ذاكرة «رؤية».. ثورة 23 يوليو وميلاد الجمهورية المصرية الأولى

ضياء غنيم

تحولت القاهرة إلى مركز حركات التحرر الوطني حول العالم.


تحتفل مصر بالذكرى الـ70 لثورة 23 يوليو 1952، التي مهدت الطريق لميلاد الجمهورية الأولى وجلاء الاحتلال البريطاني.

وكانت ثورة 23 يوليو علامة بارزة في التاريخ الوطني على التلاحم بين الشعب المصري وجيشه، فقد رسخت الثورة إرثًا خالدًا في تقويض الاستعمار الغربي ومساندة حركات التحرر الوطني في القارة الإفريقية والعالمين العربي والإسلامي.

ثورة 23 يوليو تحمل أهداف الحركة الوطنية المصرية

ثورة يوليو بزعامة الضباط الأحرار امتدادً لتاريخ الحركة الوطنية المصرية ورموزها الذين خاضوا معارك الاستقلال في المؤتمرات الدولية وفي ميدان العمل السياسي والحزبي أمام حاشية الملك والموالين للإنجليز.

عبرت الثورة عن سخط واسع في صفوف المصريين من الأوضاع السياسية القائمة، فسرعان ما انكشفت هشاشة التجربة الديمقراطية أمام فساد الأحزاب وصراعاتها وضعف الملك أمام سلطة الاحتلال البريطاني التي حاصرت قصر عابدين بالدبابات في فبراير 1942، في إهانة بالغة للكرامة الوطنية.

توالت مؤشرات التغيير في الداخل المصري جراء هزيمة 1948 في فلسطين تحت قيادة بريطانية، وحريق القاهرة في يناير 1952، وفي تلك اللحظة التي اكتوت فيها العاصمة بالنيران معلنة تداعي المنظومة الحاكمة والمخاوف الشعبية العميقة من المستقبل، نضجت الحالة الثورية حاملة في جنباتها ملامح أمة مصرية ناهضة، أرست في محيطها مبادئ التحرر الوطني من الاستعمار والفساد.

كواليس الساعات الأخيرة

حركة الضباط الأحرار، وهي التنظيم الطليعي للثورة، بدأت اجتماعاتها في يوليو 1949، بمنزل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، بحسب مذكرات قرينته السيد تحية، وشهد المنزل وضع اللمسات الأخيرة لخطة التحرك يوم 22 يوليو 1952 بحضور كل من عبدالحكيم عامر وكمال حسين، ولكن تأجل موعد انطلاق الثورة لمدة 24 ساعة.

تسربت أنباء حركة الضباط إلى الملك في 11 مساء 22 يوليو 1952، أي قبل التنفيذ بساعتين، فدعت قيادة الجيش إلى اجتماع كبار القادة، ما مكن الضباط الأحرار من تغيير الخطة والسيطرة على كامل الجيش واعتقال كبار القادة، حسب رواية الزعيم جمال عبدالناصر.

ثورة يوليو وميلاد الجمهورية الأولى

بعد السيطرة على مبنى الإذاعة وفشل محاولتين لقطع البث، تلا البكباشي محمد أنور السادات بيان ثورة 23 يوليو في الساعة 7:27 صباحًا، وتضمن البيان أسباب التحرك وهي تفشي الفساد والرشوة وعدم استقرار الحكم، والتآمر على الجيش.

الإسكندرية كانت أبرز محطات نجاح الثورة بوجود الملك فاروق فيها، ومنها وجه الضباط إنذارًا لفاروق بمغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من يوم 26 يوليو 1952، والتنازل عن العرش لطفله أحمد فؤاد الثاني، وتشكل مجلس الوصاية على العرش من الأمير محمد عبدالمنعم وبهى الدين باشا بركات والقائمقام رشاد مهنا، حتى إعلان الجمهورية في 18 يوليو 1953، حسب وسائل إعلام مصرية.

تصفية الاستعمار

لم تكن الثورة لتنجح دون تصفية الاستعمار وبناء جيش وطني قوي يتناسب مع تحديات الجمهورية الوليدة، فقد بلغ عدد القوات البريطانية في قاعدة قناة السويس حينها 85 ألف جندي بحسب دراسة بمجلة السياسة الدولية (العدد 217، يوليو 2019). وفرضت القيادة المصرية إجراءات لتجريم التعاون مع القاعدة، ودعمت ملاحم الفدائيين المصريين حتى توقيع اتفاقية الجلاء في أكتوبر 1954.

وانخفض عدد القوات البريطانية تدريجيًّا حتى رحيل آخر جندي في 18 يونيو 1956. تصفية مصالح الاستعمار في الداخل والخارج كانت المرحلة التالية من عمر الثورة المصرية، فقد أعلن الرئيس جمال عبدالناصر في 26 يوليو 1956 تأميم قناة السويس.

وسرعان ما تحولت القاهرة إلى مركز حركات التحرر الوطني حول العالم عبر استضافة مكاتبها وزعمائها،  حسب مركز دراسات الوحدة العربية، ودعمت كفاح الشعوب العربية والإفريقية ووجهت رسالة ورؤية مصر للخارج من خلال شبكة الإذاعات الموجهة التي شملت نحو 17 إذاعة ناطقة بـ23 لغة.

ربما يعجبك أيضا