خبراء أمريكيون: طهران يمكنها استخدام أموالها بالخارج لمواجهة كورونا

يوسف بنده

رؤية

يرى خبراء أمريكيون أن تخفيف العقوبات على إيران ليس ضرورياً لمساعدتها في مواجهة فيروس كورونا. وكذلك أن الاعتراض الأمريكي على قرض “صندوق النقد الدولي” لإيران ليس بالأمر الشاذ، وليس حاجزاً أمام تقديم المساعدة. حيث تتمتع إيران بإمكانية النفاذ إلى الأموال لدفع تكاليف الإمدادات الطبية والإنسانية. وهي لا تحتاج إلى قروض طوارئ أو إعفاءات من العقوبات لتمويل المشتريات الإنسانية من الخارج.

وحسب تقرير لمعهد واشنطن للأبحاث، فإنه بالرغم من أن إدارة ترامب فرضت عقوبات على “البنك المركزي الإيراني” في أيلول/ سبتمبر 2019 لدعمه الإرهاب، إلّا أن وزارة الخزانة الأمريكية اتخذت مؤخراً خطوات للسماح بقيام معاملات تجارية إنسانية بمشاركة “البنك المركزي الإيراني”.

ما تريده واشنطن، هو أن تستخدم إيران أموالها التي في الخارج، التي هي في حسابات “البنك المركزي الإيراني” في الخارج، بما في ذلك عائدات النفط الإيراني العالقة في حسابات الضمان في الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، لتمويل استيراد السلع التي ستساعد الحكومة على الرد على تفشي فيروس كورونا. وليس حصول طهران على قروض من صندوق النقد الدولي.

ثنائية الإرهاب والمساعدة

هناك قلق لدى واشنطن من مسألة تخفيف العقوبات بما يسمح لإيران بالحصول على جزء من أموالها. أو حصولها على قروض دولية؛ لأنها تقلق من استخدام هذه الأموال في تعزيز نفوذها الإقليمي بشكل أكبر.

ولذلك قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس السبت 18 أبريل/ نيسان، إن إيران أصبحت دولة مختلفة منذ انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة ولا تسعى إلا إلى البقاء. وأعاد ترامب اتهام إيران بأنها مركز الإرهاب وأنها تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط.

وفي الوقت نفسه، جدد دونالد ترامب استعداد الولايات المتحدة لمساعدة إيران لمواجهة تفشي فيروس كورونا، قائلا: “إذا كانوا يريدون المساعدة، فنحن مستعدون لتزويدهم بمعدات، مثل أجهزة التنفس”.

كما أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في وقت سابق، خلال برنامج تلفزيوني، أن بلاده اقترحت تقديم مساعدات إنسانية إلى الشعب الإيراني لكنها لا تنوي إرسال أموال إلى إيران.

وشدد بومبيو على أن أي أموال سترسل إلى إيران لن تتاح للشعب الإيراني وستنفق على “أهداف فاسدة”

وأمس أيضًا، قال مساعد وزير الصحة الإيراني، كامل تقوي نجاد، إن بلاده اتخذت الإجراءات اللازمة للحصول على قرض بقيمة 50 مليون دولار من البنك الدولي، مضيفًا أن هذا القرض سيتم إنفاقه “بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية” لتوفير المستلزمات الطبية اللازمة لمكافحة تفشي فيروس كورونا في البلاد.

كما أعلن أيضًا عن طلب الحصول على قرض بقيمة 130 مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية.

وتأتي مساعي إيران للحصول على قرض من البنك الدولي، رغم أن اسم إيران لم يتم إدراجه في القائمة الجديدة للدول المتلقية لمساعدات مالية من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي.

عجز في الميزانية

ناقش مدير الأبحاث في معهد واشنطن، باتريك كلاوسون، مسألة عجز الميزانية لدى الحكومة الإيرانية، بما يضعها في حاجة إلى الدعم الخارجي. فيقول: فيما يتعلق بمساعدة الشعب خلال فترة الوباء، لدى إيران آليات فنية ممتازة لتقديم العون، بما في ذلك برنامج مدفوعات مباشرة لمدة عشر سنوات لكل أسرة وأخرى توفر النقود للمواطنين الأشد فقراً. لكنها تفتقر حالياً إلى الموارد اللازمة لاستخدام تلك البرامج بسبب العجز الضخم في الميزانية الذي تعاني منه أساساً. ومع ذلك، أعلنت الحكومة عن مساعدة قيمتها 750 تريليون ريال، أي ما يعادل 5 مليارات دولار بسعر السوق الحرة.

وعلى الرغم من أن رئيس “الجمعية الاقتصادية الإيرانية” قد وصف تلك المساعدة بأنها “غير مهمة”، إلا أنها تعادل أكثر من نصف الإيرادات الضريبية التي جمعتها الدولة خلال العام الماضي. وقد طلبت طهران أيضاً قرضاً من “صندوق النقد الدولي”، ولكن هذا مسرح سياسي بحت نظراً لنفاذها الحالي إلى مختلف الاحتياطيات التي من شأنها أن تكون أكثر من كافية لتغطية احتياجاتها.

وفي النهاية، من المرجح أن يؤدي قرار النظام بتخفيض نطاق الإغلاق التجاري وأمده إلى التخفيف من الأثر الاقتصادي للوباء مقارنةً ببعض البلدان الأخرى.

يُذكر أن المؤسسات غير الأساسية خارج طهران تفتح أبوابها أساساً، ومن المتوقع أن تحذو حذوها العديد من الأعمال داخل العاصمة في الأيام المقبلة. ومن خلال إعطاء الأولوية للاقتصاد، أدرك النظام أنه سيكون هناك عدد أكبر من الوفيات.

ويُقدر الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز أن البلاد ستشهد انخفاضاً بنسبة 2-3 في المائة في “الناتج المحلي الإجمالي” لهذا العام (والذي قد يكون منخفضاً قليلاً). وستكون آثار الوباء أكثر حدة في قطاع الخدمات في المدن وستوجه ضربة موجعة للإيرانيين الأشدّ فقراً. أما بالنسبة لانهيار أسعار النفط، فلن يؤثر ذلك كثيراً على إيران لأن البلاد تُصدّر القليل جداً من النفط الخام – في تناقض حاد مع ما تصدره العراق والمملكة العربية السعودية، اللتين ستواجهان تأثيرات أكبر من إيران.

العقوبات الأمريكية

تتذرع إيران بمسألة العقوبات الأمريكية في كونها عقبة أمام إمكانية توفير احياجاتها اللازمة لمكافحة فيروس كورونا من الخارج. وتعلق الباحثة في معهد واشنطن، كاثرين باور، على ذلك بقولها: رغم أن الحكومة الأمريكية تطبق إعفاءات واسعة على بيع الأدوية والأجهزة الطبية والأغذية والسلع الزراعية، إلّا أن  العديد من المؤسسات المالية والكيانات الأخرى ما تزال حذرة من التعاون مع إيران بسبب الارتباك الواسع النطاق بشأن هذه الإمدادات.

وبناءً على ذلك، يتعين على إدارة ترامب أن تشير إلى أنها لا تنوي منع الشركات والمؤسسات المالية من مساعدة طهران على تلبية احتياجاتها الإنسانية المتعلقة بالوباء. كما يجب عليها اتخاذ خطوات أخرى تسهّل المساعدة دون تغيير بنية العقوبات الأمريكية بشكل أساسي، مثل توفير قدر أكبر من الوضوح بشأن التجارة ذات الأغراض الإنسانية المسموح بها، وتوسيع الحد الأقصى المفروض على إنفاق المنظمات غير الحكومية بالدولار، والنظر في التفويضات المحدودة المدة التي تدعم بدء التدخلات الطبية (بما في ذلك اللقاح بمجرد توفره).

وفي الوقت نفسه، يتعين على جميع الأطراف أن تضع في اعتبارها أن إيران لديها إمكانية الوصول إلى أموال وفيرة في الخارج تدعم المشتريات ذات الأغراض الإنسانية. وقد أصدر “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية” التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ترخيصاً في آذار/ مارس يسمح لـ “البنك المركزي الإيراني” باستخدام أمواله في حسابات أجنبية لغرض ضيّق يتمثل في شراء الإمدادات الطبية وغيرها من السلع المسموح بها. ووفقاً لـ “خدمة أبحاث الكونجرس”، قد تحتوي هذه الحسابات على ما يصل إلى ما مجموعه 90 مليار دولار. وفي 6 نيسان/ أبريل، أعلنت حكومة كوريا الجنوبية أنها ستستأنف التجارة ذات الأغراض الإنسانية مع إيران بموجب هذا الترخيص.

ويمكن توفير مساعدة إضافية ضمن إطار العمل الذي استحدثته إدارة ترامب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لمساعدة الحكومات والمؤسسات الأجنبية على وضع آليات دفع لقاء تجارة السلع الإنسانية. ومع ذلك، تدّعي العديد من المصارف أن العناية اللازمة التي يتطلبها هذا الإطار من العمل مرهقة للغاية. وحتى الآن، لم تستفد أي دولة من ذلك سوى سويسرا، بافتتاحها ما يسمى بـ “القناة السويسرية” في شباط/ فبراير الماضي.

ولمعالجة هذه المخاوف، على الإدارة الأمريكية تقديم توضيح خطي بشأن الإعفاءات القائمة من أجل طمأنة المؤسسات المالية بأنه بإمكانها المشاركة بشكل قانوني في تجارة السلع الإنسانية مع إيران. ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي يُصدر فيها “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية” ترخيصاً جديداً يدمج التراخيص الحالية ويوضح كيفية تطبيقها خلال الأزمة الراهنة.

ربما يعجبك أيضا