دراسة لم تر النور لـ”الهاشمي”.. خلاف عميق داخل أجنحة الحشد

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

أياد ما زالت تعبث بالعراق ومقدراته وتغتال خيرة أبنائه ومفكريه، لتكرس تبعية لبلد مزقتها تجاربها النووية، فكان عقاب كل من يعارضها ويعارض أذنابها، الموت والإقصاء. الباحث هشام الهاشمي صوت حر وفكر ثاقب، كان ضحية جديدة للغدر على يد مجهولين في بغداد.

تحت عنوان “الخلاف الداخلي في هيئة الحشد الشعبي” جاءت آخر دراسة لـ”الهاشمي” الذي اغتيل قبل أيام أمام منزله بالعاصمة العراقية بغداد، أشار فيها إلى تنامي نفوذ الفصائل الولائية المقربة  والموالية لإيران داخل الحشد.

هيمنة الولائيين

يقول الهاشمي في دراسته التي ركز فيها على فصائل الحشد الشعبي المدعوم أغلبها من إيران، إن “الولائيين (الذين يتبعون علي خامنئي) يهيمنون على 68 منصباً قيادياً واستشارياً من بين 69 منصباً في هيئة الحشد، كما يشكل الولائيون ما نسبته 66 بالمئة من القوام الميداني للحشد، و64 بالمئة من الموارد البشرية، و65 بالمئة من مراكز القيادة والسيطرة”.

وركز الخبير الأمني الراحل في الدراسة على “اعتراض فصائل حشد المرجعية الدينية العليا في النجف على سلوك بعض الفصائل الولائية في افتتاح مكاتب اقتصادية في المحافظات المحررة.

خلافات عميقة بين أجنحة الحشد

الدراسة تؤكد أن المواجهة تتمثل في خلاف عميق بين تيارين منقسمين فقهيا داخل الحشد الشعبي. الأول كان بقيادة أبومهدي المهندس ويرجع بالتقليد إلى المرشد الأعلى في إيـران علي خامنئي، فيما يرجع التيار الثاني وهو مكون من مجمل الفصائل المرتبطة بـ”العتبات” في العراق، إلى المرجع الشيعي في النجف علي السيستاني.

كما اتسعت دائرة الخلاف بين الطرفين في شهر شباط/ فبراير من عام 2018 لدرجة إصـدار المهندس نائب رئيس هيئة الحشد آنذاك سلسلة من القرارات الصارمة للتضييق المالي والإداري على الفصائل المسلحة المرتبطة بالعتبات. 

شرارة الأزمة بين فصائل العتبات والمهندس بدأت عقب موافقة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي على ضم فوج كامل من “فرقة العباس” إلى الجيش وربطه تنظيميا بوزارة الدفاع بشكل رسمي، وهو ما وصفه مراقبون وعسكريون، بأنه “تحول إيجابي في مسيرة الحشد الشعبي، وضمه إلى صفوف القوات النظامية”.
 لكن القيادات الولائية في هيئة الحشد أصبحت في حال من الذهول من التطور اللافت بين الحكومة وفصيل عائد لمرجعية النجف، وهو ما تسبب ببدء انهيار العلاقة بين فصائل “العتبات” والأخرى الولائية.

مشاكل مالية ولوجستية

نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس أصدر في كانون الأول 2018 قـراراً رسميا بفك ارتباط “فرقة العباس” من العتبة العباسية، والانصهار ضمن قيادة قوات الحشد في الفرات الأوسط، بقيادة اللواء المتقاعد علي الحمداني، بتكليف مباشر من المهندس، الأمر الذي أغضب قائد “فرقة العباس”، ميثم الزيدي، الذي شن حملة تصريحات ضد المهندس، منتقداً الولاء لطهران والمرجعية الدينية فيها، المتمثلة في المرشد الإيراني علي خامنئي.

بحسب الدراسة فقد عات قيادات العتبات ألوية الحشد المرجعي مـن مشـاكل مالية ولوجستية أثـرت عـلى مسـتوى أدائـها وكفاءتـها، وكان السـبب الرئيـسي في تلك المشـاكل هـو اختلال التـوازن في توزيع موارد هيئة الحشد بعدالة بين ألوية الحشد الولائي وألوية الحشود الأخرى وخاصة ألوية العتبات المرجعية، فالطريقـة التـي تتخـذ بهـا القـرارات مـن قبـل القيادات العليا العملياتية التنفيذية في هيئة الحشد الشعبي أدت إلى الشـعور بالإحباط والتهميـش لـدى ألوية الحشد المرجعي والحشود الأخرى.

الجماعات المارقة.. نفوذ داخل مؤسسات الدولة

 الباحث والكاتب العراقي غيث التميمي اعتبر في مقابلة مع أخبار الآن، أن “الجماعات المارقة ما دامت تتمتع بنفوذ داخل مؤسسات التشريعية والتنفيذية، وما دام لهم حضور ووزراء في الحكومة العراقية، ويمتلكون نفوذا كبيرا في أروقة صنع القرار مع ماكينة إعلامية تروج لهم، فإن عمليات التصفية والاغتيالات والقتل ستستمر وسيستمر معها نشر تقارير للحكومة تقيد الفاعلين تحت بند “ضد مجهول”.

نفوذ الفصائل الولائية آخذ بالتنامي والتوسع في حكومة عادل عبد المهدي، فلديها إعلام غير مقيد وجناح سياسي مشترك في البرلمان ومناصب حكومية هامة وتمويل ذاتـي كبير بالإضافة إلـى شبكة استثمارات داخلية وخارجية ولديها غطاء حكومي يوفر لها الحماية وعدم الملاحقة القضائية والأمنية.

كتائب حـزب الله وكتائب سيد الشهداء بعد أن اختير “الكاظمي” مرشحا لرئاسة الــوزراء؛ خالفت الإجماع السياسي الشيعي وكذلك شبه إجماع الفصائل الولائية في قبول ترشيحه.وهي من قبل خسرت انسجامها مع رئاسة هيئة الحشد الشعبي وقيادة قوات ألوية العتبات وقيادة قوات سرايا السلام.

هذا الانقسام داخل بيت الفصائل الولائي، يميز بين فئتين؛ فئة ولائية ترى الحل بالسلاح وليس هناك المزيد من الوقت للسياسة او للدبلوماسية لإخراج القوات الأجنبية، وفئة ولائية ترى هناك المزيد من الوسائل الدبلوماسية والقانونية قبل اتخاذ قرار الحرب واستخدام السلاح لإخراج القوات الأجنبية.

ربما يعجبك أيضا