حمض نووي قديم يكشف عن إبادة جماعية مأساوية في ماضي الإنسانية

توصلت دراسة جديدة إلى أن الانتقال إلى الزراعة في أواخر العصر الحجري في أوروبا لم يكن انتقالًا سلسًا من أنماط حياة الصيد وجمع الثمار، بل كان تحولاً دمويًا أدى إلى قضاء المزارعين على البدو الرعاة.

واكتشفت الدراسة أن سكان جنوب الدول الإسكندنافية استُبدِلوا بالكامل مرتين خلال ألف عام فقط بالوافدين الجدد إلى المنطقة، الذين لا تحمل بقاياهم أي صلة بأسلافهم في ملفات الحمض النووي، التي حلَّلها فريق بحث دولي.

انتقال عنيف

أوضح موقع (Science Alert)، في تقرير نشره السبت 17 فبراير 2024، أن الانتقال من عصر الصيد وجمع الثمار إلى عصر الزراعة لم يكن سلميًّا كما كان يعرف من قبل، وبالإضافة إلى الموت العنيف، من المحتمل أن تكون مسببات الأمراض الجديدة التي نقلتها الماشية قد قضت على العديد من جامعي الثمار.

وأضاف أن فريق بحث من جامعة لوند السويدية حلل عينات الحمض النووي من 100 بقايا بشرية عُثر عليها في الدنمارك، ترجع إلى 7300 عام من العصر الحجري الوسيط، عندما بدأت أنماط حياة الصيد وجمع الثمار في التراجع، وفترة العصر الحجري الحديث، عندما استقر البشر في الحياة الزراعية، والعصر البرونزي المبكر.

إبادة جماعية

كشف التحليل، عن أنه منذ نحو 5900 عام، طرد السكان المزارعون الصيادين وجامعي الثمار الذين كانوا يسكنون الدول الاسكندنافية سابقًا، وقطعوا الغابات لإنشاء الأراضي الزراعية، في حين أشارت الأبحاث السابقة إلى أن هؤلاء المزارعين الإسكندنافيين الأوائل ورثوا نحو 30% من جينوماتهم من الصيادين وجامعي الثمار، ما يعني أنهم مختلطون، وليس أن أحدهم قضى على الآخر.

وأوضحت الدراسة الجديدة أن الحمض النووي للصيادين وجامعي الثمار قد مُحيَ كليًّا، وهو أمر يصعب اكتشافه في جينومات المزارعين الأوائل في الدول الإسكندنافية، مشيرة إلى أن لكن هيمنة المزارعين كانت قصيرة، إذ عاشوا نحو 1000 عام أخرى قبل أن تنتقل موجة أخرى من الوافدين الجدد من السهوب الشرقية.

وحمل القادمون الجدد معهم أسلافهم من شعب “اليمنايا”، وهم شعب من رعاة الماشية ترجع أصوله إلى جنوب روسيا. وسرعان ما حلوا محل المزارعين، ما أدى إلى ظهور مجموعة حضارية جديدة تسمى حضارة القبر الواحد، وانمحى الحمض النووي للمزارعين الأوائل الذين استقروا في الدنمارك من السكان الدنماركيين المعاصرين.