حماس تستخلص الدروس.. هل تُغير عملية النصيرات «واقع الحرب»؟

هل تعد عملية تحرير 4 رهائن «نقطة تحوّل»؟

محمد النحاس
انتحار جندي إسرائيلي بعد تلقيه أمر الخدمة في غزة

لن تُنهي العملية مشكلات إسرائيل في الشمال والجنوب والانقسام السياسي الداخلي والعزلة الدولية المتزايدة، كما أن حماس سرعان ما تتعلم دروس ميدانية وتتكيف مع تغيرات المعركة.


من المرجح أن تؤدي عملية تحرير 4 رهائن إسرائيليين من مخيم النصيرات بقطاع غزة، إلى تراجع فرص إنقاذ مزيد من المحتجزين لدى حماس عبر عمليات عسكرية، وفق ما ذكر مسؤولون إسرائيليون لصحيفة يديعوت أحرونوت العبريّة.

وفي حين أدى إنقاذ 4 رهائن أحياء يوم السبت 8 يونيو 2024، إلى رفع الروح المعنوية في إسرائيل وقدم انتصاراً مؤقتاً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، غير أن الأمر برمته ليس سوى “نشوة عابرة” فلن تغير العملية الواقع الميداني، فيما يتعلق بعدم تحقيق أهداف الحرب على مدار 9 أشهر، كما تظل عزلة تل أبيب الدولية حاضرة، علاوةً على استمرار التصعيد في الشمال، والخلافات الداخلية.

ماذا حققت العملية؟

في الوقت الذي يزداد فيه تعنت موقف رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو تجاه إبرام صفقة مع حماس، رأي مسؤولون إسرائيليون أن عملية النصيرات تعزز الحاجة إلى إبرام صفقة تبادل، وفق ما نقلت عنهم الصحيفة العبريّة.

معطيات عملية النصيرات التي تكشفت بعد ساعات تشي بذلك بالفعل فقد أعلنت حماس أن العملية ستعقد موقف باقي الرهائن، وأنها أدت إلى مقتل بعضهم، وعادت القسام الجناح العسكري للحركة، لتنشر مقطع مصور نشر عبر قناتها على تطبيق تيلجرام مفاده أن ثلاث رهائن قتلوا، خلال العملية بينهم مواطن أمريكي.

من جانبها، رأت صحيفة نيويورك تايمز أن النشوة التي أججتها عملية النصيرات سرعان ما تنحت جانبًا أمام واقع قاسي، ويؤكد أن ارتفاع أعداد الضحايا الفلسطينيين المدنيين دحض ادعاءات إسرائيل بأن العملية حققت نجاحًا باهرًا.

الرأي العام الإسرائيلي

في تحليله لأبعاد العملية الإسرائيلية رأي الخبير المشارك بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد عكاشة أن ردود فعل الرأي العام الإسرائيلي عكست حالة من التشتت، بين الابتهاج بنجاح العملية، وبين الخوف من أن تؤدي إلى مزيد من التشدد من جانب حماس خلال أي مفاوضات مقبلة.

وقد يعني ذلك حسب تحليل عكاشة، المنشور بمركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية أن تشدد موقف حماس  قد يعني تعرض ما تبقى من الرهائن الإسرائيليين لخطر الموت أثناء الغارات الإسرائيلية على مواقع الحركة، أو خلال تنفيذ عمليات مماثلة، خاصة وأن التقارير الإسرائيلية الرسمية أكدت مقتل ما لا يقل عن 60 رهينة خلال الحرب.

أزمات إسرائيل الدولية

في مقال له، قال كاتب العمود الإسرائيلي البارز، ناحوم بارنيا، في صحيفة يديعوت أحرونوت إن مهمة الإنقاذ “لا تحل أيًا من المشاكل التي تواجهها إسرائيل منذ 7 أكتوبر”، مردفًا: “إنها لا تحل المشكلة في الشمال، ولا تحل المشكلة في غزة؛ وأضاف أن ذلك لا يحل سلسلة المشاكل الأخرى التي تهدد إسرائيل على الساحة الدولية.

ويرى مقال الصحيفة الأمريكية أن العملية فشلت في حل أي من المعضلات والتحديات العميقة التي تزعج الحكومة الإسرائيلية. واليوم الأحد، أعلن الوزير الإسرائيلي بيني غانتس، استقالته من حكومة الحرب الإسرائيلية والتي شكلها رئيس نتنياهو، في بداية الحرب ما يعني انسحاب آخر أركان التيار الوسطي داخل الائتلاف اليميني المتطرف.

وقت الرهائن ينفد

بعد مرور ثمانية أشهر على حربها الطاحنة على غزة، يبدو أن إسرائيل لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها المعلنة المتمثلة في تفكيك قدرات حماس العسكرية.

ويخشى الإسرائيليون أن الوقت ينفد بالنسبة للعديد من الرهائن في غزة، وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية بالفعل وفاة حوالي ثلث الرهائن من الـ 120 المتبقين، حسب المقال.

تحديات متعددة

وفي الوقت نفسه، فإن القيادة الإسرائيلية أمام تحدي تصعيد التوترات على جبهة الحدود الشمالية، وعلى الصعيد الدولي، تواجه إسرائيل عزلة دولية متزايدة بسبب الحرب على غزة، بما في ذلك الحديث حول الإبادة الجماعية لأهالي القطاع، وهي قضية تنظر بها محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وتتزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق مع حماس لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين. لكن مصير الاقتراح الإسرائيلي للهدنة وتبادل الرهائن والأسرى، كما أوضحه الرئيس بايدن قبل أكثر من أسبوع، لا يزال غير مؤكد.

صفقة الرهائن

تقول إدارة بايدن والمسؤولون الإسرائيليون إنهم ما زالوا ينتظرون ردًا رسميًا من حماس لتحديد ما إذا كان من الممكن استئناف المفاوضات، في حين تقول الحركة الفلسطينية إنها لن توافق على اتفاق يسمح بمواصلة الحرب.

ويرى خبراء أن الصيغة المطروحة تسمح لإسرائيل بمواصلة حربها وهو أمر لن يقبله المفاوض الفلسطيني. حسب المقال، من المرجح أن يؤدي إنقاذ الرهائن الأربعة إلى تعزيز الحجج بأن الضغوط العسكرية الإسرائيلية على حماس واستمرار العمليات البرية في غزة ضرورية لإعادة بقية الرهائن إلى ديارهم.

لكن بالنسبة للعديد من الإسرائيليين وأقارب العشرات من الرهائن المتبقين، فإن عودة أربعة فقط تشي بأن مثل هذه العمليات العسكرية المعقدة ربما لا تتمكن إلا من إنقاذ عدد قليل منهم وتشكل خطراً كبيراً على حياتهم.

مأزق إسرائيل

كما سلطت العملية الضوء على المأزق الذي تعيشه إسرائيل، فبدون وجود قوات على الأرض، لن يتمكن الجيش من القيام بأي عملية إنقاذ من هذا القبيل أو الاستمرار في تفكيك قدرات حماس.

وقد تؤدي العملية إلى تشديد موقف حماس، فقد ألمحت الحركة إلى أن عملية الإنقاذ قد تجعل الأمور أسوأ بالنسبة للأسرى المتبقين. وقال المتحدث باسم الجناح العسكري للقسام، أبو عبيدة، في بيان، السبت، إن “العملية ستشكل خطرا كبيرا على أسرى العدو وسيكون لها تأثير سلبي على أوضاعهم وحياتهم”.

استخلاص الدروس

بدلاً من احتجازهم في منازل عادية ومبانٍ سكنية كما كان الحال بالنسبة إلى الـ 4 المُحررين، قد تضطر القسام إلى نقل الرهائن إلى أنفاق تحت الأرض، ما يصعب ظروف معيشتهم ويعقد إمكانية الوصول إليهم.

ويرى الخبير العسكري الإسرائيلي والمسؤول السابق بشعبة الاستخبارات العسكرية، آفي كالو، أن حماس سوف تستخلص الدروس من العملية، ستتخذ المزيد من التدابير مستقبلاً لمنع تكرار عمليات مماثلة.

وقال كالو لصحيفة نيويورك تايمز: “بالنسبة لحماس، هذه ليست نقطة تحول”، مشيرًا إلى أن الحركة لا تزال تحتجز الكثير من الرهائن وبالتالي فإن “أربعة أقل ليس بالأمر الذي يغير الواقع بشكل كبير”.

ربما يعجبك أيضا