«ذي إيكونوميست» تحذر من أزمة جديدة للاقتصاد العالمي بسبب انفتاح الصين

آية سيد
كيف تؤثر إعادة فتح الصين في الاقتصاد العالمي

يتعين على بقية العالم الاستعداد للآثار الاقتصادية الناتجة عن هذا التحول الكبير في سياسة صفر كوفيد التي انتهجها الحزب الشيوعي الصيني بصرامة لمدة 3 سنوات.


وصفت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية إعادة فتح الصين حدودها، بعد إغلاق دام لما يقارب الـ3 سنوات، بأنه أكبر حدث اقتصادي لعام 2023.

لكن الصحيفة، في تقرير نشرته يوم الخميس 5 يناير الحالي، حذرت أنه بعد تخلي بكين عن آخر ما تبقى من سياسة صفر كوفيد، سيكون لتجدد التواصل التجاري والفكري والثقافي بين دول العالم والصين عواقب هائلة.

انتشار الفيروس

لفت المقال إلى أنه في البداية، سينتشر الرعب في الصين. ففي ظل تفشي الفيروس، يلتقطه عشرات الملايين يوميًّا، وتكتظ المشافي بالمرضى. وعلى الرغم من أن سياسة صفر كوفيد أنقذت حياة الكثيرين، فشلت الحكومة في الاستعداد بنحو ملائم لتخفيفها، عبر تخزين الأدوية، وتلقيح كبار السن، وتبني بروتوكولات قوية لتحديد أماكن العلاج.

ويشير نموذج أعدته ذي إيكونوميست إلى أنه إذا انتشر الفيروس، دون رادع، سيموت 1.5 مليون صيني تقريبًا في الأشهر المقبلة. لكن لا يستطيع أحد تقديم قدر كبير من المساعدة، لأن حكومة بكين ترفض عروض اللقاحات الفعالة والمجانية من أوروبا، خشية أن تبدو ضعيفة.

الاستعداد للتداعيات الاقتصادية

يتعين على بقية العالم الاستعداد للآثار الاقتصادية، الناتجة عن هذا التحول الكبير، في سياسة صفر كوفيد، التي انتهجها الحزب الشيوعي الصيني، وحذر المقال من أن هذه الآثار لن تكون سلسة، وقد ينكمش اقتصاد الصين خلال الربع الأول من العام الحالي، خاصة إذا تراجع المسؤولون عن مسارهم، وأغلقوا المدن لإبقاء الحالات منخفضة.

لكن في النهاية، توقع المقال أن يتعافى النشاط الاقتصادي الصيني بقوة، إلى جانب الطلب على البضائع والسلع والخدمات. وسيكون التأثير ملموسًا في شركات مثل آبل وتسلا، وفي البنوك المركزية العالمية.

انتعاش كبير

وفق المقال، بعد مرور موجة كوفيد 19 الحالية، سيعود الكثير من المتعافين إلى عملهم، وسينفق المتسوقون والمسافرون بحرية. ويعتقد بعض خبراء الاقتصاد أن الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الأول من 2024 قد يكون أعلى بـ10 مرات من الربع الأول المضطرب من 2023.

وهذا التعافي الحاد في اقتصاد بهذه الضخامة، يعني أن الصين وحدها قد تدعم معظم النمو العالمي، خلال هذه الفترة. وبعد رفع قيود السفر، يتوقع خبراء الاقتصاد زيادة في الناتج المحلي الإجمالي لهونج كونج 8%، مع مرور الوقت. وكذلك سيستفيد مُصدّرو السلع، لأن الصين تستهلك 20% من إنتاج العالم النفطي، وأكثر من نصف إنتاج النحاس والنيكل والزنك المكرر، وأكثر من 60% من خام الحديد.

آمال الحزب الحاكم

يعتمد الحزب الشيوعي الصيني على هذا الانتعاش، ويأمل أن يُحكم عليه بناءً على التعافي الاقتصادي، الذي سيتبع المأساة الحالية، التي تتفاقم بسبب عدم كفاءته، وفق المقال.

وفي خطاب نهاية العام، شكر الرئيس الصيني، شي جين بينج، المسؤولين والعاملين في القطاع الصحي، وأشار إلى وجود “تحديات صعبة” مقبلة. وبدا متحمسًا لتجاوز الجائحة، مشددًا على فرص الانتعاش الاقتصادي السريع في 2023، ومعددًا أسباب الفخر بالعيش في الصين، الصاعدة تحت حكم الحزب الشيوعي.

آثار جانبية

أشار مقال ذي إيكونوميست إلى أن تعافي الصين سيكون له آثار جانبية مؤلمة، في مناطق أخرى. ففي معظم أنحاء العالم، قد يظهر ذلك في صورة ارتفاع في التضخم، أو أسعار الفائدة. والبنوك المركزية ترفع بالفعل أسعار الفائدة بوتيرة محمومة، لمكافحة التضخم.

وإذا تسببت إعادة فتح الصين، في زيادة ضغط الأسعار، إلى درجة مزعجة، ستضطر البنوك المركزية إلى تشديد السياسة النقدية لفترة أطول. وحسب المقال، الدول التي تستورد السلع، وتشمل معظم الغرب، هي الأكثر عرضة لخطر هذا الاضطراب.

سوق النفط والغاز

ضرب المقال مثالًا بسوق النفط، فارتفاع الطلب الصيني سيعوض تراجع الاستهلاك في أوروبا وأمريكا، في ظل تباطؤ اقتصاداتهما. ووفق بنك جولدمان ساكس، فإن التعافي السريع في الصين قد يساعد في رفع أسعار خام برنت إلى 100 دولار للبرميل، وهي زيادة بمقدار الربع، مقارنة بأسعار اليوم.

ونوّه المقال بأن ارتفاع تكاليف الطاقة سيكون عقبة أخرى أمام السيطرة على التضخم. وبالنسبة إلى أوروبا، تمثل إعادة فتح الصين سببًا آخر لعدم الرضا عن إمدادات الغاز، في وقت لاحق من العام، لأن سياسة صفر كوفيد، التي كبحت الطلب الصيني على الغاز، خفضت تكلفة تخزين الغاز على أوروبا خلال 2022.

إلا أن التعافي القوي في الصين، يعني المزيد من التنافس على واردات الغاز الطبيعي المسال. وفي ديسمبر، حذرت وكالة الطاقة الدولية من سيناريو قطع روسيا للغاز بالكامل عن أوروبا، مع بداية شتاء 2023. ما ينتج عنه نقص يصل إلى 7% من الاستهلاك السنوي للقارة، ويجبرها على ترشيد الاستهلاك.

آفاق الاستثمار في الصين

بالنسبة إلى الصين، لن تعود الحياة بعد الجائحة إلى الوضع السابق، وفق المقال. لأنه بعد تطبيق الحكومة لسياسة صفر كوفيد بطريقة صارمة، وإلغائها دون استعداد مناسب، أصبحت معظم شركات الاستثمار ترى في الصين رهانًا أكثر خطورة.

وانخفضت ثقة الشركات الأجنبية في أن عملها بالصين لن يتعطل، وأصبحت شركات كثيرة مستعدة لتحمل تكاليف أعلى للتصنيع في أماكن أخرى. وكذلك يتباطأ الاستثمار الداخلي في المصانع الجديدة، في حين ارتفع عدد الشركات، التي تنقل عملها خارج الصين، حسب بعض التقديرات.

وختامًا، لفت المقال إلى أن إعادة فتح الصين ستنجح في نهاية المطاف، كما حدث مع الانفتاح الذي أعقب سنوات العزلة في عصر ماو تسي تونج. لكنه حذر من أن بعض مشاعر الارتياب وكراهية الأجانب، التي أججها الحزب الشيوعي، خلال سنوات الجائحة، ستبقى بالتأكيد.

ربما يعجبك أيضا