خيارات الصين وإيران المحدودة أمام الاحتجاجات.. هل يوجد حل سوى الديمقراطية؟

أحمد ليثي
الصين

ألحق وباء فيروس كورنا المستجد ضررًا كبيرًا في علاقة الحكام الإيرانيين والصينيين بمواطنيهم.


خلقت حقبة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مساحة آمنة لظهور الأنظمة الاستبدادية عالميًّا، وفق ما يرى محرر الأمن الدولي بـ”سي إن إن“، باتون والش.

ويوضح والش، في تقرير نشر يوم الجمعة 23 ديسمبر 2022، أن عهد ترامب منح الفرصة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدء الحرب الروسية الأوكرانية، بالرغم من التحذيرات المتواصلة للمخابرات الغربية، التي أبلغت حكوماتها أن موسكو ستعلن الحرب.

توقع خاطئ

قال تقرير للمعهد الملكي للخدمات المتحدة ببريطانيا، في 4 أكتوبر 2022، إن الوحدات العسكرية الروسية كانت تتوقع الانتهاء من مهمتها في غضون 10 أيام فقط، موضحًا أن القيادة الروسية لم تلتقط أي مواجهات من شأنها أن تتحدى الخطة، التي وضعها الجيش لـ”تطهير أوكرانيا من الحكومة الموالية للغرب.”

وبدأت أكبر حرب برية في أوروبا منذ 75 عامًا، ومعها هزيمة عسكرية محتملة لروسيا قد تعيد كتابة المعايير الراسخة للأمن الأوروبي، بحسب تقرير الشبكة الأمريكية، ويمكن أن تزلزل مكانة روسيا كقوى عظمى في أوروبا.

التجنيد الإجباري

أشار باتون والش إلى أن الجيش الروسي اضطر لخيار التجنيد الإجباري، لكن لم تضع موسكو في اعتبارها الغضب المتنامي للرأي العام في البلاد، خاصة بعدما أعلن بوتين تعبئة جزئية في سبتمبر الماضي، نجم عنها إرسال 77 ألف جندي إلى أوكرانيا.

وشددت روسيا الخناق على المعارضة الداخلية، ما يدل على تزايد المعارضة وليس انحسارها، وزاد ذلك وعي الكرملين بعدم شعبية الرئيس فلاديمير بوتين، الذي كان قراره ببدء الحرب الروسية الأوكرانية “مغامرة غير محسوبة”.

قمع مميت

بحسب التقرير، تسبب وباء فيروس كورنا المستجد في ضغوط اقتصادية على العالم، ما جعل المواطنين أقل صبرًا مع المسؤولين غير الأمناء، فطردت المملكة المتحدة رئيسين للوزراء بسبب قضايا تتعلق بالسلوك وعدم الكفاءة، بعد وقت قصير من فوز حزب المحافظين بانتصار ساحق في الانتخابات الأخيرة.

من جهة أخرى، كان للوباء تداعياته الاقتصادية، التي أدت لفشل مذهل للاستبداد في إيران، لكن ما لفت نظر العالم للاحتجاجات الأخيرة، هي المعاملة الوحشية للمراهقات اللاتي احتججن على الحجاب الإلزامي.

الوباء يضرب

ضرب الوباء إيران، وشهد عام 2020 ضعف الموارد الطبية في مستشفيات طهران، لدرجة أن المواطنين لم يكن بوسعهم الحصول على جهاز تنفس صناعي، في ظل معاناة المرضى، وفي الوقت نفسه، لم يكن النظام يجد فرصة لإلقاء اللوم على العقوبات الأمريكية المفروضة بسبب مواجهة إيران للهيمنة الأمريكية في المنطقة.

وحسب التقرير، ألحق الوباء ضررًا كبيرًا في علاقة الحكام الإيرانيين بالمواطنين، فالنظام الذي كان يتشدق طوال الوقت بحماية الإيرانيين من الفساد وتوفير أساسيات الحياة، مقابل فرض القمع وتطبيق قواعد محددة في لباس النساء، لم يكن قادرًا على توفير أبسط الموارد.

إيران

إيران

ارتخاء قبضة السلطة

أدلى المدعي العام الإيراني بتصريحات تفيد بحل شرطة الأخلاق، المتهمة بمقتل الفتاة الكردية، مهسا أميني، التي أشعل مقتلها الاحتجاجات في طهران، وبالرغم من أن القرار قد يكون علامة على إصلاح حكومي، فإنه مؤشر على أن سلطة الدولة في إيران ترتخي، مع وجود مئات الجثث بالفعل تحت الأقدام، ما يعدّ خضوعًا للإرادة الشعبية.

ورأى الكاتب أن الاحتجاجات الحالية في إيران لا تبشر بسقوط النظام، لكن يبدو أنها لحظة لا رجوع فيها بالنسبة للشعب، وهي إشارة للأنظمة القمعية، التي تتمتع بأفضل الموارد والأكثر سيطرة وكفاءة، مثل الصين، أن عليها البحث عن خيار آخر للسيطرة على الشعوب غير القمع.

سيطرة شاملة

ذكر التقرير أن الوباء دفع الصين إلى السيطرة الشاملة على البلاد، ولجأت الحكومة للخيارات الأكثر قسوة، وهي الحدّ من الحركة، واحتجاز الناس في بيوتهم، لكن الخيار المفضل لدى السلطات لن يكون فعالًا للأبد، عبلى حد تعبيره.

وحتى وقت قريب، كان الصينيون يحبسون أنفسهم في منازلهم، سواء بسبب الإغلاق الكلي، الذي فرضته الحكومة، أو للمرض الذي طال العديد منهم، ولم يكن لديهم خيار سوى احتجاز أنفسهم في المنزل، لعدم توفر الرعاية الطبية.

الحكومة غير مستعدة

قال الزميل الأقدم بشؤون الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، يانزونج هوانجن، إن “المظاهرات أظهرت مدى أهميتها الاجتماعية في إقناع القائد الأعلى بأن الوقت حان للتنازل عن هذه السياسات”.

لكن الحكومة الصينية، المهووسة بالسيطرة، على حد تعبير “سي إن إن”، أظهرت عدم استعدادها للتنازل التام عن سياسة “صفر كوفيد”، بعدما فشلت في تطعيم المسنين، وتعزيز قدرة العناية المركزة في المستشفيات، وتخزين الأدوية المضادة للفيروس.

قرارات خاطئة

يتمتع الرئيس الصيني، شي جين بينج، بسلطة مطلقة، لكن من الواضح تمامًا أنه اتخذ قرارات خاطئة بشأن التعامل مع “كوفيد-19″، وصار واضحًا للعالم أن الدولة، التي “خرج منها الوباء”، تتعامل مع الجائحة على نحو سيء، على حد زعم التقرير.

ونوّه التقرير بأن من الخطر بالنسبة لشي أن يدرك الصينيون أنهم لا يمكنهم التواصل الحقيقي مع حكومتهم، إلا من خلال العصيان والاحتجاجات، مشيرًا إلى أن الديمقراطية توفر مساحة للمعارضة، بحيث لن تسمح لحكومة أن تطلق النار على سيدات لخلعهن الحجاب، أو حجز الناس في مساكنهم لمنع الفيروس من الانتشار.

ربما يعجبك أيضا