دبابات أمريكا وألمانيا ستدعم أوكرانيا ميدانيًّا.. ما تبعات هذه الخطوة؟

محمد النحاس

لطالما طالب رئيس أوكرانيا زعماء الدول الغربية بالحصول على دبابات.. هل ستؤثر هذه المعدات حقًا في سير المعارك ضد القوات الروسية؟


وافقت الولايات المتحدة وألمانيا على إرسال الدبابات إلى أوكرانيا، في خطوة تطالب بها كييف منذ أشهر.

وتردد صانعو القرار في واشنطن وبرلين في إرسال دباباتهما التي قد تغير موازين المعارك ضد روسيا، فما تداعيات هذه الخطوة؟ ولماذا تغير الموقف الغربي؟ وكيف سيرد الروس مستقبلاً؟ وإلى أي مدى يذهب الغرب في دعمهم لكييف؟

تعزيز قدرات أوكرانيا

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستسلم 31 دبابة من طراز أبرامز لأوكرانيا، وهو ما يعادل كتيبة أوكرانية، وستصل في غضون أشهر، في تغير للموقف الذي تبنته واشنطن منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

وحسب ما أوردته وكالة أنباء رويترز، شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن، على ضرورة الخطوة، من أجل تعزيز القدرات القتالية للقوات الأوكرانية، وذلك في خطاب ألقاه أول من أمس الأربعاء 25 يناير 2023.

موافقة ألمانية

جاءت الخطوة الأمريكية بعد ساعات من إعلان ألمانيا موافقتها على إرسال دبابات ليوبارد2 إلى أوكرانيا، وسترسل برلين 14 دبابة، وستسمح للدول الأوروبية بإرسال الدبابات ألمانية الصنع.

وشدد المستشار الألماني أولاف شولتز، في خطاب ألقاه أمام البرلمان أن بلاده ستكون دائمًا في طليعة الدول الداعمة لأوكرانيا، وسط تصفيق حاد من أعضاء البرلمان، حسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح الباب أمام تسليم أوكرانيا مئات الدبابات، التي شدد الرئيس الأوكراني فلاديمير زلينسكي مرارًا على الحاجة إليها منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي. وتمهد هذه الخطوة الطريق أمام إرسال دول أخرى للدبابات الألمانية، مثل بولندا والنرويج وهولندا وإسبانيا.

مواصلة الدعم وتجنب التصعيد

شدد المستشار الألماني على أن بلاده ستواصل دعم أوكرانيا، إلا أنها ستحرص في ذات الوقت على منع التصعيد بين حلف شمال الأطلنطي (الناتو) وبين روسيا.

ومن جانبه، قال الرئيس الأمريكي إن “هذه الأسلحة لا تمثل تهديدًا هجوميًّا لروسيا”، مشددًا على أن عودة الروس إلى بلادهم من شأنها إنهاء الحرب. ولفت بايدن إلى أن دعم أوكرانيا بهذه الدبابات يثبت التزام واشنطن تجاه كييف، ويؤكد وحدة الحلفاء، مشيرًا إلى “فشل الرهان الروسي على خلافات الغرب”.

تأهب غربي

كانت ألمانيا اشترطت إرسال الولايات المتحدة دبابتها إلى أوكرانيا، حتى ترسل ليوبارد2، لكن الرئيس الأمريكي قال إن ألمانيا لم تجعله يغير رأيه، مشددًا على “تنسيق الحلفاء بعضهم مع بعض”.

وقالت بولندا في وقت سابق إنها سترسل دبابات ليوبارد لأوكرانيا سواء وافقت ألمانيا أم لا، وأعلنت بريطانيا كذلك إرسال 14 دبابة من طراز تشالنجر2 إلى أوكرانيا، وأبدت فرنسا استعدادًا لإرسال الدبابات مع الحلفاء. وتنتشر الدبابة الألمانية لدى 10 دول أوروبية أعضاء في الناتو.

لماذا تغير الموقف الغربي؟

وفقًا لصحيفة التليجراف البريطانية، حرص الغرب على عدم إمداد أوكرانيا بأسلحة هجومية من شأنها إحداث صدام مباشر مع الناتو، لكن مع ازدياد “وحشية الهجمات الروسية والصمود الأوكراني” بدأ الموقف يتغير.

وعلاوةً على مخاوف التورط في نزاع أكبر، كان الغرب يخشى استخدام الروس أسلحة نووية، لكن مع تراجع هذه المخاوف توجه حلفاء كييف لزيادة وتيرة المساعدات كمًّا ونوعًا.

وفي ظل مخاوف من شن الروس هجوم موسع الربيع المقبل، من شأن هذه الإمدادات أن تمكن القوات الأوكرانية من صد الهجوم الروسي المرتقب، وتحقيق انتصارات واستعادة بعض الأراضي، لكن من المتوقع أن تستغرق هذه الدبابات شهورًا حتى تصل إلى أوكرانيا.

فاعلية الدبابات في المعركة

وفقًا لخبراء عسكريين، سيعزز إرسال الدبابات إلى أوكرانيا من قدرة قواتها على التوغل في الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، واسترداد أجزاء منها، حسب ما نقل تقرير صحيفة التليجراف. لكن وفق القائد العام للقوات الأوكرانية، فاليري زالوجني، ستحتاج كييف إلى 300 دبابة على الأقل، لشن هجوم مضاد ناجح.

وحتى الآن ليس معروفًا على وجه التحديد عدد الدبابات التي سيقدمها الغرب لأوكرانيا، ومن شأن عدد الدبابات التأثير مباشرة في سير المعارك. لكن من جهة أخرى، ليس خافيًا أن الدبابات الأمريكية صعبة الصيانة والاستخدام، وتستهلك الكثير من الوقود، وأن القوات الأوكرانية ليست مدربة عليها.

ويثير هذا الجانب تساؤلات جدية عن قدرة القوات الأوكرانية على استخدام هذه الدبابات بالنحو الأمثل، أم أنها ستمثل عبئًا على الداعميين الغربيين وكذلك على القوات الأوكرانية التي قد تواجه صعوبات ميدانية.

ترحيب غربي

رحب الأمين العام لحلف شمال الأطلنطي، ينس ستولتنبرج، بالقرارات الألمانية والأمريكية، لافتًا إلى أن هذه المعدات ستساعد أوكرانيا في ميدان القتال، في حين أن بولندا اعتبرت “تسليم ليوبارد خطوة كبيرة”.

وقال رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، إن برلين اتخذت القرار الصحيح، في حين أن كييف رأتها “خطوة مهمة على طريق النصر”، وطالبت أوكرانيا الغرب بسرعة إرسال الدبابات، وبإرسال صواريخ بعيدة المدى، وطائرات مقاتلة كذلك، في رفع لسقف المطالب الأوكرانية.

توعد روسي

على الجانب الآخر، قال السفير الروسي في برلين، يرجي يوريفيتش نيتشايف، إن حلفاء أوكرانيا اتخذوا قرارًا يأخذ الصراع إلى مستويات جديدة، متهمًا برلين بـ”التخلي عن مسؤوليتها التاريخية تجاه روسيا”، في إشارة منه إلى “التاريخ النازي لألمانيا”.

ولم يكد يمر يوم واحد على الأنباء السارة لأوكرانيا، حتى اعترفت كييف بانسحابها من سوليدار. ومن شأن هذا الانسحاب أن يفتح الباب أمام الروس لتطويق مدينة باخموت ذات الأهمية الاستراتيجية، وحتى الاستيلاء عليها مستقبلًا.

حرب من أجل المفاوضات

في حديث إلى شبكة رؤية الإخبارية، قال المحلل السياسي، عمرو عبدالعاطي، إن الخطوة الأمريكية تأتي لدفع الأوروبيين لاتخاذ خطوات مماثلة، لافتًا إلى أن تسليم الدبابات لا يرمي إلى إلحاق هزيمة شاملة بالقوات الروسية، وإنما فقط تحسين الموقف الدفاعي لأوكرانيا، لإحداث نوع من التوازن.

وحسب عبدالعاطي، وهو أيضًا مساعد رئيس تحرير مجلة الأهرام للسياسة الدولية، سيكون تحسين موقف أوكرانيا ميدانيًّا، مفيدًا لتحسين موقفها التفاوضي مستقبلً. وأشار إلى أن هذه المساعدات الغربية يصاحبها بعض الشروط على أوكرانيا، لعدم استهداف العمق الروسي.

رهان روسي

يرجح عبد العاطي مزيدًا من التصعيد من موسكو مستقبلاً، لأن “الروس لن يقبلوا الهزيمة التي ستعيدهم إلى مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي”، إلا أنه يرى أن تصعيد الكرملين “لن يكون متهورًا”.

وتراهن روسيا على الأزمات الداخلية للدول الغربية، وتسعى لإطالة أمد النزاع حتى ينفض الداعمون الغربيون عن كييف، حسب عبدالعاطي، الذي لفت إلى أن سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب الأمريكي، وتصاعد مستويات التضخم بأوروبا والولايات المتحدة، وتراجع المخزون العسكري الاستراتيجي الأمريكي، من شأنها التقليل من الدعم الغربي مستقبلًا.

وشدد المحلل السياسي على خطورة تراجع المخزون العسكري الأمريكي الاستراتيجي، بالتزامن مع توترات منطقة الباسفيك، حيث تمثل الصين التهديد الأخطر للولايات المتحدة وحلفائها. وقد زود الغرب كييف بعشرات المليارات وبدعم عسكري غير مسبوق منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

ربما يعجبك أيضا