خلال 2023.. مخاطر الركود تحاصر الاقتصاد البريطاني

ولاء عدلان

يتوقع بنك إنجلترا أن يشهد الاقتصاد البريطاني خلال 2023 ركودًا يمتد حتى النصف الأول من العام 2024 قبل أن ينتعش بالتدريج لاحقًا.


بدأت المملكة المتحدة العام الجديد، وسط توقعات بأن تسجل أسوأ أداء بين الاقتصادات المتقدمة بضغط من استمرار التضخم المرتفع وموجة التشديد النقدي.

ويتوقع بنك إنجلترا (المركزي) أن يمتد الانكماش الذي بدأ في الربع الثالث من 2022 إلى 2024 لتسجل البلاد أطول موجة ركود منذ نحو 100 عام، بعد أن تراجع اقتصادها العام الماضي من المركز 5 إلى 6 عالميًّا بين أكبر اقتصادات العالم.

الاقتصاد البريطاني يواجه خطر الركود العميق

قال بنك إنجلترا في نوفمبر الماضي إن بريطانيا تتجه صوب ركود طويل الأمد، مستبعدًا عودة التضخم إلى مستهدفه عند 2% قبل 2024، وأشار إلى أن اقتصاد البلاد سيشهد خلال 2023 ركودًا سيمتد حتى النصف الأول من 2024 قبل أن ينتعش تدريجيًّا، لكنه سيظل بحجم أقل مما كان عليه العام الماضي حتى 2025.

وتوقع البنك المركزي ارتفاع معدل البطالة في المملكة المتحدة خلال 2023 إلى 6.5% ليسجل أعلى مستوياته منذ 2008/2009، وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، في خطابه بمناسبة العام الجديد: “المرحلة الصعبة في اقتصادنا ستستمر في عام 2023 بسبب تداعيات حرب أوكرانيا”، وفق ما نقلت وكالة أنباء رويترز.

forklift in a warehouse

توقعات بأن يسجل الاقتصاد البريطاني أسوأ أداء بين اقتصادات مجموعة الـ7 في 2023

ركود لا مفر منه

تدهورت آفاق النمو في المملكة المتحدة خلال 2022، ومن المتوقع أن يسجل اقتصادها نموًّا بحدود 3.1% أو 3.6% عن مجمل العام الماضي، يلي ذلك عامان من النمو البطيء أو السلبي، وسط توقعات بأن يتراوح معدل التضخم بين 10% إلى 17% خلال النصف الأول من 2023، حسب “برايس ووتر هاوس كوبرز” البريطانية.

ويتوقع صندوق النقد أن يسجل الاقتصاد البريطاني هذا العام نموًّا لا يتجاوز 0.3%، في حين أن “بنك أوف أمريكا” يرى أن الركود في 2023 أمر لا مفر له منه في المملكة المتحدة، ويتفق معه “كريدي سويس” و”فيديليتي” الأمريكية للاستثمار و”ناشيونال ويستمنستر بنك” و”ماكواري” لإدارة الأصول الأسترالية.

وتوقعت “أكسا إنفستمنت” لإدارة الأصول في ديسمبر الماضي، انكماشًا للاقتصاد البريطاني هذا العام بنحو –0.7%، ولا تستبعد “برايس ووتر هاوس كوبرز” أن يصل الانكماش إلى -1.3%.

سسس

توقعات ومؤشرات إيجابية

خلافًا لشبه إجماع بين بنوك الاستثمار وشركات إدارة الأصول، توقعت “ولز فارجو” الأمريكية للاستثمار أن ينجح اقتصاد بريطانيا في تجنب الركود العميق، حال تمكن بنك إنجلترا من استعادة السيطرة على التضخم، ووقف دورة التشديد النقدي في وقت مبكر، وفق “بلومبرج”.

وقد لا يبدو هذا الرأي منطقيًّا أمام حقيقة أن الاقتصاد البريطاني لم يتمكن بعد من استعادة مستويات 2019، لكن الأيام القليلة الماضية حملت مؤشرات إيجابية قد تبعد البلاد عن فخ الركود العميق، أهمها تراجع معدل التضخم في ديسمبر الماضي إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر عند 10.5%.

التضخم2

تباطؤ التضخم في بريطانيا خلال ديسمبر 2022 لكنه لا يزال عند مستوى قياسي

تفاؤل حيال تراجع التضخم

تراجع التضخم خلال ديسمبر نزولًا من أعلى مستوياته في 41 عامًا عند 11.1%، المسجل في أكتوبر الماضي، ما دفع محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي للتصريح الخميس الماضي بأنه متفائل حيال تراجع التضخم هذا العام بسرعة أكبر من المتوقع، اعتبارًا من نهاية الربيع.

وخفض “جي بي مورجان” الخميس الماضي، توقعاته لانكماش اقتصاد بريطانيا إلى 0.1% من 0.3%، بدعم من توقعات بتراجع التضخم بوتيرة أكبر، بعد تراجع أسعار الغاز الطبيعي خلال الفترة الأخيرة إلى أدنى مستوياتها منذ 17 شهرًا، وتوقعات بأن تتراجع الحكومة عن خطط لزيادة فواتير الكهرباء المنزلية في إبريل.

رياح معاكسة

توقع بنك إنجلترا في نوفمبر انخفاض معدل التضخم الرئيس إلى نحو 5% بحلول نهاية 2023، ولكن هذا الرقم لا يزال أعلى من مستهدف البنك البالغ 2% وبعيدًا عن المستوى الحالي 10.5%، ما يعني أنه سيواصل خلال العام الحالي رفع الفائدة أعلى مستوياتها الحالية 3.5%.

ويمثل ارتفاع أسعار الفائدة عائقًا أمام ربحية الشركات والاستثمارات الجديدة، ونمو القطاع العقاري الحيوي الذي بدأ يعاني في أكتوبر الماضي تراجع في الأسعار للمرة منذ يوليو 2021، بضغط من تراجع الطلب. وتتوقع كابيتال إيكونوميكس أن يتراجع نشاط سوق الإسكان هذا العام إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عقد، بفعل ارتفاع تكاليف الرهن العقاري، وفق “الإندبندنت”.

منازل

توقعات انخفاض أسعار المنازل في المملكة المتحدة

وبينما تتوقع الأسواق رفعًا للفائدة إلى 4.5% هذا العام، قد يضطر بنك إنجلترا إلى تجاوز هذا الرقم، حال استمرار نمو الأجور بعد ارتفاعها بأكبر وتيرة منذ 2001 (+6.4%) خلال الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر 2022، ما يمثل رياحًا معاكسة لجهود البنك لكبح التضخم، وفق “الجارديان”.

ربما يعجبك أيضا