خطوة غير مسبوقة.. مآرب أوكرانيا من توغل قواتها داخل روسيا

محمد النحاس

إحدى دوافع الهجوم المحتملة، أن القوات الأوكرانية وجدت نفسها تحت ضغط متزايد على طول الجبهة التي تمتد على طول 600 ميل، بينما يواصل الروس هجماتهم بوتيرة مطردة لكن بطيئة في نهج مرهق للقوات الأوكرانية التي تعاني نقصًا في العتاد والأفراد.


في خطوة غير مسبوقة، شنت أوكرانيا صباح الثلاثاء 6 أغسطس 2024 هجومًا عبر قوات مدرعة على منطقة كورسك الروسية ذات الدفاعات الضعيفة، ما تسبب في حالة من الذعر بين المدنيين.

الاجتياح المفاجئ من أوكرانيا إلى منطقة كورسك الروسية استمر لليوم الثاني، ما دفع فلاديمير بوتين إلى عقد اجتماع مع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين.

ماذا حدث؟

أجلت روسيا القرى القريبة من الحدود، حيث تقدم مئات الجنود الأوكرانيين في مركبات مدرعة سريعة، وفقًا للمسؤولين الروس، ونشرت روسيا وحدات الجيش وحرس الحدود والطائرات الحربية لمواجهة الوحدات الأوكرانية.

وقالت يوم الأربعاء إنها أوقفت توغل القوات الأوكرانية، وقال مدونون روس مقربون من الجيش الروسي إن أوكرانيا استولت على عدة قرى وتقدمت عدة أميال في اتجاهين.

دوافع الهجوم

عن مرامي أوكرانيا من الخطوة، ربما تأمل أن تنقل روسيا بعض القوات من الجبهة الشرقية في أوكرانيا، مما يخفف الضغط على قوات كييف هناك، وقد يسمح التقدم لجيش أوكرانيا بعرقلة خطوط الإمداد الروسية إلى قواتها بالقرب من خاركيف.

بهذا الهجوم ربما تحاول القوات الأوكرانية تشتيت الموارد والقدرات الروسية بعيدًا عن الجبهة، وتظل تلك الخطوة تطورًا كبيرًا في الصراع الذي دخل عامه الثالث، ويبدو أن سرعة العملية الأوكرانية قد فاجأت القوات الروسية.

ولم يعلق المسؤولون الأوكرانيون، لكن المحللين قالوا إن هذه الخطوة بدت كاجتياح أكثر جدية من الغارات عبر الحدود السابقة في مناطق أخرى، التي نفذها ميليشات مسلحة موالية لأوكرانية وانسحبت بعد أيام.

ما الجدوى؟

يرجح خبراء في أوكرانيا، أن مثل هذه الهجمات لا تخدم هدفًا عسكريًا طويل الأمد، فقد شنت جماعات معارضة للكرملين في روسيا هجمات من أوكرانيا على مناطق بيلغورود وكورسك في مارس، ولكن تم صدها دون تحقيق مكاسب استراتيجية.

من جهته، التقى بوتين بأعلى المسؤولين العسكريين والأمنيين لديه، ووصف في اجتماع حكومي يوم الأربعاء اجتياح أوكرانيا بأنه “استفزاز كبير”، وبينما قلل المسؤولون الروس من مدى التقدم الأوكراني، قال مدونون حربيون روسيون ومتطوعون مقربون من الجيش إن قوات كييف اجتاحت الأراضي ذات الحماية الضعيفة التي كانت دفاعاتها غير مستعدة والجنود فيها ضعفاء.

جهود الإجلاء

مع التوغل الأوكراني، هرعت السلطات الروسية في منطقة كورسك لدعم الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من منطقة الحدود بالسيارات والحافلات، كما جرى إرسال أطباء من موسكو ومدن أخرى للمساعدة، وتم إلغاء جميع الفعاليات الكبرى في المنطقة.

وادعت وزارة الدفاع أن القوات الروسية تصدت للهجوم، لكنها اعترفت عند منتصف النهار يوم الأربعاء بأن القتال مستمر.

علاقة الهجوم بالجبهة الشرقية

إحدى دوافع الهجوم المحتملة، أن القوات الأوكرانية وجدت نفسها تحت ضغط متزايد على طول الجبهة التي تمتد على طول 600 ميل، بينما يواصل الروس هجماتهم بوتيرة مطردة لكن بطيئة في نهج مرهق للقوات الأوكرانية التي تعاني نقصًا في العتاد والأفراد.

وعلاوةً على ذلك، وبالنظر إلى سلسلة التطورات السلبية من الجبهة بالنسبة لأوكرانيا، فإن الحديث عن اجتياح ناجح قد يساعد كييف في تعزيز معنويات القوات والشعب على حدٍ سواء.

وتدفق الجنود الروس إلى أوكرانيا بشكل كبير، حيث تقدر قواتها في البلاد بحوالي 520 ألفًا، وهو ضعف أو 3 أضعاف حجم القوات التي دشنت الحرب، في المقابل، تجد أوكرانيا صعوبة في تعبئة المجندين الجدد وتتعرض للضغط في بعض أجزاء الجبهة الشرقية، خصوصًا في وسط دونباس نحو بوكروفك.

هجمات مماثلة

في السابق تمكنت مجموعات تخريبية (غير نظامية) مؤيدة لأوكرانيا من العبور إلى روسيا، لكن أيًّا لم تتسبب أي منها في أضرار كبيرة. وهاجمت القوات الأوكرانية بانتظام أهدافًا داخل روسيا بالطائرات المسيّرة والصواريخ، لكن كييف لم تطلق أي اجتياحات برية رسمية عبر الحدود في العامين ونصف منذ بداية الحرب.

وقال معهد دراسات الحرب، إنه تمكن من تحديد موقع لقطات نشرت في 6 أغسطس تظهر مركبات مدرعة مدمرة ومهجورة على بعد حوالي 4.3 ميل (7 كيلومترات) شمال الحدود، لكنه لم يتمكن من تأكيد ما إذا كانت روسية أو أوكرانية أو كلاهما.

مآرب أخرى

تمر الأنابيب الغازية الرئيسة إلى أوروبا بالقرب من بلدة سودزا، التي يدور القتال على مقربة منها، حيث توجد محطات غاز تورّد إنتاجها إلى دول مثل النمسا والمجر عبر أوكرانيا، والتي سمحت باستمرار تدفق الغاز كجزء من عقد ينتهي أواخر 2024.

ويذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا، باستثناء واردات الغاز الطبيعي.

وتشير تكهنات أخرى أن هدف الاجتياح قد يكون محطة كورسك للطاقة النووية، ولكن المنشأة تبعد 35 ميلًا عن الحدود، وهو بعيد عن ما يمكن لقوة تتألف من عدة مئات أو آلاف أن تنجزه.

ربما يعجبك أيضا