خفض سعر الفائدة في أمريكا.. ما التأثير السياسي للتضخم؟

ما هي العواقب السياسية للتضخم في الجزء الجنوبي من العالم؟

بسام عباس

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية يوم الأربعاء، في إشارة إلى ثقته في أن التضخم في البلاد تم ترويضه بشكل فعال.

وأوضحت صحيفة “نيويورك تايمز” أن بنك الاحتياطي الفيدرالي، مع استمرار انخفاض التضخم لعدة أشهر، فسر خطوته باعتبارها استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن التأثير المحتمل لأسعار الفائدة المرتفعة على العمالة.

تهديد التضخم

ذكرت مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو” الأمريكية، في تقرير نشرته الخميس 19 سبتمبر 2024، أنه كان من المتوقع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، التي بلغت 5.4%، وهي أعلى مستوياتها منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية في عام 2007، ولكن الخفض بنصف نقطة مئوية تجاوز ما كان يتوقعه معظم المحللين.

وأضافت أن هذه الخطوة، بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي اعتبره الكثيرون حذرًا للغاية في سياسته بشأن أسعار الفائدة، تعكس الإجماع على أن التهديد المتمثل في التضخم قد انحسر حاليا، بعد أن بلغ متوسطًا لمدة 12 شهرًا تجاوز 9% في يونيو 2022، وهو أعلى معدل منذ 1980، بينما تراجع التضخم الآن إلى 2.5% ما يتيح فرصة التحكم فيه.

وأشارت إلى أن جزءًا كبيرًا من هذا الارتفاع كان مرتبطًا بتأثيرات وتداعيات الجائحة، بما في ذلك اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع الطلب، فضلاً عن تدابير التحفيز المالي ورفع الأسعار، موضحةً أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا لعب دورًا رئيسًا.

التأثير السياسي للتضخم

أوضحت المجلة أن مناقشات كثيرة، منذ بدأت معدلات التضخم في الارتفاع قبل 3 سنوات، دارت حول الأهمية النسبية لكل من هذه العوامل السببية، وما يترتب على ذلك من آثار فيما يتصل بأفضل السبل لمعالجة المشكلة، وعلى النقيض من هذا، كان التأثير السياسي للتضخم، في الولايات المتحدة وفي مختلف أنحاء العالم، أكثر وضوحًا.

وفي الولايات المتحدة، أدى التضخم إلى تأجيج الاستقطاب السياسي، الذي تفاقم بالفعل خلال عام الانتخابات الرئاسية، وفي أوروبا أيضًا، كان التضخم عاملًا مساهمًا، إلى جانب الهجرة، في صعود اليمين المتطرف.

ولكن ربما لم تكن العواقب السياسية للتضخم أكثر وضوحًا في أي مكان من العالم الجنوبي، حيث دفعت أزمة تكاليف المعيشة إلى انتشار الاحتجاجات الشعبية في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى المظالم الشعبية بشأن الفساد وسوء الإدارة والافتقار إلى المساءلة الديمقراطية، ما أدى إلى خلق مزيج خطير من عدم الاستقرار لحكومات تكافح بالفعل مع عبء الديون المنهكة.

تداعيات سياسية

تشير خطوة الاحتياطي الفيدرالي إلى اقتراب نهاية المعركة ضد التضخم في الولايات المتحدة، ولكن رغم الاضطرابات السياسية بشأن أفضل السبل للتعامل مع التضخم على مدى العامين الماضيين، تصدرت الولايات المتحدة الترتيب من حيث استجابتها الاقتصادية للجائحة، فلم يتراجع النمو، وظلت الأجور تواكب التضخم، بالمقارنة مع أوروبا.

ولكن من منظور أطول وأوسع نطاقًا، ظهرت بعض المخاوف، فمن فقاعة الدوت كوم والأزمة المالية إلى أيام أسعار الفائدة المنخفضة إلى الصِفر التي سبقت الجائحة، لم يُبذَل الكثير لكبح جماح أجواء المقامرة التي سادت الاقتصاد العالمي، والنتيجة واضحة في أزمة تكاليف المعيشة والتداعيات السياسية الناجمة عنها في مختلف أنحاء العالم.

ربما يعجبك أيضا