خبراء لـ«رؤية»: فخ الديون يثقل كاهل الاقتصاد التونسي

شيماء عزيز
تونس

تواجه تونس في السنوات الأخيرة تحديات اقتصادية جسيمة، وذلك تزامنًا مع الانتخابات الرئاسية التونسية الحالية، التي يتنافس فيها 3 مرشحين، هم الرئيس الحالي، قيس سعيّد، وأمين عام حركة الشعب القومية، زهير المغراوي، ورئيس حركة عازمون الليبرالية، العياشي زمال.حيث باتت البلاد تعاني من فخ الديون الذي يؤثر بشكل كبير على عوائد السياحة والتحويلات المالية من المغتربين، يعكس هذا الوضع تعقيدات أكبر لمستقبل الاقتصاد الوطني.

وتعاني تونس من أزمة قروض مستمرة، إذ تعتمد الحكومة على الاقتراض لسداد مديونياتها السابقة، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي، فخلال الربع الأول من العام الجاري، سجل الاقتصاد نموًا متدنيًا بنسبة 1%، لينخفض هذا المعدل إلى 0.6% خلال النصف الأول من العام، وفق أحدث البيانات.

تزايد الديون

في هذا الصدد، قال الدكتور محمود عبدالعظيم، الخبير المصرفي، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إن الديون العامة تعتبر أحد أبرز المخاطر التي تتهدد الاقتصاد التونسي، موضحًا أن الارتفاع الملحوظ للديون يعكس عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، مما يزيد من المخاوف لدى المستثمرين ويعرقل جهود التنمية.

وأوضح أن السياحة تعد أحد المصادر الرئيسة للعائدات في تونس، حيث تسهم بشكل كبير في توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات، متابعًا: ومع ذلك، فإن الديون المرتفعة أدت إلى عدم استغلال العوائد السياحية بشكل فعّال، حيث تذهب نسبة كبيرة من هذه الإيرادات لتسديد أقساط الديون، مما يحد من إمكانية الاستثمار في تحسين البنية التحتية السياحية، مضيفًا، أن تحويلات المغتربين تشكل جزءًا مهمًا من الاقتصاد التونسي، لكن هذه التحويلات أيضًا تواجه تحديات بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وتابع: “تتطلب معالجة أزمة الديون في تونس إصلاحات هيكلية شاملة، تشمل تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الشفافية، وزيادة الاستثمارات، وينبغي على الحكومة العمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتوجيه العوائد الناتجة عن السياحة والتحويلات نحو مشاريع تنموية مستدامة”.

إصلاحات هيكلية

من ناحيته، يرى الخبير الاقتصادي يوسف ميلاد، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، أن تونس تحتاج إلى مجموعة من الإصلاحات الهيكلية لمواجهة أزمة الديون وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، أهمها تبسيط الإجراءات اللازمة لتأسيس الشركات وتقديم حوافز ضريبية ومالية لجذب المستثمرين المحليين والأجانب.

وتابع: “بالإضافة إلى تشجيع القطاعات الجديدة ودعم صناعات جديدة مثل التكنولوجيا والابتكار والطاقة المتجددة، وتحسين جودة الخدمات السياحية والتركيز على السياحة البيئية والثقافية، وخصخصة بعض القطاعات مشددًا على ضرورة دراسة إمكانية خصخصة بعض الشركات العامة لتحقيق كفاءة أكبر”.

وأردف الخبير الاقتصادي: “بالإضافة إلى توسيع الشراكات الاقتصادية، والعمل على توقيع اتفاقيات تجارية جديدة لتعزيز صادرات تونس”، منوهًا إلى أهمية إشراك القطاع الخاص في صياغة السياسات عن طريق دعوة ممثلين عن القطاع الخاص للمشاركة في تطوير السياسات الاقتصادية والتجارية.

الدين الخارجي لتونس

كشفت المؤشرات المالية والنقدية الصادرة في 29 مارس 2024 عن البنك المركزي التونسي، ان خدمة الدين الخارجي بلغت منذ بداية العام والى غاية يوم 20 مارس الجاري 5438.5 مليون دينار، في حين تناهز حسب قانون المالية لهذه السنة.

وتبلغ القيمة الاجمالية لسداد أقساط الديون الخارجية 12.315 مليون دينار مما يعني أن تونس أوفت بنسبة 44.2 بالمائة من التزاماتها تجاه الدائنين، وهو ما يؤكد تماسك أسس المالية العمومية وراجعت على أساسه مؤخرًا وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لأفاق الاقتصاد الوطني من سلبية الى مستقرة.

التزامات تونس المالية لـ2024

تتضمن قائمة الالتزامات الخارجية لتونس عام 2024 دفع أقساط قرض صندوق النقد الدولي بعنوان أداة التمويل السريع لعام 2020، بقيمة 360 مليون دولار بمبلغ 90 مليون دولار لكل شهر، وفق بيانات البنك المركزي التونسي.

كما تشمل القائمة قرض صندوق النقد الدولي بعنوان تسهيل الصندوق الممدد 2016-2019، بنحو 256 مليون دولار موزعة على أقساط شهرية إلى جانب دفع 105 ملايين دولار للبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد، موزعة على 3 أقساط، إضافة الى مبلغ 100 مليون دولار لتسديد قرض السعودية، و70 مليون دولار لصندوق النقد العربي.

هذا وتم العام الماضي سداد كافة القروض الخارجية للبلاد، والتي كانت في حدود 11.714 مليار دينار، وفقًا لبيانات البنك المركزي التونسي.

التضخم

تراجع معدل التضخم السنوي في تونس، خلال أغسطس الماضي، للشهر الثاني على التوالي، مسجلًا 6.7 بالمئة، بحسب الأرقام التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء.

وكان معدل التضخم في يوليو تراجع إلى حدود 7 بالمئة على أساس سنوي، بعد أن سجل في يونيو 7.3 بالمئة.

وأرجع معهد الإحصاء الانخفاض في معدل التضخم السنوي، رغم الزيادة الشهرية في الأسعار، بشكل رئيس إلى تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية (8.5 بالمئة في أغسطس مقارنة بـ9.4 بالمئة في يوليو الماضي).

ربما يعجبك أيضا