خسائر خفية.. لماذا يتوقع الباحثون وصول ضحايا غزة لـ186 ألفًا؟

مخاوف من ارتفاع أعداد الضحايا في غزة بسبب النزوح ونقص الرعاية الصحية

بسام عباس
غزة

على مدى الأشهر الـ9 الماضية، شنت القوات الإسرائيلية حملة عسكرية مكثفة، أسفرت عن استشهاد نحو 38 ألف شخص في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.

وبمرور الوقت، أصبح إحصاء هذه الأعداد أكثر صعوبة، بحيث أصبح المسؤولون أقل قدرة على مواكبة عمليات القتل، ويُعتقد أن هناك 10 آلاف جثة تحت الأنقاض في غزة، ولم يتم إحصاؤهم من بين الضحايا.

لا يوجد إحصاء دقيق

قالت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير للكاتبة منى شلبي، الجمعة 12 يوليو 2024، إن الحرب لا تقتل الناس بالصواريخ والقذائف فقط، بل أيضًا عبر سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية، وحتى لو توقفت حملة القصف الإسرائيلية، فمن المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا في غزة بصورة كبيرة.

وأضافت أن مجلة “لانسيت” الطبية نشرت رسالة تقول فيها إن الرقم النهائي لعدد الضحايا الفلسطينيين في غزة قد يصل إلى نحو 186 ألفًا، حيث شرحت الرسالة التي كتبها علماء، تأثير الحرب في صحة الغزيين، جسديًا ونفسيًا، وتوضح أهمية إجراء إحصاء دقيق، رغم صعوبة تحقيق ذلك.

مستشفى الشفاء في غزة

مستشفى الشفاء في غزة

 خسائر غير مباشرة

أوضحت الكاتبة أن علماء الأوبئة، الذين يدرسون انتشار الأمراض في أثناء الصراعات المسلحة، وفي الأعوام الأخيرة، بدأوا في إحصاء ما يسمونه الخسائر غير المباشرة للحرب، والتي تنجم عن عوامل، مثل سوء التغذية، ونقص الأدوية، والظروف المعيشية غير الصحية.

وقال مدير معهد أبحاث صحة السكان في جامعة ماكماستر في كندا، وأحد مؤلفي الرسالة، سليم يوسف، إنه في وقت مبكر من الحرب، كانت التوقعات، استنادًا إلى بيانات من حروب سابقة، أن يكون هناك 4 وفيات غير مباشرة في مقابل وفاة واحدة مباشرة، على الأقل، ولكنه يشعر الآن بالقلق من ارتفاع هذا التوقع.

وأشارت الكاتبة إلى أنه في أحدث مسودة لتحليلهم، وجد يوسف وزملاؤه أن نسبة 4 إلى 1 قد تعني 186 ألف حالة وفاة في غزة، وتمثل هذه الأرقام نسبة مذهلة تبلغ 8% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

ونقلت الكاتبة عن المؤلفة الرئيسة للدراسة وعالم الأوبئة السريرية في معهد “أدفوكيت أورورا” للأبحاث في ويسكونسن، رشا الخطيب، قولها إنه يجب التعامل مع هذه الأرقام على أنها تقديرات حقيقية، وليست بعيدة الحدوث، فمع انهيار أنظمة الرعاية الصحية، تنهار أنظمة المعلومات أيضًا، وأرقام الضحايا المباشرة ستصبح أقل دقة مع مرور الوقت.

نقص الرعاية الصحية

أوضحت الكاتبة أن هناك عدد من الأسباب، التي تجعل الصراعات تقتل كثيرًا من الناس، بصورة غير مباشرة، منها الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للرعاية الصحية، فعندما لا يوجد ما يكفي من الأطباء أو أسرة المستشفيات، أو الإمدادات الطبية، أو مختبرات التشخيص العاملة، فإن احتمال الموت يزداد.

ولفتت إلى أن نظام الرعاية الصحية في غزة كان تحت ضغط وقيود شديدة قبل التصعيد العسكري الأخير، وقد أدى الحصار، الذي تفرضه “إسرائيل” منذ أكثر من 15 عامًا، إلى نقص مستمر في الأدوية والمعدات الطبية، وحتى منتصف يونيو، كان 17 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل بصورة جزئية، أما الباقي فتم تدميره بالكامل.

وكي تعيش وتتعافى، فإنك تحتاج للحصول على الغذاء والمياه النظيفة، ولكن في غزة، دمرت القوات الإسرائيلية المزارع الفلسطينية، وأوقفت الشاحنات المليئة بالإمدادات الإنسانية، وفي الوقت نفسه، تحجب مجموعة من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة ومعظم أوروبا، التمويل عن وكالة الأونروا في غزة، بسبب المزاعم الإسرائيلية بأن بعض موظفي الأونروا على صلة بهجمات 7 أكتوبر.

رفح الفلسطينية 2

مخيمات النازحين في رفح الفلسطينية

النزوح وتفاقم الأزمة

ذكرت الكاتبة أن النازحين يعانون معدلات مرتفعة من الاضطراب النفسي، والإصابات الجسدية، وفي المخيمات المكتظة وغير الصحية، تنتشر الأمراض المعدية بسرعة، وبسبب النزوح تركز نحو نصف سكان غزة ضمن 17% فقط من أراضيها، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الأمراض تنتشر وتتكاثر، ولاحظ الأطباء حالات متعددة من التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء.

وتخشى الخطيب أن تؤدي الحرب في غزة إلى أعلى معدل وفيات غير مباشر مقارنة بأي صراع آخر في التاريخ الحديث، لافتة إلى أن نسبة 12 إلى 1 تبدو ممكنة بالفعل، ولكن إذا واصلت إسرائيل هجماتها، فقد تصل 18 إلى 1، وسيصبح التعافي، نفسيًا وجسديًا، وإعادة بناء البنية التحتية، أكثر صعوبة بالنسبة إلى أولئك الذين بقوا.

واختتمت الكاتبة تقريرها بأنه قد تمر أعوام قبل أن يتمكن الباحثون من تحديد عدد الضحايا الدقيق والفعلي في غزة، وحملة العنف المستمرة ستؤدي إلى خسائر غير مباشرة تتجاوز كثيرًا الكارثة المباشرة.

ربما يعجبك أيضا