حصاد 2022| ولاية تاريخية في الصين.. واحتجاجات نادرة.. وتصعيد ضد تايوان

رنا أسامة

فوز شي جين بينج بولاية ثالثة تاريخية، واحتجاجات غاضبة تندد بسياسات احتواء كورونا، وتصعيد غير مسبوق مع الولايات المتحدة، "شراكة بلا حدود" مع روسيا.. إليك أبرز محطات الصين خلال 2022.


شهدت الصين هذا العام أحداثًا سياسية واجتماعية بارزة، تحت قيادة شي جين بينج، الملقب بـ”زعيم الشعب”.

ومن أبرز هذه الأحداث، إشاعة الانقلاب العسكري ضد شي، التي سبقت فوزه بولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب الشيوعي الحاكم، وما تلاهما من احتجاجات شعبية منددة بالسياسات الصارمة التي تطبقها الحكومة، لاحتواء فيروس كورونا.

انقلاب مزعوم

انقلاب مزعوم على شيتواترت إشاعات بشأن انقلاب عسكري أطاح بمسؤولين كبار في الصين، ووضع شي قيد إقامة جبرية، أججها استياء شعبي من سياسات الزعيم الصيني والركود الاقتصادي، الذي تشهده البلاد، قبل شهر من اجتماع الحزب الشيوعي، الذي أمن لـ”زعيم الشعب” ولاية ثالثة غير مسبوقة.

واعتقلت السلطات الصينية مسؤولين أمنيين كبار، بتهم فساد، بعد أيام من إشاعات الانقلاب، التي تبددت سريعًا، بظهور شي علنًا في معرض ببكين، ما دفع محلل لوصف الصين بأنها بيئة حاضنة لمؤامرات “تكتنفها أجواء من السرية والريبة”، حسب تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، المنشور في 23 سبتمبر 2022.

تمديد تاريخي لولاية شي

فوز شي جين بينج بولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب الشيوعي الصينيفي خطوة تاريخية، مدد المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني ولاية شي، للمرة الثالثة، على رأس الحزب والقوات المسلحة، بما يعزز مكانته كأقوى زعيم للصين منذ مؤسس النظام ماو تسي تونج، ويمهد لتثبيته رسميًّا على رأس الدولة، لولاية جديدة في مارس 2023.

وتحت مظلة الولاية الثالثة، ومدتها 5 أعوام، عزز شي قيادة حزبه بموالين مستعدين للدفاع عنه، موسعًا نفوذ الدولة الصينية على الاقتصاد والأمن القومي، في حين أحال مسؤولين بارزين من تيار سياسي أكثر اعتدالًا إلى التقاعد، وجعل حلفاءه يهيمنون على القيادة الجديدة، التي تمسك بزمام السلطة الفعلية.

عودة صينية للمسرح الدولي

شي جين بينج

شهد عام 2022، عودة ملفتة للزعيم الصيني للمسرح الدولي، بمشاركته في قمم دولية، ولقائه قادة كل من الولايات المتحدة وتنزانيا وباكستان وفيتنام وألمانيا، في ما رأته شبكة “سي إن إن” الأمريكية تغيرًا حادًا في نهج الزعيم، الذي لم يغادر الصين إلا مرة واحدة منذ بدء جائحة كورونا، قبل 3 أعوام.

ومن أبرز تلك اللقاءات، لقائه الأول المباشر مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على هامش قمة مجموعة الـ20 بإندونيسيا، في نوفمبر 2022، الذي وصف خلاله العلاقات الأمريكية الصينية بأنها “في موقف حرج”، مبديًا استعداداه لمحادثات “صريحة” بشأن القضايا الاستراتيجية.

اشتباكات حدودية مع الهند

اشتباكات حدودية بين الصين والهند 1تجددت الاشتباكات الحدودية بين القوات الهندية والصينية في ديسمبر 2022، وهذه المرة في قطاع تاوانج بولاية أروناتشال براديش، شمالي شرق نيودلهي، التي تطالب بها بكين وتحدها من الجنوب.

وقال وزير الدفاع الهندي إن جنودًا اشتبكوا مع قوات صينية حاولت عبور خط السيطرة الفعلية، وتغيير الوضع القائم بصورة أحادية، في حين  زعم متحدث لجيش التحرير الشعبي الصيني أن قوات هندية عبرت ذلك الخط بطريقة غير قانونية، لمنع دورية روتينية لقوات حرس الحدود.

توتر متصاعد مع أمريكا بشأن تايوان

الصين والولايات المتحدة 1 scaledتصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة، هذا العام، بسبب تايوان، تلك الجزيرة التي تراها بكين “خطًا أحمر” وجزءًا لا يتجزأ من أراضيها، في حين تحذر واشنطن من محاولة الصين استعادتها، حتى لو بالقوة.

وأشعل فتيل الصراع الصيني الأمريكي زيارة أجرتها رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، لتايوان في أغسطس 2022، أعقبتها مناورات صينية بحرية وجوية غير مسبوقة قرب العمق الاستراتيجي التايواني، تنديدًا بما رأته بكين دعمًا أمريكيًّا لـ”استقلال” الجزيرة بحكم الأمر الواقع.

شراكة بلا حدود مع روسيا

شي جين بينج وفلاديمير بوتين

الرئيسان الصيني شي جين بينج والروسي فلاديمير بوتين

عززت الصين علاقات “الصداقة” و”الشراكة الاستراتيجية الشاملة” مع روسيا، هذا العام، في وقت وقعّت فيه دول غربية عقوبات واسعة ضد موسكو على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، وتجمع الزعيمان فلاديمير بوتين، وشي جين بينج دعوة لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يلعب في البلدان دورًا يوازن دور الغرب، لا سيما أمريكا دوليًّا.

وفي ظل التوتر مع الولايات المتحدة وحلفائها، شاركت الصين في تدريبات عسكرية استراتيجية بروسيا، في إطار “شراكة بلا حدود” أعلنتها الدولتان، قبل وقت قصير من بدء الحرب. وفي أغسطس 2021، أجرت بكين وموسكو تدريبات عسكرية مشتركة، أطلق عليها “سيبو/ التعاون 2021″، علمًا بأنهما يجريان تدريبات منذ 2005.

تقارب عربي صيني

تقارب عربي صيني 2بجانب روسيا، عمقت الصين تعاونها مع الدول العربية، في خضم توتراتها المتصاعدة مع الولايات المتحدة. وزار الرئيس الصيني، في ديسمبر 2022، العاصمة السعودية، الرياض، التي احتضنت 3 قمم غير مسبوقة مع بكين، “سعودية صينية” و”خليجية صينية” و”عربية صينية“.

وشهدت قمة الرياض العربية الصينية دعمًا عربيًّا لبكين في حماية سيادتها، وتمسكًا بمبدأ “الصين الواحدة”، وإقرارًا بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأقرت الولايات المتحدة بوجود علاقات معقدة تربط حلفاءها وشركاءها مع بكين، مبدية احترامها بـ”قدرة الدول على اتخاذ قرارات سيادية، بما يحقق مصالح شعوبها”.

احتجاجات نادرة ودعوات تنحي

احتجاجات نادرة في الصين

احتجاجات نادرة في الصين تندد بسياسة “صفر كوفيد” وتدعو شي والحزب الشيوعي الصيني للتنحي

اندلعت احتجاجات شعبية غاضبة، وصفت بأنها نادرة، تندد بتدابير الصين التي تطبقها منذ أكثر من 3 أعوام، لاحتواء وباء فيروس كورونا المستجد، في إطار ما يعرف بسياسة “صفر كوفيد”، المزمع دخولها العام الرابع في ربيع 2023.

وانطوت الاحتجاجات، التي دامت قرابة شهر، على هتافات تدعو الحزب الشيوعي وزعيمه للتنحي، ولافتات وشعارات معادية لصقها محتجون على جدران وأبواب مراحيض عامة، كونها المكان الوحيد غير الخاضع لمراقبة السلطات، ما حدا بشبكة “سي إن إن” الأمريكية لوصفها بـ”ثورة مراحيض”.

تخفيف قيود كوفيد

قيود احتواء كوفيد في الصينبعدما ظلت الصين تتعامل مع كوفيد لـ3 أعوام باعتباره مرضًا خطيرًا، مثل الكوليرا، أجبرتها الاحتجاجات الحاشدة على تخفيف قيود احتواء الوباء بإعلان تدابير جديدة، لا تلزم المصابين بالخضوع للعزل داخل المنازل أو المستشفيات، وتتغاضى عن شرط إظهار نتائج فحوص كورونا بمعظم الأماكن.

وفي حين أثارت تلك الخطوة ارتياح موطنين، شعر آخرون بالقلق وسط مخاوف من إنهاك أنظمة الرعاية الصحية، وتزايد معدلات انتقال العدوى بين كبار السن، في حين وجهت لجنة الصحة الوطنية بالصين بتسريع تلقيح من يتجاوزون 80 عامًا، بموجب التدابير الصحية الجديدة.

ما توقعات “عام الأرنب المائي”؟

اقتصاديًّا، توقعت وكالة “بلومبرج” الأمريكية تخفيف إجراءات احتواء كوفيد في الصين خلال الأشهر الـ7 الأولى من 2023، المسمى بعام “الأرنب المائي” بلغة الأبراج الصينية، بما يفضي إلى إعادة فتح البلاد كاملًا بمنتصف العام المقبل، وسط توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بما يقل عن 5%.

وحذر خبراء اقتصاد، استطلعت “بلومبرج” آراءهم، من أن تحول السياسات لن يكون سلسًا، وقد ينطوي على أخطاء في ظل نقص الموارد الطبية، وانخفاض معدلات تلقيح المسنين. وقال كبير الاقتصاديين ببنك “ناتيكسيس”، جاري نج: “الصين تسير في طريق إعادة فتحها، لكن الرحلة لن تخلو من المتاعب”.

2023 عام الأرنب المائي في الصين

2023 عام الأرنب المائي في الصين

تلويح بحرب

سياسيًّا، توقع معهد “تشاتام هاوس” اللندني، أن تتركز المحادثات في الداخل الصيني، بفبراير ومارس 2023، على تشكيل الحكومة المركزية الجديدة، التي يجب أن تحقق أجندة شي الاقتصادية. وحذر كبير مسؤولي الاستخبارات التايوانية من أن الصين قد تلوح بحرب ضد الجزيرة، لإجبار حكومتها على التفاوض بغية إخضاعها لحكم بكين.

ورجح المدير العام لمكتب الأمن القومي التايواني، تشين مينج تونج، أن “تهدد بكين بحرب (على تايوان) في 2023، لإجبار الجزيرة على التفاوض بشأن (توحيد الصين)”، بناء على حجم الضغط الاقتصادي الذي يواجهه الحزب الشيوعي بالداخل، متوقعًا غزو الصين تايوان في عامي 2025 و2027 أيضًا، حسب تقرير نشرته صحيفة “نيكي آسيا” اليابانية.

وفي جلسة برلمانية بأكتوبر 2022، أضاف تونج أن العقوبات الاقتصادية الغربية والعزلة الدبلوماسية، التي من المحتمل توقيعها على بكين حال نشوب صراع عسكري بشأن تايوان، من شأنها إحباط هدف شي الممثل في “تجديد الشباب الوطني”، وتابع: “الحديث عن غزو تايوان سيجعلك (شي) آثمًا في نظر الأمة الصينية”.

ربما يعجبك أيضا