حوار| أكاديمية جيوسياسية لـ«رؤية»: تظاهرات التقاعد بفرنسا لن تتوقف

منذ يوم الخميس الماضي 23 مارس 2023، يتظاهر ملايين الفرنسيين في الشوارع بجميع أنحاء البلاد، ضد إصلاحات معاشات التقاعد المقترحة.

وتحولت الاحتجاجات إلى اشتباكات بين مجموعات من المتظاهرين والشرطة في العاصمة باريس ومدن أخرى، وقالت الشرطة الفرنسية إن نحو 1000 شخص مارسوا تصرفات عنيفة، وأضرموا الحرائق وأطلقوا قنابل دخان وألحقوا أضرارًا بالممتلكات، دون أفق للتوقف.

حوار| أكاديمية جيوسياسية لـ«رؤية»: تظاهرات التقاعد بفرنسا لن تتوقف

ما مدى تمسك شعب فرنسا بالتظاهرات؟

يقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رفع سن التقاعد من 26 إلى 64 عامًا، وهو ما أغضب الفرنسيين ودفعهم للتظاهر بأعداد غير مسبوقة.

وأجرت شبكة رؤية الإخبارية حوارًا مع الأكاديمية والمحللة الجيوسياسية الفرنسية سيلين جريزي، للتحدث عن هذه التظاهرات وإلى أي مدى ستستمر وكيف ستنتهي.

وقالت جريزي لـ”رؤية” إن التظاهرات في فرنسا مشروعة، وإن الفرنسيين لا يحبون نهائيًّا التعدي على مكتسباتهم، ويعتبرون إصلاحات قوانين التقاعد التي فرضها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعديًا على مكتساباتهم.

أكاديمية ومحللة جيوسياسية فرنسية: التظاهرات في فرنسا ستستمر.. والمجلس الدستوري سيحسم الأمر

هل إصلاحات التقاعد فقط هي سبب التظاهر؟

أشارت جريزي إلى محاولات في تسعينات القرن الماضي لتغيير قوانين التقاعد، وقالت إنها باءت جميعها بالفشل، ولم يتجرأ أي من الرؤساء او المسؤولين السابقين على المساس بهذه القوانين على وجه التحديد.

وأوضحت المحللة الفرنسية أن مسألة التظاهر ليست متعلقة بقانون العمل أو التقاعد فقط، بل هي مجموعة من التراكمات السابقة، مضيفة أن الشعب الفرنسي لديه شعور بأن صوته غير مسموع، وأن من يمثلونه في البرلمان لا يملكون القدرة على الدفاع عن حقوق الفرنسيين.

لماذا ظهر العنف في تظاهرات فرنسا؟

قالت المحللة الجيوسياسية إن العنف الواقع الآن في التظاهرات لا مبرر له، وإنه أمر مرفوض بكل صفة فيه، ولا يوجد أي سبب له، مشيرة إلى أن جماعات، على رأسها البلاك بلوك، هي التي تزرع العنف وتؤجج الفوضى.

وأوضحت “أنه في نهاية المطاف، لا يريد المتظاهرون العاديون سوى إيقاف مفاصل الدولة مثل وسائل النقل والتعليم، ولكنهم لا يريدون العنف، لأن العنف يفتح مجالًا للمزيد من اختلاف وجهات النظر وعدم التوصل إلى حلول”.

أكاديمية ومحللة جيوسياسية فرنسية: التظاهرات في فرنسا ستستمر.. والمجلس الدستوري سيحسم الأمر

ما سر ضخامة واستمرارية التظاهرات؟

قالت جريزي لـرؤية” إن ما لا يقل عن 3 أو 4 ملايين شخص يتظاهرون في شوارع العاصمة باريس فقط، دون بقية المدن، منوهة بأن فرنسا لم تشهد تظاهرات مثل هذه منذ مدة.

وأشارت إلى أن فرنسا شهدت تظاهرات طفيفة من أجل الإسلاموفوبيا، وغيرها من التظاهرات التي لم تكن بمثل هذا الزخم الحالي، وأوضحت أن التظاهرات الحالية تشهد اتفاقًا من المعارضة جميعها على أن طريقة تطبيق قانون التقاعد المقترح “ليست ديمقراطية”.

أكاديمية ومحللة جيوسياسية فرنسية: التظاهرات في فرنسا ستستمر.. والمجلس الدستوري سيحسم الأمر

ما إمكانية تراجع التظاهرات؟

قالت جريزي إن “الأمر الآن لم يعد بيد الرئيس ماكرون، لأن القانون الآن معروض على المجلس الدستوري لكي ينظر فيه، لكن الأمر طويل ومعقد، وقد يستغرق أكثر من عام لحسمه، وفي حالة رفض المجلس للقانون، ستبدأ مرحلة جديدة وهي مرحلة التصويت على القانون، الذي سيتطلب جمع 5 ملايين صوت تقريبًا لإقراره”.

ونوهت المحللة الفرنسية بأنه في نهاية شهر إبريل المقبل أو بداية شهر مايو، سيظهر ما إذا كان القانون سيمر، أم سيكون مصيره الإلغاء من الأساس.

وعند سؤالها عن إمكانية التهدئة وتراجع التظاهرات، قالت جريزي إن الفرنسيين سيظلون يخرجون إلى الشوارع ليضغطوا على المجلس الدستوري، لكي يؤدي دوره في دراسة هذا القانون ومدى ملائمته للوضع في فرنسا.

أكاديمية ومحللة جيوسياسية فرنسية: التظاهرات في فرنسا ستستمر.. والمجلس الدستوري سيحسم الأمر

هل يمكن إيجاد حلول للأزمة؟

رأت جريزي أن الطريقة التي فرض الحكومة الفرنسية الققانون بها لم تكن صحيحة على الإطلاق، وأنه كان بإمكان الحكومة توفير الأموال من جهة أخرى.

ويرى محللون اقتصاديون أنه يمكن توفير الأموال من خلال فرض ضرائب على الشركات الخارجية التي تستثمر في فرنسا، أو عبر مجالات أخرى.

وقالت جريزي: “أظن أن الاحتجاجات ستستمر لسبب واحد، هو أن الجميع ينتظر رد المجلس الدستوري. وإذا ما توقف المتظاهرون قد يفهم المسؤولون أنهم قد وافقوا وانتهى الأمر”، موضحة أن الاحتجاجات رسالة واضحة للحكومة الفرنسية وللمجلس الدستوري بأن الفرنسيين غاضبون، وأن هذا القانون “لا يلائم طموحاتهم”.

تظاهرات في فرنسا

كيف يعالج المجلس الدستوري الأزمة؟

قالت جريزي: “بالإمكان التعامل مع الموضوع بطريقة ذكية، والكل يعلم أن الضغط على الحكومة والرئيس والمجلس الدستوري، في ظل رفض الاستماع للشارع، وأيضًا رفضه للاستفتاء، لن يحل الأزمة”.

وأشارت إلى أن مسألة استمرار التظاهرات تجعل الضغط كبيرًا على الحكومة وعلى المجلس الدستوري لكي يقرأ القانون بتفصيل وبتمعن، ولا يغامر بإعطاء رد. واختتمت: “من وجهة نظري، أظن أن المجلس الدستوري قد يزيل بعض البنود أو بعض النقاط في هذا القانون”.