حوار شانجريلا يجبر الصين على «اجتماع مرفوض» مع أمريكا.. ماذا حدث؟

محمد النحاس

بدأت قمة أمنية آسيوية بمشاركة أكثر من 40 دولة بالتزامن مع تزايد التوتر في العلاقات الأمريكية الصينية.


تختتم اليوم الأحد 3 يونيو 2023، فعاليات الدورة 20 من حوار شانجريلا الأمني الآسيوي، الذي تستضيفه سنغافورة.

وبدأت القمة الأمنية الآسيوية أمس الأول الجمعة، بمشاركة أكثر من 40 دولة، بالتزامن مع تزايد التوتر في العلاقات الأمريكية الصينية، إذ حظرت بكين منتجات شركة أمريكية تصنع الرقائق الإلكترونية، ورفضت لقاء على مستوى وزيري الدفاع مع واشنطن.  

من أبرز الحضور؟ 

انعقد حوار شانجريلا للمرة الأولى في عام 2002، وهو يركز على قضايا الأمن الإقليمي والعالمي، وإرساء السلام دوليًّا. ووفقًا لإذاعة صوت أمريكا، يشارك في الحوار الأمني الأبرز في آسيا، هذا العام، 600 فرد من القادة وصناع قرار ومسؤولي الدفاع والدبلوماسيين، والمحللين والاستراتيجيين والخبراء الأمنيين من أكثر من 40 دولة. 

ومن أبرز الحاضرين وزراء الدفاع السنغافوري إينج هين، والأمريكي لويد أوستن، والصيني لي شانج فو، والياباني ياسوكازو هامادا، والكوري الجنوبي لي جونج سوب. وذكرت مجلة بوليتكو الأمريكية أن وفدًا أوروبيا رفيع المستوى يحضر المؤتمر في مشاركة “غير مسبوقة”. 

انتقادات متبادلة بين بكين وواشنطن

خلال فعاليات القمة الأمنية، أمس السبت، انتقد وزير الدفاع الأمريكي رفضها بكين إجراء محادثات عسكرية مع واشنطن، معتبرًا أن إحجامها يقوض الجهود المبذولة للحفاظ على السلام، وأبدى قلقه من أنها “لم تكن مستعدة للمشاركة بجدية أكبر في إيجاد آليات فعالة لإدارة الأزمات بين جيشي الولايات المتحدة والصين”.

ووفقًا لوكالة أنباء رويترز، ردّ المسؤول رفيع المستوى بجيش التحرير الشعبي الصيني، جينج جيان فنج، بأن الولايات المتحدة مسؤولة عن انهيار الحوار من خلال تشديد العقوبات على المسؤولين الصينيين، وزعزعة استقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ بوجودها العسكري.

رفض طلب أمريكي

كانت الصين أخطرت الولايات المتحدة رسميًّا برفضها طلبًا لعقد لقاء على مستوى وزيري الدفاع. وبينما واشنطن تفرض عقوبات على وزير الدفاع الصيني، يرى البنتاجون أن هذه العقوبات لا تمنع عقد لقاء بين وزيري دفاع البلدين.

وتداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو يظهر مصافحةً بالأيدي وابتسامات عابرة بين وزير الدفاع الصيني، ونظيره الأمريكي الذي اعتبر أن “المصافحة الودية ليست بديلًا عن محادثات جادة”، وقال إن الولايات المتحدة “ملتزمة بشدة” بالحفاظ على الوضع الراهن في تايوان، وتعارض أي تغييرات أحادية الجانب.  

تايوان وتقويض الصين

في المقابل، قال جينج للصحفيين إن “الولايات المتحدة تستخدم تايوان لتقويض الصين”، وإن “القوى الانفصالية التايوانية تطلب دعم الولايات المتحدة للضغط من أجل الاستقلال”. وتعتبر الصين أن تايوان الرائدة في صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، جزء من أراضيها.  

وكانت الصين فرضت، الشهر الماضي، حظرًا على شراء الرقائق الإلكترونية من عملاقة الرقائق الأمريكية “ميكرون تكنولوجي”، وقالت إن منتجات الشركة تمثل خطرًا على الأمن القومي.

اتفاق ثلاثي وتحذير من كارثة عالمية 

على هامش القمة، اتفقت اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة على العمل لإطلاق آلية لتبادل التحذيرات بشأن إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية قبل نهاية العام، وفق بيان مشترك. ووصف وزير الدفاع الياباني الآلية بأنها خطوة رئيسة للردع والسلام والاستقرار، وفقًا لـصحيفة يابان تايمز. 

وقال وزير الدفاع السنغافوري إنه إذا ما اندلعت حرب آخرى في آسيا، بالتزامن مع الحرب المشتعلة في أوروبا (بين روسيا وأوكرانيا)، ستكون كارثة عالمية. وأضاف: “توجد رغبة عالمية في تجنيب آسيا ما تتعرض له أوكرانيا”، وأعرب عن قلقه حيال رفض بكين لقاء وزير دفاعها مع وزير الدفاع الأمريكي، واعتبره “مخاطرة”، حسب الصحيفة اليابانية. 

وعقد وزير الدفاع الصيني لي شانج فو، اجتماعًا مع القائم بأعمال رئيس وزراء سنغافورة لورانس وونج، وشهد الطرفان توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء خط اتصال دفاعي آمن، وفقًا لشبكة تلفزيون الصين الدولية (CGTN).

توترات جيوسياسية 

تكمن أهمية القمة في توقيت انعقادها، الذي يشهد فيه العالم توترات جيوسياسية متعددة، وحالة استقطاب حادة، في ظل منافسة محمومة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فضلًا عن الحرب الروسية الأوكرانية. 

وتسببت حالة التنافس الأمني والدفاعي في اتجاه عدد من بلدان العالم لزيادة الإنفاق العسكري، ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي، واليابان التي شهدت استراتيجيتها العسكرية تحولًا تاريخيًّا من العقيدة الدفاعية إلى امتلاك أسلحة هجومية.

وفي السياق نفسه، اتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، مؤخرًا، على رفع الميزانية الدفاعية. ورغم الخلاف الداخلي بشأن خفض الإنفاق، اتفق الجانبان على رفعه في ما يتعلق بالجانب الدفاعي، وهو ما يعكس الشعور المتزايد بالتهديد.

اصطفافات أمنية وشراكات عسكرية

خلال الفترة الماضية، ظهرت جملة من الاصطفافات الأمنية والشراكات العسكرية، مع زيادة المخاطر الجيوسياسية المفترضة، وهو ما تجلى في تعزيز الهند وأستراليا شراكتهما، فضلًا عن قمة بابواغينيا الجديدة بين الدول الآسيوية.

وشهد العام الجاري تقاربًا تاريخيًّا بين اليابان وكوريا الجنوبية، على الأصعدة التجارية والأمنية والعسكرية. وعززت واشنطن شراكاتها الأمنية مع العواصم الحليفة لها، مثل الحوار الأمني الرباعي (كواد)، وتحالف أوكوس، بالإضافة إلى المناورات المشتركة في الباسفيك الآسيوي، لتقويض الصين إقليميًّا، دون إغفال تهديدات كوريا الشمالية حليفة الصين. 

اقرأ أيضًا: رحلة سرية.. ماذا فعل رئيس المخابرات الأمريكية في الصين؟

اقرأ أيضًا: اتفاق تجاري بين أمريكا وتايوان.. بكين تشجب المحادثات وتحذر واشنطن

ربما يعجبك أيضا