خبير لـ«رؤية»: ارتفاع الأجور بألمانيا يهدد خطط خفض الفائدة الأوروبية

بعد قفزة الأجور بألمانيا.. شكوك بشأن خفض الفائدة بمنطقة اليورو

محمود عبدالله

يتوقع معظم صُناع السياسات النقدية ألا تؤدي زيادات الأجور في أكبر اقتصاد بأوروبا إلى ارتفاع التضخم، لكن يشعر بعض خبراء الاقتصاد بالقلق جراء تلك الخطوة التي تشير إلى صعوبة السيطرة على مؤشر أسعار المستهلكين، وعدم الوصول إلى المستهدفات التي تحفز خفض أسعار الفائدة.

وتشهد الأجور في ألمانيا ارتفاعًا بأسرع معدل لها هذا القرن، ما يغذي القلق بين بعض المحللين بشأن خفض أسعار الفائدة المتوقع الشهر المقبل من قبل البنك المركزي الأوروبي.

زيادة الأجور

يتوقع أن ترتفع الأجور المتفاوض عليها في ألمانيا بنسبة 5.6% خلال العام الجاري، وفقًا للبيانات التي نشرتها مؤسسة WSI العالمية، يوم الثلاثاء 13 أغسطس 2024، وستكون زيادة الأجور، من حيث القيمة الحقيقية، هي الأسرع منذ بدأت سجلات المؤسسة في الرصد منذ العام 2000.

ورغم أن الزيادات تتجاوز بكثير هدف التضخم الإجمالي لواضعي الأسعار البالغ 2%، فقد أدرج صناع السياسات في فرانكفورت نمو الأجور المرتفع في توقعاتهم قبل اتخاذ أي قرارت بشأن السياسة النقدية.

البنك المركزي الأوروبي

يأتي هدوء البنك المركزي الأوروبي في مواجهة ضغوط الأجور المرتفعة من الاعتقاد بأن العمال ما زالوا يلحقون بالركب بعد تآكل قدرتهم الشرائية بسبب التضخم، رغم احتساب زيادة الأجور بنسبة 5.6% هذا العام، ولكن لم يتم تعويض سوى نصف خسائر العمال الألمان بين عامي 2021 و2023.

واستشهدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد في يونيو الماضي باتفاقية زيادة الأجور بنسبة 12% للعاملين في القطاع العام في ألمانيا وهي الأولى منذ 3 سنوات كمثال، موضحة: “يمكنك أن تتخيل أن الاتفاقية التي يتم قطعها في 2024، والتي تغطي القوة الشرائية المفقودة في أعوام 2021 و2022 و2023 ستكون كبيرة جدًا”.

أسعار الفائدة

قال أستاذ إدارة الأعمال الدكتور مجدي شرارة، إن زيادة الأجور في ألمانيا من شأنه أن يسبب قلقًا لصناع السياسات النقدية ويدفعهم إلى التريث قبل خفض الفائدة، خاصة في ظل المطالب المستمرة بأكبر اقتصاد في اليورو لأجل زيادة الأجور، والتي يتوقع أن يتم الاستجابة لها بسبب ضغط النقابات العمالية.

وأضاف شرارة، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية“، أن الزيادات المرتقبة من المتوقع أن ترفع أسعار المستهلكين في أوروبا وذلك يقوض خفض الفائدة قبل التأكد من استمرار الاتجاه النزولي للأسعار، مشيرًا إلى أن يراهن صناع السياسات في أوروبا على ما يمكن وصفه بالتضخم الجشع، والذي يشير إلى أنه لن تمرر الشركات تكاليف الرواتب والأجور إلى عملائها والمستهلكين في النهاية، خاصة بعد الأرباح التي تحققت بعد الجائحة.

توقعات الفائدة

تشير توقعات الأسواق إلى احتمالات تزيد على 90% لخفض آخر لأسعار الفائدة الأوروبية بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر المقبل، وذلك بعد خفض سعر الودائع في يونيو من 4% إلى 3.75%.

وأشار مجدي شرارة إلى أنه مع ركود النمو فإن هوامش الربح ستتقلص، ومع توقعات أن تظل البطالة منخفضة، فإن هذا يعني أن العمال يمكنهم الضغط من أجل زيادات الأجور، طالما لا تتوافر العمالة التي تزيد عن الحد أو التي تهدد بقاء العمال الحاليين، لافتًا إلى أن ارتفاع تكاليف العمالة في منطقة اليورو قد يثقل كاهل القدرة التنافسية للمنطقة، وبالتالي استمرار الانكماش الاقتصادي.

نقابة العمال

تابع “شرارة” أن المطالبات المستمرة بزيادة الأجور تُقوض كذلك توسّع القطاع الخاص وتأسيس المشروعات الجديدة، وهي عوامل تضع السلطات في ورطة بين التحفيز النقدي لأجل انتعاش الشركات، وبين مخاوف خفض الفائدة بسبب زيادة الطلب وارتفاع التضخم والذي يستوجب استمرار أسعار الفائدة عند معدلات مرتفعة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي ستبدأ فيه نقابة العمال الأكثر قوة في ألمانيا “آي جي ميتال”، معركتها من أجل زيادة الأجور بنسبة 7% لنحو 3.9 مليون عامل في صناعة المعادن والكهرباء في البلاد خلال شهر سبتمبر المقبل.

ربما يعجبك أيضا