«دعم مميت».. هل تخطط الصين لدعم روسيا بمسيّرات ضد أوكرانيا؟

محمد النحاس

اتجهت روسيا إلى شراء مئات المسيّرات إيرانية الصنع التي تتميز بتكلفتها المنخفضة وتأثيرها المدمر، لذلك يبدو خيار المسيرات الصينية مناسبًا لطبيعة العمليات.


منذ ما يزيد على الأسبوع، وجهت الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من مرة، تحذيرات إلى الصين من تقديم دعم عسكري لروسيا.

وتقول واشنطن إن بكين تدرس إرسال مساعدات عسكرية إلى روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وذلك في ابتعاد عن الحياد النسبي الذي تبنته بكين.. فما التداعيات المحتملة؟ ولماذا قد تقدم بكين على هذه الخطوة؟

مصادر استخبارية أمريكية ترجح

وفقًا لمصادر استخبارية، تخطط الصين لإرسال 100 طائرة مسيّرة إلى روسيا. وتقول المصادر التي تحدثت مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، إن بكين لم تتخذ قرارًا نهائيًّا بعد، غير أن الأمر قيد الدراسة، وفقًا لتقرير نشرته الشبكة أمس الجمعة 24 فبراير 2023.

وتفسر هذه التصريحات تحذيرات مسؤولين دبلوماسيين بالولايات المتحدة للصين من تقديم دعم عسكري للكرملين. ورغم عدم توافر معلومات مؤكدة، تمثل التحذيرات الأمريكية خطوة استباقية لمنع بكين من الإقدام على تسليح الروس، عبر إيضاح العواقب والتبعات التي ستطال الصين.

دعم صيني محدود

حسب تقرير آخر لشبكة “سي إن إن”، قدمت شركات صينية دعمًا بالفعل إلى روسيا، لكن على نطاق محدود، مثل السترات الواقية، وبعض الإمدادات اللوجيستية، وخرائط عن طريق الأقمار الصناعية.

وبينما لا يوجد إعلان رسمي يوضح مدى تورط المسؤولين الصينيين في إرسال هذه الإمدادات، ترجح مصادر “سي إن إن” تورط الحكومة المركزية، خاصةً وأن “الخطوط الفاصلة بين الكيانات العامة والخاصة لا تكاد تذكر”.

ماذا يعني إرسال الصين مساعدات عسكرية؟

من شأن هذه الخطوة، إذا ما تمت، أن تمثل تطورًا بارزًا، لأن الصين التزمت بنهج متوازن في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، فرغم رفضها إدانة الموقف الروسي، لم تقدم دعمًا عسكريًّا يذكر، ولم تمد الروس بالتكنولوجيا الحديثة التي يبدو أن الروس في أمسّ الحاجة إليها، بعد العقوبات غير المسبوقة التي فرضها الغرب عليها.

1000وعلى مدار الأشهر الماضية، طالب الكرملين بكين إرسال طائرات مسيّرة (دون طيار) وذخيرة، في ظل استهلاك الروس آلاف الذخائر يوميًّا، وفق ذات المصادر التي لم تسمها “سي إن إن”.

نقص إمدادات الذخائر

تحدثت مجموعة فاجنر الروسية شبه العسكرية الخاصة، الأسبوع الماضي، عن نقص في الذخائر، غير أن مؤسس المليشيا يفجيني بريجوزين، عاد وقال إن الذخائر في طريقها إلى المقاتلين.

وقبل ذلك، نشر بريجوزين صورًا لقتلى روس، ملقيًا باللوم على وزارة الدفاع التي “عجزت عن تقديم الذخائر الكافية لتمكين المقاتلين من الدفاع عن أنفسهم، فضلاً عن المضي قدمًا”.

np file 192165

تقديم دعم مميت؟

نهاية الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن القلق الذي يساور الولايات المتحدة يستند إلى معلومات تشي بتفكير بكين في إرسال “دعم مميت” إلى الجيش الروسي.

np file 208278 1920x1280 1وتابع بلينكن بأن مساعدات كهذه ستكون لها “عواقب خطيرة”، وستؤثر سلبًا في علاقة بكين وواشنطن. غير أن كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي، رفض “المزاعم الأمريكية”، مشددًا على أن الولايات المتحدة هي التي ترسل الأسلحة إلى ساحة القتال، وليست الصين من تفعل.

مقترح صيني من أجل السلام

دافع المسؤول الدبلوماسي البارز عن نهج بلاده، وقال إن موقفها تجاه الأزمة الأوكرانية يمكن تلخيصه في محاولة تعزيز محادثات السلام، وذلك بعد أسبوع من زيارة وانج يي لروسيا.

W020211230529225252688 1

وكانت الصين قدمت مقترحًا من أجل السلام، في وثيقة نشرتها في ذكرى مرور عام على بدء الحرب، تتضمن 12 بندًا.

نهج حيادي تجاه النزاعات

شددت الوثيقة التي نشرتها الخارجية الصينية، على ضرورة بدء محادثات السلام، ودعت إلى إنهاء “العقوبات الأحادية المفروضة على روسيا”، وأوضحت معارضتها لاستخدام الأسلحة النووية “تحت أي ظرف”.

وهذا هو ذات الموقف الذي أعلنه الرئيس الصيني شي جين بينج، العام الماضي. وتقول بكين في ردها على المزاعم الغربية، إنها تلتزم نهجًا حياديًّا تجاه النزاعات، ولا تبيع الأسلحة إلى مناطق الحروب.

ما أهمية هذه المساعدات؟

على مدار الأشهر الأخيرة، استهدفت روسيا البنية التحتية لأوكرانيا عن طريق ضربات صاروخية، غير أن تكلفة الذخيرة المرتفعة، ومعدل الضربات المتزايد، أدى لتآكل المخزون الروسي، وفق كييف، ووسائل إعلام غربية.

ولتنفيذ هذه المهام، اتجهت روسيا إلى شراء مئات المسيّرات إيرانية الصنع، التي تتميز بتكلفتها المنخفضة وتأثيرها المدمر،  لذلك يبدو خيار المسيرات الصينية مناسبًا لطبيعة العمليات، ولحرب طويلة الأمد لا أفق لنهاية محتملة لها على الأقل في المدى المنظور.

وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على عزم روسيا مواصلة “العملية العسكرية الخاصة” حتى تحقيق كل الأهداف، معلنًا دخول أسلحة جديدة في الخدمة.

كيف يتأثر دور بكين؟

بالعودة للحديث عن احتمالية

من شأن تقديم بكين مسيّرات وذخيرة إلى روسيا، أن يعقّد موقف بكين الرامي إلى تقديمها نفسها على أنها “وسيط محايد من أجل السلام”.

ويشكك مسؤولون غربيون في أن الصين تتبنى نهجًا محايدًا في ظل عقدها إعلان “شراكة بلا حدود”، وهي اتفاقية تعاون بين موسكو وبكين، وقعها الجانبان في فبراير العام الماضي، قبل أيام من بدء الحرب في 24 من نفس الشهر.

تقارب روسي صيني

يأتي ذلك في وقت اقترب فيه الروس والصينيون أكثر من أي وقتٍ مضى، وترى بكين أن العقوبات التي أدانتها مرارًا وتكرارًا هي تجربة لما يمكن أن يحدث معها حال قررت اجتياح تايوان، التي تزعم أنها جزء من الأراضي الصينية، وتشدد على ضرورة استعادتها، دون ان تستبعد “الحل العسكري”.

مناورات ريمباكوخلال العام الماضي، كثفت الصين مناوراتها بمنطقة الباسفيك الحيوية، وهو أمر معتاد، إلا أن اللافت كان زيادة التدريبات المشتركة بين القوات الروسية والصينية، كمًّا ونوعًا، وزيادة كثافة المناورات.

زيارة شي لروسيا

يسلط ما سلف الضوء على العلاقة التي تعززت بين روسيا والصين مع زيادة الضغوط الغربية عليهما. وتقول بكين وموسكو صراحة إنهما تسعيان لإنهاء ما تقولان إنه “هيمنة أمريكية أحادية على النظام الدولي”، وإبدال “نظام عالمي متعدد الأقطاب” مكانه.

شي جين بينج

ومن المقرر أن يزور الرئيس الصيني روسيا هذا العام، ما يجدد الإشارة إلى طبيعة العلاقات التي تزداد، ولكن البعض يرى في هذه العلاقة تهديدًا لروسيا، على اعتبار أن كفة القوة تميل لصالح بكين.

عثرات في الطريق

الصين التي يصل التبادل التجاري بينها وبين الولايات المتحدة إلى 6 أضعاف نظيره مع روسيا، تخشى أن تطالها العقوبات الغربية، لذلك تبدو خطواتها دقيقة ومحسوبة، حتى إذا ما سعت لتعزيز العلاقة مع الكرملين، منتهجةً بذلك “نهجًا حذرًا” هو السمة الأبرز للسياسة الخارجية الصينية.

لذلك ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الصين ستقدم هذا الدعم الذي تصفه واشنطن بـ”المميت”، أم أنها ستظل متريثة. ومثلما يشدد محللون على أن الغرب لن يسمح بهزيمة أوكرانيا، يرجح آخرون أن الصين لن تسمح كذلك بهزيمة روسيا.

ربما يعجبك أيضا