دلالات العملية العسكرية الأمريكية في ريف إدلب

رنا أسامة

ثمّة تشابه بين الغارات الأمريكية التي قتلت أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وزعيم داعش السابق أبوبكر البغدادي في سوريا عام 2019. لكن بسبب التخطيط المكثف والمخاطر التي تتعرض لها القوات، تقتصر مثل هذه الغارات على الأهداف الأكثر أهمية.


رجّح مسؤولان عسكريان أمريكان وقوع أكثر من 13 قتيلًا من المدنيين خلال الغارة التي قتلت زعيم تنظيم داعش أبوإبراهيم القريشي في شمال سوريا الأسبوع الماضي. قالت صحيفة نيويورك تايمز إن تلك العملية خير دليل على مواصلة التنظيم تهديد العالم حتى بدون زعيم، الأمر الذي يُمدد حرب الولايات المتحدة على الإرهاب دون نهاية قريبة في الأفق.

ورصدت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني في فبراير الجاري أبرز دلالات تلك العملية والسيناريوهات المُحتملة في الحرب الأمريكية على داعش:

الحرب الأمريكية على الإرهاب مستمرة

أدت أعوام من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وشركائها الدوليين على الإرهاب إلى خسائر، تحديدًا ضد تنظيميّ القاعدة ثم داعش، لكن تكيّفا مع منظمات أوسع انتشارًا بحثًا عن ملاذات جديدة لاستخدامها في أعمال عنف.

أعاد استيلاء طالبان على أفغانستان تركيز الاهتمام الدولي على احتمال عودة الإرهابيين للبلاد كملاذ لهم. في الوقت نفسه، أفسح الانسحاب الأمريكي من أفغانستان المجال أمام الفرع المحلي لداعش لمحاربة طالبان، وهو ما أضرّ في كثير من الأحيان بالمدنيين الأفغان المُحاصرين. قال ميك مولروي، مسؤول سابق كبير في البنتاجون، إن “الهجمات الأخيرة التي نفذتها داعش تشير إلى أنها لم تنتهِ من القتال ضد الولايات المتحدة أو شركاؤنا”.

عمليات الكوماندوز نادرة

شن الجيش الأمريكي خلال 5 أعوام أكثر من 50 ألف غارة جوية في أفغانستان وسوريا والعراق. وأقرّ بقتل 1417 مدنيًا خطأ في غارات جوية بسوريا والعراق منذ 2014. والعدد الرسمي للقتلى في أفغانستان 188 مدنيًا منذ 2018، بحسب تحقيق نشرته نيويورك تايمز في ديسمبر 2021. أما الغارة الأمريكية الأخيرة فتُذكّر بقدرة الجيش الأمريكي على تنفيذ عمليات كوماندوز مستهدفة، لكنها تنطوي على مخاطر، وفق الصحيفة.

وثمّة أوجه تشابه بين هذه العملية والغارات الأمريكية التي قتلت أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وزعيم داعش السابق أبوبكر البغدادي في الجزء نفسه من سوريا في عام 2019. لكن بسبب التخطيط المكثف والمخاطر التي تتعرض لها القوات، تقتصر مثل هذه الغارات على الأهداف الأكثر أهمية، وفق الصحيفة.

الفوضى في سوريا

احتفظ رئيس النظام السوري بشار الأسد بالحكم رغم الحرب الأهلية التي استمرت عقدًا من الزمان، لكن البلاد لا تزال في حالة فوضى، مع وجود جيوب في البلاد خارجة عن سيطرته وعصابات مخدرات غير مشروعة تزدهر في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وجد تحقيق أجرته نيويورك تايمز العام الماضي أن النخب السورية التي تربطها صلات بالأسد تقف وراء صناعة بمليارات الدولارات لتهريب الأمفيتامين غير المشروع الذي أصبح الصادرات الأكثر قيمة في البلاد، متجاوزًا منتجاتها القانونية.

يوجد فراغ أمني في شمال شرق سوريا، حيث وجد الجهاديون ملاذًا من خلال الهروب من العمليات التي يقودها الأكراد بدعم من الولايات المتحدة قرب الحدود مع تركيا، وفي الصحراء التي تمتد عبر الحدود مع العراق. وقبل أيام من الغارة، دعمت القوات الأمريكية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحسكة، مقاتلة لأكثر من أسبوع لطرد مقاتلي داعش من سجن احتلوه. قتلت المعركة مئات الأشخاص، مُذكّرة بقدرة التنظيم على زرع العنف الفوضوي.

انتصار لبايدن

يواجه الرئيس الأمريكي روسيا بحشدها العسكري على الحدود مع أوكرانيا، ومنافسة عميقة مع الصين، فضلا عن التحديات المحلية الداخلية، بما في ذلك بما في ذلك ارتفاع التضخم والمعارضة الجمهورية داخل الكونجرس.

مع ذلك، حقق جو بايدن انتصارًا سياسيًا مع المهمة في سوريا، بالقضاء على أحد أكثر القادة الإرهابيين المطلوبين في العالم دون خسائر في الأرواح الأمريكية، وفق نيويورك تايمز. ويُمكّن مقتل القريشي، بايدن -كما أسلافه في المكتب البيضاوي- من إنساب الفضل لنفسه في القضاء على زعيم جهادي مسؤول عن مقتل مدنيين عدة في سوريا والعراق، وعن هجمات إرهابية متفرقة في جميع أنحاء العالم.

داعش قد يظل باقيًا حتى بدون زعيم

عندما ترأس القريشي داعش، وضعت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار يمن يطيح به. لكنه بقي بعيدًا عن الأضواء لتجنب القبض عليه، الأمر الذي قال محللون إنه منعه من توسيع نطاق وصول التنظيم.

لكن المجموعة تطورت لدرجة أن مقتل أحد عناصره لا يعني أنه لم يعد يمثل تهديدًا، وفق الصحيفة. وفي هذا الصدد، قال دانيال ميلتون، مدير الأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت: “لا أعتقد أنه ينبغي أن يتوهم أي شخص أن إبعاد القريشي عن التنظيم هو ضربة قاضية لداعش”، مُتابعًا: “آمل أن يعرقل ذلك (خطط) التنظيم، لكنني لا أعتقد أنه سيقضي على تهديداته مُستقبلًا”.

ربما يعجبك أيضا