حوار| خبير عسكري يوضح لـ«رؤية» أبعاد انقلاب الجابون وحقيقة موقف واشنطن

محمد النحاس

سلط اللواء محمد عبد الواحد الضوء على طبيعة المواقف الغربية إزاء إفريقيا، وأوضح جملة من العوامل قادت إلى انقلاب الجابون.


أطاح عسكريون برئيس الجابون، علي بونجو أونديمبا، اليوم الأربعاء 30 أغسطس 2023، في استمرار لمسلسل الانقلابات بدول غرب ووسط إفريقيا.

وأشار الخبير العسكري المصري، اللواء محمد عبدالواحد، في حديث خاص مع شبكة رؤية الإخبارية، إلى جملة من العوامل المحلية والإقليمية والدولية، التي أدت إلى هذا الانقلاب، الذي قال أنه “من الواضح أنه كان مخططًا له”.

نهاية حكم بونجو

جاء التحرك العسكري، في أعقاب إعلان فوز بونجو بولاية رئاسية ثالثة، بعد نال أكثر من 64% من الأصوات في انتخابات تقول المعارضة إنها مزورة. وظل علي بونجو أوندويمبا، المقرب من فرنسا، على رأس السلطة منذ قرابة 14 عامًا، وحكمت عائلته البلاد على مدار 53 عامًا.

وفي حديثه مع «رؤية الإخبارية»، قال اللواء محمد عبدالواحد إن أحداث الجابون كانت متوقعة، في ظل تدهور الأوضاع على عدد من المستويات، مشيرًا إلى انتخابات 2016، حين اندلعت احتجاجات سقط فيها عدد من الضحايا، على إثر مزاعم بتزوير النتائج، قبل أن تتمكن السلطات من السيطرة على الوضع.

287f732c eeb4 450b a6f8 8d094d257d61

اللواء محمد عبد الواحد خبير الشؤون الاستراتيجية

إرهاصات ما قبل الانقلاب

قال خبير الشؤون الاستراتيجية إن بونجو أصيب بجلطة دماغية خلال إحدى زياراته الخارجية، في عام 2018، لتطالب المعارضة أن يحل رأس السلطة التشريعية محل الرئيس، حسب ما ينص عليه دستور البلاد، لكن المحكمة الدستورية رفضت هذا الطلب بحجة “أن هذه مجرد فترة مؤقتة”، قبل أن تقع محاولة انقلاب فاشلة من ضباط بالحرس الرئاسي في العام 2019.

وأوضح اللواء المصري المتقاعد أن الوضع المحلي بات متوترًا للغاية في ظل كل هذه المعطيات، لافتًا إلى أن قوى المعارضة توقعت تزوير نتائج الانتخابات الأخيرة، لذلك اجتمعت في ائتلاف واحد، ومع ذلك فاز الرئيس بونجو بولاية ثالثة.

مسار مشابه لانقلاب النيجر

رغم ذلك، لم يستبعد اللواء عبدالواحد أن يكون الانقلاب معدًا سلفًا، مشيرًا إلى أن الوضع الإقليمي شجع بدوره على ذلك، خاصةً مع عدم اتخاذ أي دولة أو منظمة إقليمية خطوات جادة ضد قادة انقلاب النيجر، الذي وقع قبل شهر تقريبًا.

وفي سيناريو مشابه إلى حدٍ كبير لما جرى في النيجر، مع احتجاز الرئيس المطاح به محمد بازوم واعتباره “كارت تفاوض” في مقابل الاعتراف بالوضع الجديد، يبدو أن قادة التحرك العسكري في الجابون يسيرون على ذات المنوال مع احتجاز الرئيس بونجو، وفق ما طرح الخبير الاستراتيجي.

ويعد انقلاب الجابون هو ثامن الانقلابات العسكرية في غضون 3 سنوات فقط بالمستعمرات الفرنسية السابقة في القارة الإفريقية.

اقرأ أيضًا|غنية بالنفط ومستقرة اقتصاديًّا.. انقلاب عسكري يؤرق الجابون

الازدواجية الغربية تجاه إفريقيا

عبّر اللواء المصري المتقاعد عن اعتقاده بأنّ الانقلابات المتتالية في إفريقيا تأتي في سياق التنافس بين القوى العظمى، موضحًا أن جذور هذه الظاهرة تعود إلى الحرب الباردة، في ذروة الصراع بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.

وسلط، في حديثه، الضوء على  ما وصفه بـ”التناقض والازدواجية الغربية” في التعامل مع القارة، مشيرًا إلى جملة من المواقف “غير الدستورية”، التي تبنتها فرنسا في عدد من الدول الإفريقية، ووصف الإدانات الغربية بأنها ليست سوى “شعارات فارغة المضمون” تأتي حسب المصلحة.

حقيقة الموقف الأمريكي

في سؤاله عن التعليقات الأمريكية الحذرة ووتيرة الإدانة الهادئة، لفت اللواء عبدالوحد إلى تبني الولايات المتحدة مواقف برجماتية، تحقق مصلحتها بغض النظر عن الوضع الفرنسي، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة لا ترى في روسيا تهديدًا لمصالحها في إفريقيا، في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، على النقيض من النفوذ الفرنسي المتغلغل والعميق، الذي يعود لعقودٍ مضت.

ووفق خبير الشؤون الاستراتيجية، جعل هذا الوضع المواقف الأمريكية “رمادية إلى حدٍ بعيد”، خاصة أن الهيمنة الفرنسية لا تصحب في صالح واشنطن عامة، على حد قوله، مشيرًا إلى أن باريس وواشنطن تجمعهما حالة تاريخيّة من التنافس على النفوذ في إفريقيا، ومفسرًا بذلك  تأخر بيان البيت الأبيض نسبيًّا مقارنةً بالموقف الأوروبي، وكذلك روسيا والصين، كما أن عباراته كانت أخف وطأة.

اقرأ أيضًا|فيديو| ضباط كبار في الجيش يعلنون الاستيلاء على السلطة في الجابون

ربما يعجبك أيضا