دخل كلاجئ أفغاني.. كيف اخترق جاسوس روسي الاستخبارات البريطانية؟

كيف استطاع المتهم بالتجسس التوغل في أكبر وكالات الاستخبارات البريطانية؟

آية سيد
دخل كلاجئ أفغاني.. كيف اخترق جاسوس روسي الاستخبارات البريطانية؟

الجاسوس الروسي المزعوم ترقى في صفوف الاستخبارات البريطانية، وعمل لصالح مكتب الاتصالات الحكومية في لندن.


أوردت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن محكمة بريطانية، مكونة من 3 قضاة، عقدت جلسة شبه سرية للاستماع إلى شهادات بشأن جاسوس روسي مزعوم.

وحسب ما أفادت الصحيفة، أول من أمس الجمعة 9 فبراير 2024، يُعتقد أن المتهم بالتجسس توغل عميقًا داخل أكبر وكالات الاستخبارات البريطانية، واستطاع الوصول إلى وثائق سرية، والتقى برؤساء وزراء وأفراد من العائلة الملكية عندما سافروا إلى أفغانستان.

الدخول كلاجئ أفغاني

ادعت أجهزة الأمن البريطانية أن الرجل، الذي تشير إليه بـ C2 “سي تو”، ربما عمل جاسوسًا لصالح مديرية المخابرات الرئيسة الروسية، موضحةً أن الرجل وصل إلى بريطانيا عام 2000 كطالب لجوء أفغاني.

ووفق الصحيفة، لا يواجه الرجل، الذي تولى عدة أدوار في الحكومة البريطانية، اتهامات جنائية لكنه في المحكمة من أجل استعادة جنسيته البريطانية، التي سُحبت منه في 2019.

نفي الاتهامات

من جهته، نفى “سي تو” أمام المحكمة أنه عميل لروسيا، وقال إنه خدم بريطانيا بشرف، مدعيًا أنه نجا من عدة محاولات اغتيال. فيما زعم محاموه أن المحكمة لم تقدم سوى أدلة ظرفية على أنه جاسوس.

وأوضح المحامون أن “سي تو” ربما التقى بملحقين عسكريين روسيين في كابول، يُدعيا بوريس وديمتري، مثلما زعمت الحكومة، لكن “هذه كانت لقاءات ودية بين رجال يحبون حضور الحفلات التي تقدم مشروبات كحولية في كابول ومشاركة صور قاذفات الصواريخ والنساء”.

وأشارت واشنطن بوست إلى أن تأكيد بريطانيا أن “سي تو” ربما كان جاسوسًا روسيًا أمر محرج للحكومة وأجهزة الاستخبارات، لأن هذا يعني إما أنه كان جاسوسًا عمل في قلب الاستخبارات البريطانية، أو أنهم أساؤوا قراءة الأدلة وقبضوا على الجاسوس الخطأ.

سرية المحاكمة

حسب الصحيفة الأمريكية، تنظر “لجنة استئناف الهجرة الخاصة” في القضية، وهي لجنة مكلفة بالتعامل مع الأدلة السرية. وفي مثل هذه القضايا، يحظى القضاة بإمكانية الوصول لمواد سرية لا يُسمح للجمهور، ولا حتى محاميي المتهم، بالوصول إليها.

دخل كلاجئ أفغاني.. كيف اخترق جاسوس روسي الاستخبارات البريطانية؟

لجنة استئناف الهجرة الخاصة في لندن

وأشارت تقديرات أجهزة الأمن الحكومية إلى أن “سي تو” عمل جاسوسًا روسيًا وأنه شكل خطرًا مستقبليًا على الأمن القومي، ولذلك سحبت جنسيته البريطانية. إلا أنه استطاع الخروج من أفغانستان في إحدى رحلات الإجلاء البريطانية قبل سقوط كابول في يد طالبان.

ويمثل “سي تو” أمام المحكمة لاستعادة جنسيته البريطانية وتجنب الترحيل المحتمل إلى أفغانستان أو روسيا.

من هو الجاسوس المزعوم؟

وُلد “سي تو” ونشأ في أفغانستان، حيث كان يعمل والده ضابطًا في الجيش. ووفق صحيفة التايمز البريطانية، قال “سي تو” في شهادته إن جهاز “إم آي 5” اتهمه بأن الروس أعدوه لهذه المهمة منذ أن كان عمره 5 سنوات.

وأضاف أنه سافر إلى موسكو في التسعينيات، بمساعدة أحد المهربين، وعاش هناك 6 سنوات والتحق بالجامعة وتزوج روسية. وفي عام 2000، حصل على جواز سفر روسي مزور، بمساعدة مهرب آخر، واستقل طائرة لقضاء عطلة في الكاريبي، بمحطة توقف في لندن.

وفي مطار هيثرو، طلب اللجوء، وقال إنه هارب من طالبان. واعترف بأنه كذب على السلطات. وفي لندن، عمل مترجمًا، والتحق بجامعة برونيل، وحصل على الماجستير في الدراسات الاستخباراتية والأمنية.

مقابلة شخصيات رفيعة المستوى

لفتت واشنطن بوست إلى أن “سي تو” ترقى في صفوف الاستخبارات البريطانية، وعمل لصالح مكتب الاتصالات الحكومية في لندن. ثم عاد إلى أفغانستان، حيث عينته وزارة الخارجية البريطانية مستشارًا للشؤون الثقافية في فريق إعادة الإعمار في هلمند.

وأثناء توليه ذلك المنصب، التقى بالملك تشارلز، الذي كان أميرًا حينها، والأمير ويليام، ورئيسي الوزراء السابقين، ديفيد كاميرون وجوردون براون. وأظهرت أوراق المحكمة كذلك أن “سي تو” عمل لفترة لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في كابول، ولدى وزارة التجارة الأفغانية.

ومن جهته، قال رئيس الهيئة التي تنظر القضية، روبرت جاي، إنه “من الممكن أن تجد المحكمة مصداقية في شهادة “سي تو”، لكن لا يزال من الممكن اعتباره تهديدًا للأمن القومي”.

ربما يعجبك أيضا