دعوات أمريكية لفرض ضريبة كربون لإجبار الصين على خفض الفحم

بسام عباس

رؤية

واشنطن – رغم تصاعد الخلاف بين واشنطن وبكين، إلا أن الإدارة الأمريكية توصلت إلى تعهد مشترك مع الصين بشأن التعاون في مجال المناخ، وكذلك اتبعت سياسة مشابهة حيال موسكو، إذ يعمل البيت الأبيض على تنظيم قمة مع روسيا، رغم فرضه عقوبات جديدة قاسية عليها.

ووفقا لـ”الفرنسية”، لا تقوم استراتيجية بايدن على تخفيف مستوى التوتر، وهو الهدف المعلن للدبلوماسية عادة، بل تحديد الآفاق الضيقة التي يمكن من خلالها العمل معا – خصوصا فيما يتعلق بتغير المناخ – مع إدراك أن العدائية ستطبع الجزء الأكبر من العلاقة.

وألمح بايدن إلى علاقة الحرب الباردة بين بلاده والاتحاد السوفياتي الأسبوع الماضي، بعدما أمر بفرض عقوبات وطرد دبلوماسيين روس، للرد على تدخل موسكو المحتمل في انتخابات الرئاسة الأمريكية وعملية قرصنة إلكترونية واسعة النطاق.

وقال “نريد علاقة مستقرة يمكن التنبّؤ بها”، واقترح قمة في دولة محايدة خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما كان في الوقت ذاته يضغط عليه على خلفية وضع أليكسي نافالني الصحي المعارض المسجون. وأفاد “على مدى تاريخنا الطويل في التنافس، لطالما تمكنت دولتانا من إيجاد طرق لاحتواء التوتر ومنعه من التصاعد إلى حد خروجه عن السيطرة”.

وتعد الصين والولايات المتحدة أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وتتحملان معا مسؤولية نصف الانبعاثات العالمية المسؤولة عن التغير المناخي. ويذكر أن روسيا رابع أكبر منتج للانبعاثات، فيما قبِل بوتين دعوة لإلقاء كلمة خلال قمة المناخ.

وقالت هيذر كونلي نائبة رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “إن قرار بوتين المشاركة يشير إلى أنه هو أيضا مهتم بالمحافظة على بعض المساحة في العلاقة الأمريكية – الروسية المشحونة”.

لكن كونلي أكدت أن “التحدث خلال قمة افتراضية وتخفيف التداعيات المناخية أمران مختلفان للغاية”، وقالت “اللافت بالنسبة إلي هو أنه بينما تتحدث كل من بكين وموسكو لغة التغير المناخي أمام الجماهير الدولية، تضغطان في الداخل على دواسة البنزين لزيادة الانبعاثات الكربونية العالمية”، مشيرة إلى اعتماد الصين على مصانع الفحم.

وفي موضوع نشراه أخيرا، قال أندرو إريكسون الخبير المتخصص في شؤون الصين لدى الكلية الحربية البحرية الأمريكية، وجابريال كولينز من جامعة رايس “إن على الولايات المتحدة التركيز على منافسة الصين بدلا من التعاون معها في مجال المناخ”.

وقالا “إنه بإمكان الولايات المتحدة أن تلعب دورا رائدا في فرض ضريبة كربون على الصادرات، وهو أمر يدعمه الاتحاد الأوروبي بالفعل، لإجبار الصين على خفض اعتمادها على الفحم”.

وكتبا في مجلة “فورين أفيرز” أن “حديث شي الواثق بشأن مكافحة تبدل المناخ ليس إلا غطاء لأجندة محسوبة بشكل أكبر”.

وأضافا “يعرف صناع السياسات الصينيون أن دولتهم حاسمة بالنسبة إلى أي جهد دولي شامل لخفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، ويحاولون استخدام ذلك كورقة ضغط لتحقيق مصالح صينية في مجالات أخرى”.

وتقوم علاقة بايدن بالصين على فلسفة مشابهة، يصفها المحيطون به في البيت الأبيض بأنها “قدرة على القيام بمهام متعددة في الوقت ذاته”.

ودافع أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، في خطاب الإثنين، عن هذا النهج من أي انتقادات محتملة قائلا “إن جهود أي دولة في مجال المناخ لا يمكنها أن تكون مبررا لسلوكها السيئ”، وقال بلينكن “المناخ ليس ورقة مساومة، إنه مستقبلنا”.

وبعد زيارة أجراها إلى شنغهاي الأسبوع الماضي، أصدر جون كيري المبعوث الأمريكي للمناخ بيانا مشتركا مع الصين جاء فيه أن الدولتين “ملتزمتان بالتعاون معا”.

وبغض النظر عن مدى عمومية النبرة، إلا أنها مثلت تناقضا صارخا مع اجتماع هيمن عليه التوتر بين كبار المسؤولين من الجانبين كان الأول لإدارة بايدن، وعقد في ألاسكا في آذار (مارس)، إذ أعرب بلينكن خلاله عن قلقه حيال سلسلة من الخطوات الصينية بما فيها ما تعده واشنطن “إبادة جماعية” بحق الأويغور وغيرها من الأقليات المسلمة الناطقة بالتركية. ودعا بايدن، بوتين والرئيس الصيني شي جينبينج، إلى قمة للمناخ هذا الأسبوع، بينما قال كيري “إن عدم العمل بشكل مشترك في ملف المناخ رغم الخلافات الأخرى يعد بمنزلة انتحار”.

ويعقب نهج بايدن الهادئ دبلوماسية سلفه دونالد ترامب ذات الطابع الشخصي، إذ أعرب الأخير عن إعجابه ببوتين، بينما ندد باستمرار ببكين، التي حملها مسؤولية وباء كوفيد19.

ويشير رايان هاس، الباحث لدى معهد “بروكينجز”، الذي عمل مستشارا خاصا في الصين في عهد إدارة باراك أوباما، إلى “تحول تدريجي، لكنه كبير” في موقف الإدارة الأمريكية من الصين في عهد بايدن.

وقال هاس: “إن إدارته “بايدن” خففت من حدة السجالات وركزت الأهداف بشكل محدد على الآفاق الملموسة في العلاقة، حيث تتأثر المصالح الأمريكية بأفعال الصين”.

وأفاد بأن “الطرفين بدآ ببطء إعادة قنوات الاتصال الدبلوماسي المباشرة والفاعلة، للتعامل مع المسائل المقلقة والبحث في فرص التنسيق”.

ربما يعجبك أيضا