حياة البشر على المحك.. تداعيات خطيرة حال تدخل «إيكواس» عسكريًّا في النيجر

محمد النحاس

يشهد الوضع الحالي في غرب إفريقيا، احتمالية نشوب صدام عسكري بين دول غرب إفريقيا (إيكواس) والنيجر بسبب الإطاحة بالرئيس محمد بازوم.

ويهدد الوقف بإشعال حرب إقليمية في منطقة تموج بالاضطرابات وأزمات الغذاء، وتعاني نشاط حركات إرهابية، ومجموعات متمردة، ودعا بازوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتدخل وإنقاذه، لكن التدخل المحتمل قد يأتي بعواقب كارثية.

عواقب غير مقصودة

يسلط مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، الثلاثاء 8 أغسطس 2023، الضوء على المخاطر والتداعيات للتدخل العسكري المحتمل ضد النيجر، بدايةً من احتمالات تمدد الصراع حتى تفجيره أزمة لاجئين، أو تغذية نشاط المجموعات الإرهابية، والإغراق في مستنقع حرب إقليمية طاحنة.

ويرى المقال أن وجود تهديد أمني محتمل على طول الحدود بين النيجر ونيجيريا يجعل قادة عواصم المنطقة في حالة من القلق، محذرًا من أن تحركات مجموعات إيكواس المحتملة ضد قادة النيجر الجدد قد تكون لها عواقب غير مقصودة.

موقف متشدد

حسب مقال الزميل المشارك المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) فولاهانمي آينا، وهو باحث معني بشؤون الإرهاب ومنطقة الساحل، يتجاهل ما يسميه الموقف المتشدد لدول الإيكواس حقيقة مفادها أن السيطرة على الحدود المتاخمة للنيجر، قد يقود لانقطاع المساعدات الأجنبية عنها والإنسانية عنها.

وعلاوةً على التبعات الإنسانية الكارثية، قد يقود هذا إلى تسلل مجموعات إرهابية إلى نيجيريا، وإثارة إضطرابات في جميع أرجاء المنطقة، وفق المقال المنشور في مجلة فورين بوليسي الأمريكية.

أزمة لاجئين

حسب المقال، قادت حركات التمرد في منطقة الساحل التي تموج بالاضطرابات إلى فرار 300 ألف لاجئ من مالي إلى النيجر، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بنحو كبير، مع احتمال فرار هذه الأعداد إلى نيجيريا وغيرها من البلدان المجاورة، حال اندلاع نزاع مسلح واسع النطاق.

وفي مثل هذا السيناريو، يرى فولاهانمي آينا أن نيجيريا لن تقف مكتوفة الأيدي، خاصة عندما تتعامل مع العديد من التهديدات الأمنية الداخلية الخاصة بها.

ويتابع: “يمكن أن تميل تشاد، التي تملك جيشًا قويًا إلى التدخل إلى جانب نيجيريا لأسباب أمنية، لكن حتى الآن، يبدو أن تشاد مستعدة لفتح باب الدبلوماسية”.

الدبلوماسية السبيل الأمثل

كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قد أوفدت مبعوثين إلى النيجر كجزء من الجهود المبذولة لإرساء حل سلمي ودبلوماسي للوضع في تواصل للجهود الدبلوماسية التي يشارك فيها قادة عسكريون حاليون وسابقون إقليميون.

مع ذلك، تصر المجموعة العسكرية على الإجراءات التي اتخذتها، وظلت متمسكة بقطع العلاقات مع فرنسا ونيجيريا والولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين، بدأت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التلويح باللجوء للتدخل العسكري.

ليس التدخل الأول

مع انغلاق آفاق الحل السلمي، يبدو أنه لا مناص عن التدخل العسكري، وفق المقال، الذي يلفت في هذا الصدد إلى أنه حال حدوثه، لن يكون الأول من نوعه.

تدخلت إيكواس خلال الحربين الأهليتين في ليبيريا وسيراليون أوائل التسعينيات، لأسباب إنسانية، وبعدها بسنوات في جامبيا، بعد رفض الرئيس آنذاك يحيى جامع تسليم السلطة إلى أداما بارو، الذي فاز في الانتخابات عام 2017.

وحسب المقال، قادت هذه التدخلات العسكرية إلى استعادة السلام والأمن والاستقرار في هذه البلدان وفي جميع أنحاء المنطقة، والأهم من هذا أن مواطني هذه الدول رحبّوا بالقوات الأجنبية، التي جاءت لتنقذهم في ذلك التوقيت، على حد وصف الكاتب.

مشكلات معقدة

مع ذلك، الحقائق الحالية لواقع الميدان في النيجر مغايرة، ويتمثل العائق الرئيس الأول أمام نجاح التدخل العسكري الإقليمي في النيجر في غياب المظلة الشرعية لمجموعة إيكواس بين مواطني النيجر.

وبحسب المقال، دعم بعض النيجيريين الإجراءات العسكرية، وتظاهروا معربين عن دعمهم للقيادة الجديدة، ما دامت أن قطاعات كبيرة من المجتمع النيجيري تدعم حكامه الجدد، ستعاني القوات الأجنبية لكسب قلوب وعقول السكان.

وقد تؤدي الطبيعة المعقدة للوضع، وعدم وجود استراتيجية شاملة أو خطة انتقالية واضحة المعالم، أو خارطة طريق، إلى انحدار التدخل المحتمل ونزاع طويل الأمد، حسب المقال.

أزمة لاجئين جديدة

وفق مقال فورين بوليسي، نتيجة النزاع المسلح المحتمل ستكون الانتشار الحتمي للاجئين والتدفق الجماعي للفارين إلى نيجيريا والبلدان المجاورة الأخرى.

فضلًا عن هذا، من شأن التدخل العسكري الإقليمي أن يؤدي إلى حرب بالوكالة تشارك فيها دول وجهات أخرى. وقد تعهدت بوركينا فاسو ومالي وغينيا بدعم النيجر حالة غزوها من قوة عسكرية إقليمية، وبصرف النظر عن واقع هذه البلدان، فهذه التهديدات “حقيقية”، إذ وثقت على مدار السنوات الماضية علاقاتها بالروس، وجمعت أسلحة وعتادًا عسكريًّا.

تمدد النزاع

مع دخول أطراف دولية في حرب بالوكالة، من الجائز أن تنشط الجماعات المتمردة والحركات الإرهابية على طول الساحل الإفريقي، وربما يتمدد النزاع إلى مناطق أخرى.

يرى المقال -ختامًا- أنه بينما تعد إيكواس نفسها لعملية عسكرية محتملة في النيجر، فاحتمال الفشل يفوق رهانات الفوز، لذا يجب على المجموعة أن تخطو بحذر في خطواتها كافة، وأن تغلّب المسار الدبلوماسي عن غيره، لأن “حياة البشر على المحك”، فمن الضروري إعطاء الأولوية للحل غير العسكري.

اقرأ أيضًا| المهلة انتهت.. هل تشن دول «الإيكواس» حربًا ضد النيجر؟

اقرأ أيضًا| مسؤولة أمريكية تزور النيجر.. والمجلس العسكري يرفض طلباتها

ربما يعجبك أيضا