي من الولايات المتحدة وإندونيسيا وأستراليا واليابان وسنغافورة، استضافت جزيرة سومطرة تدريبات مشتركة بالذخيرة الحية يوم 12 أغسطس 2022، للحد من النفوذ العسكري والدبلوماسي الصيني المتنامي في الهندوباسيفيك، التي تضم 7 من أضخم الجيوش العالمية.

وفيما اتهم إعلام حكومي صيني الولايات المتحدة ببناء تحالف في الهندوباسيفيك، مواز لحلف شمال الأطلنطي (ناتو)، اعتبرت الصين أن التدريبات التي أطلق عليها اسم “سوبر جارودا شيلد” بمثابة “تهديد”، بينما قال قائد القوات الأمريكية بالهندوباسيفيك إنها تمثل اتحادًا في مواجهة تنامي نفوذ بكين بالمنطقة.

مناورات «ريمباك 2022».. أكبر تدريب بحري دولي عالميًا

أكبر تدريب بحري دولي عالميًا

مع اشتعال منطقة الهندوباسيفيك، أجري أكبر تدريب بحري دولي في العالم بأغسطس 2022، في إطار النسخة 28 من مناورات حافة المحيط الهادئ، المعروفة باسم “ريمباك“، بمشاركة غير مسبوقة لخفر السواحل الأمريكي.

وبينما أصر القادة الأمريكيون على أن مناورات “ريمباك” ليست موجهة ضد أي دولة، يعتقد أنها مدفوعة إلى حد كبير بالقدرات البحرية المتنامية للصين، وتعكس جهود الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها لمواجهتها في ظل شعور بمنافسة بحرية متنامية مع بكين.

شراكة أمريكية تاريخية مع دول «الهادئ»

شراكة أمريكية تاريخية مع دول المحيط الهادئ

في سبتمبر 2022، أعلنت الولايات المتحدة شراكة وصفتها بالتاريخية مع دول جزر المحيط الهادئ، في قمة غير مسبوقة استضافتها واشنطن ليومين، تعهد خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن بالمساعدة في درء العداء الاقتصادي الصيني، واعدًا بالعمل بجدية أكبر مع حلفاء واشنطن وشركائها.

كما أعلن بايدن خلال القمة ذاتها تخصيص صندوق مساعدات جديد بـ 810 ملايين دولار للمحيط الهادئ، 600 مليون دولار منها في شكل حزمة مساعدات مدتها 10 أعوام. وقال شيد البيت الأبيض إن تلك المنطقة تمثل صوتًا حيويًا في تعزيز مستقبل الولايات المتحدة.

تعزيز تعاون أمريكا وأستراليا واليابان

تعزيز تعاون أمريكا وأستراليا واليابان

خلال محادثات في هاواي بأكتوبر 2022، تعهد وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا واليابان بتعزيز التعاون العسكري، في مواجهة “عدوانية الصين ونزعتها إلى البلطجة في مضيق تايوان وأماكن أخرى بالمنطقة”، تحقيقًا لمبادرة الهندوباسيفيك منطقة حرة ومفتوحة.

وشدد الوزراء الثلاثة على دعم بلادهم للنظام العالمي الذي بات مهددًا بمنطقة الهندوباسيفيك، فيما سافرت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، إلى اليابان وكوريا الجنوبية، محذرة من أن الولايات المتحدة سترد على تهديدات الصين، من دون خوف أو تردد في أنحاء آسيا، بما في ذلك مضيق تايوان.

حرب «إكراه صيني»

اجتماع لمسؤولين من أمريكا واليابان والفلبين

انتقد نائب رئيس البعثة الأمريكية لدى اليابان ما وصفه بالإجراءات البحرية العدائية المتزايدة للصين، باعتبارها تهديدًا لسلامة الممرات المائية في الهندوباسيفيك. وبمؤتمر صحفي قبل اجتماع لمسؤولين من أمريكا واليابان والفلبين في سبتمر 2022، قال رايموند جرين إن بكين تستخف بالقانون الدولي.

وشدد الدبلوماسي الأمريكي على عدم السماح لأي دولة بالهيمنة على مياه الهندوباسيفيك “بالإكراه والترهيب الصريح”، في إشارة إلى عسكرة بكين لبحر الصين الشرقي والجنوبي، ومضايقة سفن خفر السواحل والصيد الأجنبية، بجانب استنزاف الموارد البحرية والبيئية.

زيارات «غير عادية»

وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن يصافح الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور

أجرى مسؤولون أمريكيون كبار زيارات غير عادية إلى منطقة الهندوباسيفيك في محاولة لكبح جماح “الاستفزازات” الصينية، بما في ذلك وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، الذي زار العاصمة التايلندية بانكوك في يونيو الماضي، في إطار تعزيز التعاون مع الدول الحليفة بتلك المنطقة.

كما زار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، العاصمة الفلبينية مانيلا في أغسطس 2022، مجددًا التزام الولايات المتحدة بتعزيز تحالفها العسكري في آسيا لمواجهة التوترات المتصاعدة، وذلك في مباحثات أجراها مع الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس جونيور.

شراكة أمريكية مع «آسيان».. وحياد آسيوي

شراكة أمريكية مع آسيان

في قمة احتضنتها كمبوديها بنوفمبر 2022، شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن على عمق الشراكة الأمريكية مع دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، باعتبارها قلب الاستراتيجية الأمريكية في الهندوباسيفيك، معلنًا “خطوة حاسمة جديد” نحو البناء على تقدم الرابطة.

ومن جهتهم، أبدى قادة “آسيان” حرصهم على علاقاتهم القوية مع بكين، في وقت يبذلون فيه قصارى جهدهم لإرضاء واشنطن. وفي بيان مشترك مع الصين، كررت كمبوديا دعمها لـ “سياسة صين واحدة”، بما في ذلك معارضة استقلال تايوان.