خطوة على الطريق.. مصر تجهز لإعادة الصناعة الوطنية إلى مكانتها

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر

القاهرة – بدأت الحكومة المصرية، في اتباع نهج جديد لإعادة الصناعة في البلاد لمكانتها، وتعظيم تأثيرها في الاقتصاد الوطني من خلال الاستفادة من الفرص المتاحة حاليًا لتعميق الصناعة المحلية، من خلال إنتاج مستلزمات الإنتاج، ومدخلات الصناعة محليًا لتلبية احتياجات العديد من القطاعات خصوصًا في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، وتوقف الصناعات في العديد من دول العالم والاعتماد على الصناعة المحلية.

الخطوة المصرية الجديدة، طالب بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في العديد من المناسبات، من أجل النهوض بقطاع الصناعة الوطني، والاستفادة من الأدوات الموجودة به، والقدرة التنافسية للاقتصاد المصري حاليًا، في ظل تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار.

“فرصة كبيرة”

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أكد -خلال لقاء مفتوح بعدد من الصناع والمستثمرين في البلاد، بحضور وزيرة التجارة المصرية نيفين جامع- أن المرحلة القادمة تُمثّل فرصة كبيرة لعودة الصناعة المصرية بقوة، وإعادة دورها وتأثيرها في الاقتصاد الوطني، من خلال الاستفادة من الفرص الراهنة المتاحة لتعميق الصناعة المحلية.

وذكر رئيس الوزراء أن الدولة تستهدف تقديم العديد من التيسيرات والحوافز التي تُمكن الصناعة الوطنية من الانطلاق، لافتًا إلى أن عددًا من الحوافز التي تم اتخاذها مؤخرًا من جانب الدولة بدت وكأنها رد فعل لتداعيات أزمة فيروس كورونا، إلا أنها كانت مدروسة مسبقًا وتنتظر التوقيت الأنسب، مثل تقليل سعر الغاز الطبيعي والكهرباء للمصانع، وغيرها من المُبادرات لصالح المصانع لتخفيف حدة الإجراءات البيروقراطية.

وأشار مدبولي إلى أن الحكومة تعلم أنه ما زال هناك تحديات تواجه الصناعة الوطنية، ولكنها تعمل على تذليلها، مؤكدًا أن هناك الكثير من الخطوات التي تمت على الأرض خلال الفترة الماضية بهدف تذليل تلك العقبات، لافتًا إلى أهمية التحرك بجدية، لتحقيق قدر أكبر من التناغم بين الحكومة ورجال الصناعة، والاستفادة من هذه الأزمة الاستثنائية، وتحويل المحنة الراهنة إلى منحة، وتحقيق دفعة في قطاع الصناعة.

“مبادرة جديدة”

مدبولي كشف -خلال اللقاء- أن الدولة بحاجة إلى تعويض العديد من الواردات من البُلدان المُختلفة التي توقفت نتيجة الظروف العالمية الراهنة، داعيًا إلى إطلاق مُبادرة وطنية للتحرك الجاد نحو التوسع في إنتاج مستلزمات الإنتاج، ومدخلات الصناعة محليًّا لتلبية احتياجات العديد من القطاعات، مثل مستلزمات المشروعات القومية، لتغطية هذا الاحتياج المحلي من تلك المُكونات والمدخلات، وتقليل الحاجة إلى الاستيراد.

وطالب مدبولي بطرح فكرة التوسع في الإنتاج لتغطية الطلب المحلي، وإيجاد خطوط إنتاج تلبي متطلبات كافة المستويات، من خلال براندات مصرية ذات جودة عالية، مؤكدًا ثقته في أن بعض المؤسسات الصناعية الوطنية تستطيع الوصول إلى إنتاج محلي 100%.

وأوضح مدبولي أن هناك فرصة كبيرة للتشاور، وإيجاد رؤية يمكن التوصل اليها، حول شكل العمل بعد أزمة كورونا، وما إذا كانت فكرة العولمة ستتراجع لصالح فرضية أخرى بأن تنكفئ كل دولة على ذاتها، وتُلبي احتياجاتها، دون أن تصدر أو تستورد، داعيًا إلى مشاركة الحكومة رؤيتها بشأن المرحلة المقبلة، وسبل العمل معا من أجل الصالح العام للوطن، لتعرف الدولة ما الذي يمكن أن تقدمه لهذا القطاع ليتمكن من إحداث نقلة حقيقية.

“أبرز الفرص”

وزيرة التجارة المصرية نيفين جامع، أعلنت أنه تم إجراء عدد من الدراسات نتج عنها أهمية البدء بالعمل على عدة قطاعات في مقدمتها قطاع الصناعات الهندسية وقطاع المنسوجات والغزل والنسيج بما يشمل الملابس الجاهزة، موضحة أنه تم اختيار هذين القطاعين نظرًا لارتفاع القيمة المضافة بهما، بالإضافة إلى وجود قدرات تصنيعية للقائمين عليها على قدر عالٍ.

ونوهت الوزيرة إلى أن أحد التحديات التي تم التوصل إليها هو رصد العديد من المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج، والتي تعد مستلزمات إنتاج ولدينا القدرة على تصنيعها محليًّا، موضحة أنها تواصلت مع الدكتور محمد معيط وزير المالية؛ لإيجاد حل لهذه التحديات وتعميق المنتج المحلي.

وأضافت وزيرة التجارة والصناعة، أن الدولة تتطلع نحو القطاع غير الرسمي باهتمام، والذي يتجاوز دوره وحجم اعماله النظرة القاصرة له على انه بتضمن مشروعات متناهية الصغر، فهناك مشروعات صغيرة يصل حجم أعمالها إلى ما يقارب مشروعات متوسطة ويعمل بشكل غير رسمي.

ولفتت الوزيرة إلى أنه تم -أمس في مجلس النواب- اعتماد قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، الذي يتضمن محورًا كاملًا عن القطاع غير الرسمي ووسائل جذبه للقطاع الرسمي، مؤكدة أن الدولة حريصة في المعاملة على دمجه في القطاع الرسمي، وتقديم الكثير من الحوافز له، مع الحرص في الوقت ذاته على وضع اشتراطات يكون على تلك المشروعات الالتزام بها، ووجود فترة انتقالية لتوفيق الأوضاع، والقانون عالج أمورا كثيرة جدًّا، ففيما يخص الشروط التمويلية فحجم التعريف في حده الأقصى وصل في قانون أمس الى 200 مليون حجم مبيعات، وشريحة كبيرة تستفيد من ذلك.

“مطالب الصناع”

رئيس اتحاد الصناعات المصري محمد السويدي، ذكر أن الظروف الحالية التي تشهدها البلاد، هي الأنسب لاتخاذ إجراءات نحو تعميق المنتج المحلي، لاسيما مع التأثير الكبير الذي أحدثه “فيروس كورونا” على القطاع الصناعي حول العالم، لافتًا إلى وجود مصانع كثيرة تحولت لتصنيع المستلزمات الطبية، بدعم من وزارة الصناعة وهيئة التنمية الصناعية التي تعمل على تيسير منح التراخيص والموافقات، وتبسيط الإجراءات التي ساهمت في دفع مسيرة القطاع الصناعي بشكل عام خلال الفترة الماضية، ونأمل أن نستمر في العمل على هذا المنوال.

وأكد الحضور حرصهم على استثمار الفرص التي تُتيحها المرحلة الراهنة، ووضع يدهم في يد الدولة، للتوصل الى رؤية حول سبل النهوض بالقطاع الصناعي الوطني وتحفيز الإنتاج المحلي، منوهين بأن السوق المصري أصبح سوقًا جاذبًا؛ لأنه يتمتع بالعديد من التيسيرات مما يجعله هدفا لعدد من المستثمرين، مؤكدين استعدادهم لزيادة الإنتاج المحلي.

وأشار المستثمرون إلى أنه خلال الفترة الماضية تم الاعتماد أكثر على المنتجات المحلية، ومنها ما يتعلق على سبيل المثال بصناعة الملابس الجاهزة، والتي كانت تعتمد وبشكل كبير على الوارد من الخارج، والآن وصل الاعتماد على المنتج المحلى لنسبة أكثر من 80%، ولابد من وضع نسبة للتصنيع المحلى للمنتجات التي يتم تجميعها في مصر، وذلك تشجيعًا ودعمًا للصناعة المحلية، وحتى يتمتع المنتج بالتيسيرات والمميزات التي تتيحها الدولة لدعم الصناعة والمنتجات المحلية.

وطالب رجال الأعمال بزيادة الدعم المشروط للمصانع والشركات المصدرة، والتوسع في مراكز الأبحاث الخاصة بالصناعة وتطوير المنتجات بما يلبى احتياجات المصانع التي تعتمد في إنتاجها على منتجات مستوردة، وهو ما سيسهم وبشكل كبير في التخفيض من حجم الاستيراد لمدخلات الإنتاج لعدد من الصناعات، وهو ما يدعو إلى زيادة الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، لما توفره من منتجات مغذية لعدد من المصانع الكبرى.

وأكدوا على ضرورة التسويق لمصر على أنها دولة صناعية في مختلف الأوساط الدولية، والسعي لأن تكون مصنعا لقارة أوروبا، وخاصة فيما يتعلق بتصنيع مدخلات الإنتاج لعدد من القطاعات، والاستفادة من التقارب في العديد من النقاط، مؤكدين أن النجاح في التصدير للدول الأوروبية سيفتح أمامنا المزيد من الأسواق في أفريقيا والشرق الأوسط.

ربما يعجبك أيضا