خبراء الفن يكشفون لـ«رؤية» كيف أثرت المنصات الرقمية في الدراما العربية

آية محمد

المنصات الرقمية أتاحت فرصة عمل لكثير من الفنانين، وساعدت في ظهور مواهب عدة، وأسهمت بطرح عدد كبير من الأعمال.. فلماذا يخشاها بعض الجمهور؟


خلال السنوات الفائتة، سيطرت منصات العرض الرقمية على خريطة الدراما العربية، ليظهر نمط جديد من الأعمال قليلة الحلقات، وأدوار كسرت كثيرًا من التابوهات.

ومع توسع تلك المنصات، أصبحت الدراما في الوطن العربي أكثر جرأة، وتناولت موضوعات أثارت جدلًا واسعًا فور عرضها، فكيف أثرت منصات العرض الرقمي في خريطة الدراما العربية، وكيف يرى صناع الدراما مستقبلها؟ هذا ما نطلع عليه في السطور الآتية.

المنصات تحتل العمل العربي

فال الناقد، طارق الشناوي، لشبكة رؤية الإخبارية، إن المنصات الرقمية تعد إضافة إيجابية للدارما، مشيرًا إلى أن الجمهور يخشى كل ما هو خارج عن المألوف، واستشهد بالفترة التي انتشرت خلالها أشرطة الفيديو، التي زادت فيها المخاوف بشأن مستقبل السينما، بعد أن ظهر خيار مشاهدة الأفلام في المنزل.

ويرى الشناوي أن المنصات الرقمية فرصة لتغير الكثير من القواعد والمعتقدات، التي يتعامل معها البعض على أنها “مريحة”، ولا يمكنهم الخروج عنها، خصوصًا المقارنة بين الأعمال الدرامية الطويلة، والمسلسلات الحالية التي تتراوح حلقاتها بين 7 و10 فقط. ورأى أن تلك الأعمال تساهم في ظهور مخرجين وفنانين، ابتعدوا عن الساحة، فضلًا عن لفت الأنظار لكثير من المواهب.

جراءة إيجابية

اتسمت الأعمال الأخيرة بالجرأة، ما يعده الشناوي أمرًا إيجابيًّا، مستنكرًا الاتهامات التي توجه إلى هذه الأعمال بأنها تستهدف تغيير ثقافة وقيم المجتمعات العربية، وأرجع هذه الاتهامات إلى أن المواطن العربي يبحث دائمًا عن أسباب لكل ما هو غير مألوف.

أما عن حالة الجدل الواسعة والاتهامات، التي طالت مسلسل “أزمة منتصف العمر”، المعروض عبر منصة شاهد، فقال الشناوي إنه لا يرى فيه مشكلة تستدعي كل تلك الضجة، مشيرًا إلى أن قصة المسلسل تحدث في الواقع، وعلى الدراما نقل كل ما يمر به الناس، حتى لو كانت فئة قليلة، فالدراما هي فن الممكن.

في حين يتوقع البعض أن الدراما فن الأغلبية وليس الأقلية، يقول الشناوي إن هذا غير صحيح، فليس من الضروري أن تقدم المشكلات والمشاعر، التي يمر بها أغلب البشر. وأوضح أن تقييم الأعمال لا يتوقف فقط على تصدرها التريند وإثارة الضجة، فيجب أن يكون ذا قصة مشوقة، ويستند لقيمة إبداعية موازية، بجانب باقي الأجزاء، التي تدعم جودة العمل الدرامي، بينها أداء الفنانين والإخراج، إضافة للتصوير والموسيقى وما إلى ذلك.

اختيار الجمهور للمسلسل

قال المخرج المصري، عماد البهات، إن المنصات الرقمية غيّرت كثيرًا في طريقة السرد، وطبيعة الأعمال، وأثرت أيضًا في وجهة نظر الجمهور لعدد من النجوم، ويراه شيئًا إيجابيًّا في حق الدراما العربية، ويرى أيضًا أن المنصات، مثل السينما، ويسهل التحكم بها، ما يجعلها تخاطب الفئة التي ترغب بها، وأيد تقديم الفكرة الإبداعية على أن تصنف حسب الفئات العمرية وأن تخضع للرقابة الأسرية.

وأوضح البهات أن أي قضية يمكن طرحها عن طريق الدراما، لكن لا بد أن تقدم بإبداع وابتكار، فطريقة الطرح هي ما يميّز فكرة عن أخرى، مشددًا على البعض يتجه نحو الأعمال، التي تجلب المشاهدات، بغض النظر عن ما تقدمه، وهذه الظاهرة موجودة منذ ظهور الفن والسينما والمسرح.

ويرى المخرج المصري أن المنصات الرقمية أتاحت فرصة عمل لكثير من الفنانين، وساعدت في ظهور مواهب عدة، وأسهمت في طرح عدد كبير من الأعمال، ما يتيح للجمهور حرية الاختيار وفرصة الانتقاء. وأسهمت أيضًا في الاتجاه نحو تطوير الأعمال الدرامية، واحتلت حيزًا مهمًا لتسويق الأعمال المعروضة عبرها أو عبر شاشات التلفزيون.

المنصات الرقمية وثقافة المجتمع العربي

يعد المؤلف المصري، محمد هشام عبية، المنصات الرقمية وسيط يمزج بين السنيما والمسلسلات، فاستطاعت أن تأخذ من الأفلام جراءة في العرض، بجانب التكثيف وزيادة الأحداث، في حين أخذت من الأعمال الدرامية جمهورها، ويرى عبية أن المنصات فرصة لمناقشة قضايا كان من الصعب طرحا سابقًا.

وينفي أن تكون لها نية للتأثير أو التغيير في الثقافة العربية عن طريق القصص والقضايا، التي تطرحها الدراما، مشيرًا إلى أن الكتّاب والمخرجين هم في الأساس عرب، ومن حقهم مناقشة كل القضايا الفكرية والفقهية الموجودة، وطرح وجهات النظر فيها. ويمكن من خلال الدراما مناقشة الموضوعات الحساسة بطريقة لا تؤذي المشاعر، لأن الغرض توعية الجمهور وطرح أفكار جديدة من الأحداث المحيطة.

المسلسلات القصيرة تخطف المشاهد

أضاف مؤلف مسلسل “بطلوع الروح”، الذي سبق عرضه عبر منصة شاهد، أن الأعمال الدرامية منتج تجاري، موضحًا أن الأعمال الطويلة لها جمهورها، لكن ذات الحلقات القصيرة هي السائدة حاليًّا. وأشار إلى أن الدراما في الأصل كانت قصيرة، لا تتخطى 10 حلقات، لكن مع مرور الوقت تغيّر الوضع، وزادت الحلقات لأسباب مختلفة، منها شهر رمضان والفواصل الإعلانية وخلافه، فالتنوع يرضي جميع الأذواق.

وأضاف أن الأعمال القصيرة المطروحة عبر المنصات لها شعبية أكبر من الطويلة. وذلك طبقًا لطبيعة العصر والقضايا التي تناقشها، وأنها أكثر جرأة، ويتابعها العديد من الشباب، ولفت إلى أن الدراما تستهدف وتسلط الضوء على القضايا الموجودة بالفعل، حتى إن تغافل عنها المجتمع.

ربما يعجبك أيضا