خطوات نوعية لدول الخليج من أجل المستقبل.. عنوانها «أسواق الكربون»

ولاء عدلان

تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ المساهمات الوطنية في مكافحة تغير المناخ بما يصل إلى 250 مليار دولار بحلول العام 2030.


أعلنت السعودية نجاح أكبر مزاد عالمي لتداول “ائتمانات الكربون”، عقب إطلاقها شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية، يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2022.

وتعد هذه أحدث خطوة خليجية تستهدف تعزيز التزام دول المنطقة بتحقيق الحياد المناخي، والتخلص من انبعاثات الغازات الدفيئة، وسط نمو عالمي مضطرد لإيرادات تسعير الكربون، التي سجلت نحو 84 مليار دولار، بنهاية العام الماضي.

شركة إقليمية لتداول أرصدة الكربون

أعلن صندوق الاستثمارات العامة، الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر “مبادرة الاستثمار” في الرياض، تأسيس شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية، بالتعاون مع مجموعة “تداول” السعودية بحصة 80% للصندوق، و20% للمجموعة، ومن المتوقع تأسيس السوق بالكامل بحلول العام المقبل 2023.

وأوضح الصندوق السيادي السعودي أن الهدف من الشركة هو تمكين شركات المنطقة من الوصول إلى الحياد الصفري، وضمان شراء أرصدة الكربون لتخفيض الانبعاثات في سلاسل القيمة، وأوضح نائب المحافظ في الصندوق، يزيد الحميّد، أن الشركة ستلعب دورًا مهمًا في تعزيز جهود الصندوق، ودعم مبادرات المملكة لتحقيق الحياد الصفري بحلول 2060.

أكبر مزاد لتداول الائتمان الكربوني

خلال النسخة السادسة من مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”، نظمت السعودية أكبر مزاد عالمي للائتمان الكربوني، الذي قدم للشركات المُشاركة شهادات بمعايير عالمية، تساهم في وصولها لـ”صفر انبعاثات”، وبحسب بيان لصندوق الاستثمارات العامة شهد المزاد تداول 1.4 مليون طن من الائتمان الكربوني، ليصبح الأكبر من نوعه عالميًّا.

وشارك في المزاد 15 شركة سعودية وإقليمية، وتصدرت عملاقة النفط السعودي “أرامكو”، والعليان المالية، وشركة التعدين العربية السعودية، قائمة أكبر المشترين لوحدات الائتمان الكربوني، وهي تصاريح تتعلق بالانبعاثات الكربونية، تلجأ لشراءها الشركات عندما تتجاوز أو تتوقع تجاوز عملياتها الحد الأقصى من الانبعاثات، المحدد من قبل حكومات الدول، التي تعمل بها.

السعودية تتطلع إلى الريادة

تسعى السعودية، أكبر مصدر للنفط في العام، إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وفي نفس الوقت الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول العام 2060، وفي هذا الإطار، أطلقت “أرامكو”، في 26 أكتوبر الحالي، صندوقًا للاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولا،ر لدعم جهودها للوصول إلى هدف صفر انبعاثات في أعمالها التشغيلية بحلول 2050.

ويستهدف صندوق الثروة السيادي السعودي أن تصبح المملكة ضمن أكبر 5 أسواق عالمية للكربون الطوعي، بحسب تصريح سابق لنائب محافظ الصندوق، ويسعى أيضا إلى تطوير 70% من قدرة توليد الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030، لدعم جهود مواجهة تأثير تغيرات المناخ.

أبوظبي تطلق بورصة لتداول أرصدة الكربون

قال البنك الدولي، مايو الماضي، إن أكثر من ثلثي بلدان العام تعتزم استخدام أسواق الكربون، للوفاء بتعهداتها المناخية، وبالنسبة للإمارات، وهي أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتعهد بتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، فأعلنت خطة لإطلاق أول  بورصة إلكترونية في العالم لتداول أرصدة الكربون، مارس الماضي.

وتطلق سوق أبوظبي العالمية هذه البورصة بالتعاون مع “أير كربون إكستشينج” خلال الفترة المقبلة، لينظم تجارة أرصدة الكربون وتعويضات الانبعاثات، بما يسمح للشركات بتداول وتمويل تجارة على غرار تداول الأصول المالية التقليدية، على أن تكون غرفة المقاصة الخاصة بها في أبوظبي.

ما حجم سوق الكربون العالمية؟

أسواق الكربون، هي أنظمة تجارية قد تكون ملزمة أو طوعية، يمكن من خلالها للبلدان أو الشركات شراء أو بيع أرصدة الكربون، في محاولة للالتزام بالحدود الوطنية المسموح بها للانبعاثات، ضمن أهداف الحياد المناخي، وفق تعريف الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي.

وتتولد أرصدة الكربون عن تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة أو إزالتها من الغلاف الجوي، مثلًا عن طريق التحوّل من استخدام الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة ، وخلال العام الماضي، نمت قيمة سوق الكربون العالمية بنحو 164% إلى 851 مليار دولار، وفق تقديرات “ستاتيستا” الألمانية الصادرة في فبراير الماضي.

يثثص

حجم سوق الكربون العالمية باليورو من 2018 إلى 2021 – وفق ستاتيستا الألمانية

أسواق الكربون ضرورة لدول الخليج

قال بنك الإمارات دبي الوطني، في مذكرة بتاريخ 1 إبريل 2022، إن اقتصادات الشرق الأوسط، وتحديدًا دول مجلس التعاون الخليجي، في حاجة إلى خفض انبعاثات الكربون أكثر من غيرها، بسبب ارتفاع نصيب الفرد لديها من الانبعاثات، مقارنة بباقي دول العالم، فقطر، على سبيل المثال، تتصدر دول العالم في نصيب الفرد من انبعاثات الكربون.

وأضافت المذكرة أن تطوير أسواق الكربون في اقتصادات الخليج الرئيسة، مثل الإمارات والسعودية، إلى جانب استراتيجيات هذه الدول لخفض الانبعاثات، يساعد في الوفاء بأهداف الحياد المناخي، فضلًا عن المساهمة في توجيه الاستثمار محليًّا، نحو مشروعات خفض الكربون نفسها.

ويقدر البنك الدولي أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ سياسات مكافحة تغير المناخ بنحو 250 مليار دولار أمريك بحلول العام 2030.

ارتفاع نصب الفرد في الدول الخليجية

نصيف الفرد من انبعاثات الكربون – بنك الإمارات دبي الوطني

ربما يعجبك أيضا