حصاد 2022| كيف أثرت قرارات «أوبك+» في العلاقات السعودية الأمريكية

إسراء عبدالمطلب
السعودية و الولايات المتحدة أوبك

يصر المسؤولون السعوديون على أن المملكة يجب أن تضع مصالحها الاقتصادية قبل الاعتبارات السياسية المتعلقة بالسياسة الداخلية الأمريكية.


خاضت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) عامًا مليئًا بالتحديات والصعاب، محاولة الحفاظ على هدفها الأبرز وهو استقرار أسواق النفط وكذلك استقرار الاقتصاد العالمي.

وأعلن تحالف “أوبك+“، في 5 أكتوبر 2022، خفض سقف إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، بدءًا من شهر نوفمبر الماضي وحتى ديسمبر 2023، ما يُعدّ أكبر خفض للإنتاج منذ تفشّي كورونا،

 

أوبك

أوبك

قرار «أوبك+» بخفض الإنتاج

أفاد إعلان “أوبك+” بتمديد “إعلان التعاون” حتى نهاية 2023، على أن تعقد الاجتماعات الوزارية كل 6 أشهر، وأعلنت المجموعة، التي تضم السعودية وروسيا، خفض الإنتاج بعد اجتماعها الأول شخصيًّا منذ مارس 2020، ويعادل التخفيض نحو 2% من الطلب العالمي على النفط.

وقال بيان المجموعة إن القرار يأتي في ضوء عدم اليقين الذي يحيط بآفاق الاقتصاد العالمي وسوق النفط، والحاجة لتعزيز التوجيه طويل المدى لسوق النفط، وقالت شبكة “سي إن إن” الأمريكية إن هذه الخطوة هددت بدفع أسعار البنزين للأعلى قبل أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي الأمريكية.

غضب واشنطن

أثار قرار “أوبك+” حالة غير مسبوقة من الهلع والغضب في واشنطن، وأجرت وزارتا الخارجية والطاقة الأمريكيتان اتصالات مكثفة مع مسؤولين في الدول الأعضاء بمنظمة “أوبك”، لحثهم على التصويت ضد خفض إنتاج النفط، إلا أن اجتماع “أوبك+” جاء عكس رغبة حكومة الولايات المتحدة.

ووصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، القرار بأنه ازدراء له، يعد أن زار المملكة العربية السعودية، يوليو 2022، في محاولة لإقناعها بضخ المزيد من النفط في الأسواق، وبالفعل وجدت مناشدته آنذاك تجاوبًا من المسؤولين السعوديين، وأعلنت الرياض زيادة الإنتاج، وإن كان حجمها أقل بكثير مما طلبته الولايات المتحدة، وفق ما ذكره تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

أسباب الغضب

جاء قرار خفض الإنتاج في توقيت حرج بالنسبة إلى إدارة بايدن، قبل شهر تقريبًا من موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، وخشي بايدن أن يتسبب هذا القرار في ارتفاع أسعار البنزين والغاز، وأن يستغلها خصومه الجمهوريون كإثبات على فشل سياساته الاقتصادية، ومن ثم التأثير في توجهات الناخب الأمريكي يوم الاقتراع.

وجاء الرد الأمريكي في بيان على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، ومدير المجلس الاقتصادي بالبيت الأبيض، براين ديس، عبرا فيه عن خيبة أمل الرئيس بايدن من القرار، واصفًا إياه بأنه “قصير النظر”، خصوصًا أن الاقتصاد العالمي يعاني من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

مصير العلاقات الأمريكية السعودية

جاء في تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” أن الولايات المتحدة قد ترى في قرار “أوبك+” خفض إنتاجها النفطي “عملًا عدائيًّا”، وقد تتخذ إجراءات غير مسبوقة ضد السعودية لتقليص نفوذها في السوق النفطية، وفي رأي واشنطن ستكون روسيا أكبر المستفيدين من خطوة خفض حجم الإنتاج لأن الخفض سيؤدي إلى رفع سعر البرميل.

وطرح النائب الأمريكي الديمقراطي، توم مالينوفسكي، مشروع قانون في مجلس النواب يطالب إدارة بايدن بسحب أنظمة الدفاع ضد الصواريخ و3 آلاف جندي، هم قوام القوات الأمريكية من السعودية والإمارات، وقال مالينوفسكي: “حان الوقت لكي تستأنف الولايات المتحدة دورها دولة عظمى في علاقتها بزبائنها في الخليج.”

رفض سعودي للاتهامات الأمريكية

رفضت الخارجية السعودية “عدَّ قرار أوبك+ مبنيًّا على دوافع سياسية”، وقالت إن التصريحات الأمريكية لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد على محاولة تصوير القرار خارج إطاره الاقتصادي البحت. وأضافت، في بيان، أن “المملكة أوضحت، خلال تشاورها مع الإدارة الأمريكية، أن تأجيل قرار خفض الإنتاج شهرًا، حسب ما جرى اقتراحه، سيكون له تبعات اقتصادية سلبية”.

وأوضح بيان الخارجية السعودية أن مخرجات اجتماعات “أوبك+” تكون عبر التوافق الجماعي من الدول الأعضاء ولا تنفرد فيه دولة دون باقي الدول الأعضاء، ومن منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية، ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

مصلحة المملكة أولًا

يصر المسؤولون السعوديون على أن المملكة يجب أن تضع مصالحها الاقتصادية قبل الاعتبارات السياسية المتعلقة بالسياسة الداخلية الأمريكية. وقال وزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، يوم 5 أكتوبر 2022: “نحن معنيون أولًا وقبل كل شيء بمصالح المملكة العربية السعودية”.

وأوضح الأمير أن المنظمة بحاجة إلى أن تكون استباقية مع تحرك البنوك المركزية في الغرب لمعالجة التضخم برفع أسعار الفائدة، وهي خطوة قد تزيد احتمالات حدوث ركود عالمي، ما قد يخفض بدوره الطلب على النفط، ويدفع سعره للانخفاض، مضيفًا “سنظهر لكم الآن وحتى في مرحلة لاحقة بأن الأمر حدث من منطلق اهتمامنا بالتزاماتنا التي قطعناها”.

تجنب انهيار الأسعار

قالت الخبيرة الاقتصادية بمجلة “فوربس” الأمريكية، والزميلة الأولى غير المقيمة في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، إيلين والد، في تصريحات لـ”سي إن إن، “إن هذا الخفض يبدو إجراءً استباقيًّا على أمل تجنب انهيار الأسعار الذي يتطلب خفضًا مفاجئًا مع استمرار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة”.

أوبك

أوبك

خلافات غير مبررة

قال وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، إن السعودية والولايات المتحدة ستتجاوزان خلافاتهما “غير المبررة”، بشأن إمدادات النفط، وسلط الأضواء على العلاقات الثنائية طويلة الأمد على مستوى الأعمال والمؤسسات.

وأوضح: “إذا نظرت إلى العلاقات على المستوى الشعبي، وعلى مستوى المؤسسات والتعليم، فإنك ستجد مؤسساتنا تعمل معًا على نحو وثيق، ونحن سنتجاوز هذا الخلاف الأخير، الذي أعتقد أنه غير مبرر”.

وأشار إلى أن السعودية والولايات المتحدة “حليفتان وثيقتان” على المدى الطويل، مشددًا في الوقت ذاته على أن المملكة على علاقة “قوية للغاية” مع شركائها الآسيويين، بما في ذلك الصين، باعتبارها أكبر مستورد للهيدروكربونات من السعودية.

تغييرات وشيكة

أفاد مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، في 16 أكتوبر 2022، أن الرئيس جو بايدن، سيتصرف “بطريقة منهجية” لدى اتخاذه قرارًا للرد على السعودية، بسبب تخفيضات إنتاج النفط، وفق تصريحات نقلتها شبكة “سي إن إن”.

ذكر سوليفان أنه لا توجد تغييرات وشيكة في ما يتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وأن الرئيس بايدن يعيد تقييمها، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الخيارات تتضمن إدخال تغييرات على المساعدة الأمنية للمملكة.

وتابع: “لن يتصرف الرئيس على نحو مندفع، وسيتصرف بمنهجية واستراتيجية، وسيأخذ وقته للتشاور مع أعضاء كل من الحزبين، حتى يتيح للكونجرس فرصة العودة والجلوس معهم شخصيًّا، والنظر في الخيارات المتاحة”.

ربما يعجبك أيضا