خطة نووية شديدة السرية.. قرارات جديدة من بايدن لردع الصين

إسراء عبدالمطلب

أظهرت طموحاتها النووية توسعًا أسرع من المتوقع، مدفوعةً برغبة الرئيس شي جين بينج في تجاوز استراتيجية "الحد الأدنى من الردع" للوصول إلى حجم ترسانات الولايات المتحدة وروسيا أو تجاوزه.


في وثيقة سرية تمت الموافقة عليها في شهر مارس الماضي، أمر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، القوات الأمريكية بالاستعداد لمواجهة نووية مُنسقة مُحتملة مع روسيا والصين وكوريا الشمالية.

هذه الخطة النووية السرية للغاية للولايات المتحدة، تعيد توجيه استراتيجية الردع الأمريكية للمرة الأولى للتركيز على التوسع السريع للصين في ترسانتها النووية، ويأتي هذا التحول في الوقت الذي يعتقد فيه البنتاجون أن مخزونات الصين سوف تُنافس حجم وتنوع مخزونات الولايات المتحدة وروسيا على مدى العقد المُقبل.

مواجهة نووية مُتعددة الأطراف

حسب صحيفة “نيويورك تايمز”، الثلاثاء 20 أغسطس 2024، لم يعلن البيت الأبيض قط أن بايدن وافق على الاستراتيجية المنقحة، التي أطلق عليها “إرشادات التوظيف النووي”، والتي تسعى أيضًا إلى إعداد الولايات المتحدة للتحديات النووية المنسقة المحتملة من الصين وروسيا وكوريا الشمالية.

والوثيقة التي يتم تحديثها كل 4 سنوات أو نحو ذلك، شديدة السرية لدرجة أنه لا توجد نسخ إلكترونية منها، بل عدد صغير فقط من النسخ الورقية التي يتم توزيعها على عدد قليل من مسؤولي الأمن القومي وقادة البنتاجون، ولكن في الخطب الأخيرة، سُمح لمسؤولين كبيرين في الإدارة بالإشارة إلى التغيير في جملتين مقتضبتين بعناية قبل إخطار أكثر تفصيلًا وغير سري إلى الكونجرس، ومن المتوقع أن يتم إرساله قبل مغادرة بايدن لمنصبه.

مواجهة تهديدات الصين وروسيا وكوريا الشمالية

في وقت سابق من هذا الشهر، قال الخبير الاستراتيجي النووي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي خدم سابقًا في البنتاجون، فيبين نارانج: “لقد أصدر الرئيس مؤخرًا إرشادات محدثة بشأن استخدام الأسلحة النووية تأخذ في اعتبارها تعدد الخصوم المسلحين نوويًا”، مضيفًا أن هذه الإرشادات استجابةً “للزيادة الكبيرة في حجم وتنوع” الترسانة النووية الصينية.

وفي يونيو، أشار المدير الأول لمجلس الأمن القومي لشؤون ضبط الأسلحة ومنع الانتشار، براناي فادي، إلى الوثيقة الجديدة التي تستعرض بالتفصيل استعداد الولايات المتحدة للرد على الأزمات النووية التي قد تندلع في وقت واحد أو بشكل متتابع باستخدام مزيج من الأسلحة النووية وغير النووية، لافتًا إلى أن الاستراتيجية الجديدة تركز على “ضرورة ردع روسيا وجمهورية الصين الشعبية وكوريا الشمالية في الوقت نفسه”.

بيئة نووية أكثر تعقيدًا

كانت التحديات السابقة التي تواجه الاستراتيجية النووية الأمريكية تتعلق بشكل رئيس بترسانة الكرملين، ولكن مع الشراكة المتنامية بين روسيا والصين، والتعاون العسكري مع كوريا الشمالية وإيران، تغيرت ملامح التهديدات بشكل جذري، فعلى سبيل المثال، تجري روسيا والصين تدريبات عسكرية مشتركة، فيما تحاول وكالات الاستخبارات تحديد ما إذا كانت روسيا تدعم برامج الصواريخ في كوريا الشمالية وإيران.

وتشير الوثيقة الجديدة إلى أن أي مسؤول سيتولى منصبه في 20 يناير المقبل سيواجه بيئة نووية أكثر تعقيدًا وتغيرًا بشكل كبير مُقارنة بالبيئة التي كانت موجودة قبل 3 سنوات فقط، حيث هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا باستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، مما أدى إلى مخاوف جدية في واشنطن بشأن احتمال التصعيد النووي.

طموحات نووية

نجح بايدن، جنبًا إلى جنب مع قادة ألمانيا وبريطانيا، في إقناع الصين والهند بالتصريح علنًا بعدم وجود مبرر لاستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، مما ساهم في تهدئة الأزمة، على الأقل مؤقتًا، وفي هذا الصدد، قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، ريتشارد ن. هاس، إن هذه اللحظة كانت “مهمة”، مضيفًا أن التعامل مع روسيا أصبح أكثر تعقيدًا، وأن فرضية عدم استخدام الأسلحة النووية في الصراعات التقليدية لم تعد آمنة.

أما بالنسبة للصين، فقد أظهرت طموحاتها النووية توسعًا أسرع من المتوقع، مدفوعةً برغبة الرئيس شي جين بينج في تجاوز استراتيجية “الحد الأدنى من الردع” للوصول إلى حجم ترسانات الولايات المتحدة وروسيا أو تجاوزه، وفي الواقع، أصبحت الصين الآن تمتلك أسرع نمو في الترسانة النووية على مستوى العالم.

تغيير الاستراتيجيات الأمريكية

من جانب كوريا الشمالية، ضاعف الزعيم الكوري، كيم جونج أون، من جهوده النووية، ليصبح لديه الآن أكثر من 60 سلاحًا نوويًا، مع الوقود اللازم لتصنيع المزيد، وهذا التوسع يجعل من الصعب على الدفاعات الصاروخية وحدها ردعها، ويزيد من احتمال تنسيق التهديدات مع موسكو وبكين.

ويقول المسؤولون إن التغييرات في البيئة النووية ستستمر في تغيير استراتيجيات الحرب الأمريكية بشكل جذري، كما أشار نارانج إلى أن “مسؤوليتنا هي أن نرى العالم كما هو، وليس كما نرغب أو نأمل”، وأضاف أن التحدي الجديد يتمثل في “الاحتمال الحقيقي للتعاون أو حتى التواطؤ بين خصومنا النوويين”.

الانتشار النووي

رغم ذلك، لم تتناول الحملة الرئاسية الجديدة بوضوح التحديات التي تواجه الاستراتيجية النووية الأمريكية. فبايدن، الذي كان مدافعًا عن منع الانتشار النووي طوال مسيرته السياسية، لم يفصح عن تفاصيل كيفية التعامل مع التهديدات المُتزايدة من الصين وكوريا الشمالية، وكذلك، لم تتناول نائبة الرئيس كامالا هاريس هذه المسائل بشكل علني.

وفي مؤتمره الصحفي الأخير في يوليو، قبل إعلان عدم ترشحه لولاية ثانية، أقر بايدن بدعمه للبحث عن طرق للتعامل مع الشراكة الأوسع بين الصين وروسيا، لكنه لم يكشف عن تفاصيل هذا النهج

ربما يعجبك أيضا