خبراء لوزير الخارجية الإيراني: الأولوية للداخل وليست للخارج

عراقتشي ليست أولويته التوصل لاتفاق مع الغرب

يوسف بنده

الملف النووي اليوم لا يشكل أولوية السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط كما كان من قبل.


خرج وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، بتصريحات مفاجئة على عكس ما تعهد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بحل القضايا العالقة مع الغرب.

وصرح الوزير الذي شغل منصب كبير المفاوضين سابقًا، أنه لا يرحب بالعلاقات مع أوروبا إلا إذا تراجعت عن سياستها ضد إيران، وأنه يسعى لإدارة التوترات مع واشنطن وليس معالجة الصراع والتوترات معها لأنه لا جدوى من ذلك.

علي صالح آبادي رئيس تحرير صحيفة ستارة صبح

علي صالح آبادي – رئيس تحرير صحيفة ستارة صبح

إيران أولًا

أصابت تصريحات عراقتشي التيار الإصلاحي الذي دعم فوز بزشكيان بصدمة، فكتب علي صالح آبادي، رئيس تحرير صحيفة ستارة صبح، السبت 24 أغسطس: “الناس يريدون أن يعيشوا، ولا علاقة لهم بالصراع بين إيران وأمريكا، وبين إيران وإسرائيل، يجب على بزشكيان أن ينظر إلى “الداخل” وليس “الخارج”، أي إيران أولاً، ثم يأتي الخارج، لقد صوت الناس لصالح السلام والهدوء، وليس للصراع والعداء”.

وذكّر آبادي بالوضع الاقتصادي المتردي في الداخل، قائلًا: “لقد تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي والعلاقات الخارجية منذ تشكيل الحكومة الثالثة عشرة (حكومة رئيسي السابقة)، بحيث ارتفع مؤشر الأسعار في أول عامين من عمر تلك الحكومة بنسبة 114%، وارتفع سعر الدولار من 27 ألف تومان إلى أكثر من 60 ألف تومان، وانخفضت قيمة العملة الوطنية إلى النصف، والأهم من ذلك أن موائد الناس أصبحت أصغر وانخفضت قدرتهم الشرائية.

كما ذكّر رئيس تحرير الصحيفة الإصلاحية رئيس الحكومة الجديدة، أن الشعب منح تلك الحكومة أصواته أملًا منه في حل أزماته، وخشيةً من من تفاقم الأوضاع للأسوأ.

عراقتشي يزور مرقد عبد اللهيان

عراقتشي يزور مرقد عبد اللهيان

تحديات الحكومة

استعرض صالح آبادي التحديات التي تواجه الحكومة الإيرانية الجديدة، حيث ذكر السياسة الخارجية العدائية التي كلفت أكثر من منافعها، مطالبًا بتغييرها. مشيرًا إلى قضية معاداة إسرائيل ووقوف إيران إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا الذي كلف إيران الكثير.

وأضاف رئيس تحرير صحيفة ستاره صبح، أن القضية النووية لا تزال تكلف إيران الكثير وتتسبب في زيادة التوتر مع الغرب. مشيرًا إلى أن حكومة بزشكيان رضخت لضغوط التيار المحافظ والمتشدد، بديل إبقائه على وزير الإعلام وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي ورئيس هيئة الطاقة الذرية ووزير العدل الذين كانوا في الحكومة السابقة.

وحذر الكاتب الإصلاحي: “ما دامت هناك عقوبات، فلا ينبغي لنا أن نتوقع النمو والتطور والازدهار. إن تجربة التاريخ تثبت أن كل دولة اصطدمت مع أمريكا منيت بالخسائر. كما تكبدت إيران خسائر بسبب ذلك في العقود الماضية. وقال الرئيس الأسبق، حسن روحاني: الفشل في إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة تسبب في خسائر بقيمة 300 مليار دولار للبلاد”.

مرقد الوزير عبد اللهيان

عراقتشي يزور مرقد عبد اللهيان

حل الصراع أولًا

بنيامين صادقي، الباحث والمستشار في حل النزاعات والوساطة الدولية، كتب في صحيفة ستاره صبح موجهًا كلامه إلى وزير الخارجية الإيراني: “سيد عراقتشي، إن رفع العقوبات هو المهم، وليس إدارة الأعمال العدائية”.

وأوضح صادقي، أن حل النزاعات هو نهج أكثر شمولا وفعالية واستدامة لإدارة الصراع. مضيفًا حول أهمية حل الصراع وليس إدارته: “إنه من خلال التركيز على حل المشاكل الجذرية وتعزيز العلاقات، يمكن للمجتمعات أن تخلق بيئة أكثر صحية للمواطنين حتى يمكنهم أن يعيشوا فيها بشكل أكثر راحة ورفاهية”.

مهمة صعبة

يقول محلل الشئون السياسية، صابر جول عنبری، في صحيفة آرمان امروز، السبت 24 أغسطس، إن عراقتشي يواجه مهمة دبلوماسية صعبة، فإن “رفع العقوبات اليوم أصعب من أي وقت مضى ويرتبط بقضايا نووية وغير نووية. فإن الملف النووي اليوم لا يشكل أولوية السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط كما كان من قبل، بل يبدو أن مجمل سياسة طهران الإقليمية بعد طوفان الأقصى وحرب غزة هي الأولوية الأولى لواشنطن”.

مضيفًا: “طبعاً هذا لا يعني أن الملف النووي فقد أهميته بالنسبة لأمريكا وأوروبا؛ بل الملاحظ أنه نظراً لظهور الأولوية الإقليمية، فإنه من غير المرجح أن يقدم الطرف الآخر نفس التنازلات التي قدمها سابقاً في شكل رفع العقوبات مقابل الحد من البرنامج النووي الإيراني”.

وتعليقًا على تسليم حقيبة الخارجية للوزير عراقتشي، قال: “إن مثل هذا الإجماع على تسليم دفة قيادة النظام الدبلوماسي الإيراني إلى دبلوماسي براجماتي ومفاوض يمكن أن يكون علامة على إدراك الحكومة لضرورة فتح مسارات جديدة في السياسة الخارجية، وخاصة في التعامل مع الغرب”.

ويفسر تحليل عنبري، تصريحات عراقتشي حول عدم إمكانية إحياء الاتفاق النووي مرة أخرى، لكنه نفى أن يكون كلامه بمعنى موت ذلك الاتفاق، موضحًا: “لم أقل ذلك، لكن لا يمكن إحياء الاتفاق النووي في الوقت الراهن، بشكله الحالي، ولكن سيكون هناك بالتأكيد أشكال أخرى من الاتفاق سنتابعها”. ما يعني أن عراقتشي يلمح لإمكانية عقد اتفاق مؤقت مجددًا مع الولايات المتحدة على غرار ما حدث خلال حكومة إبراهيم رئيسي.

ربما يعجبك أيضا