حرب مدمرة وكلفة باهظة.. كيف يبدو الغزو الروسي لأوكرانيا؟

رنا أسامة

تمتلك روسيا 900 ألف جندي عسكري نشط، بما في ذلك القوات البحرية والجوية، ونحو مليونيّ جندي احتياطي. أما جيش أوكرانيا فيضم 145 ألف جندي فقط.


تتصاعد حدة الأزمة الروسية الأوكرانية بوتيرة سريعة مع حشد موسكو أكثر من 100 ألف جندي على طول الحدود مع كييف، وسط تحذيرات استخباراتية أمريكية ببدء الغزو في أي وقت، تلتها عمليات إجلاء دبلوماسيين عديدة من أوكرانيا.

ويتوقع خبراء أن الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون مدمرًا للغاية، سواء استغرق وقتًا قصيرًا أم طويلًا، فما السيناريوهات المتوقعة للغزو؟ وإلى أي مدى ستتوغل روسيا في العمق الأوكراني؟ وكم سيُكلّف ذلك روسيا؟

تفوق عسكري روسي

عمليًا، يتفوق الجيش الروسي، أحد أكبر الجيوش في العالم، على الجيش الأوكراني. فروسيا لديها  3 ملايين و569 ألف جندي، إضافة إلى مليوني جندي في قوات الاحتياط، وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الإنفاق السنوي للجيش الروسي 42 مليار دولار أمريكي.

أما جيش أوكرانيا فيضم 1.245 مليون جندي، منهم 900 ألف جندي في قوات الاحتياط، وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الإنفاق السنوي للجيش الأوكراني 9.6 مليار دولار أمريكي.

عملية عسكريةغير مسبوقة

كبير المحللين السياسيين بمؤسسة راند الأمريكية للأبحاث، صموئيل شاراب، توقّع عملية عسكرية كبيرة وهجومًا ساحقًا غير مسبوق لم تشهده كييف خلال الأعوام الـ8 الماضية، نظرًا للحشد الروسي وتطويق أوكرانيا من الشمال والشمال الشرقي والجنوب الشرقي والبحر الأسود وبحر أزوف، اعتمادًا على وكلاء انفصاليين، بحسب تقرير بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في 20 يناير الماضي.

ويعتقد الزميل البارز بمعهد أمريكان إنتربرايز، فريد كيجن، أن الغزو “قد يحدث على نطاق أوسع من غزو العراق في العام 2003، بقوة تتراوح بين 150 إلى 200 ألف جندي”. وقد تتخذ موسكو خطوات عدوانية لا تشمل تحريك قواتها عبر حدود أوكرانيا كتصعيد حربها بالوكالة، وإطلاق حملات تضليل وقرصنة.

كيف تبدأ شرارة الحرب؟

من الصعب التكهّن بما سيحدث عند بدء القتال، لكن ما يمكن قوله يقينًا إن العملية قد تبدأ بضربة جوية تقضي على الدفاعات الجوية الأوكرانية، لتفرض روسيا بعدها سيطرتها الكاملة على المجال الجوي الأوكراني، ما يُمكّنها من شن ضربات جوية قبل التحرك على الأرض. يُشار في هذا الصدد إلى أن القوات الجوية الروسية لم تشارك مُطلقًا في القتال بأوكرانيا، لذلك فإن مشاركتها المتوقعة هذه المرة ستكون غير مسبوقة وأضخم مما رأيناه من قبل.

أما الزميل البارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، سمير بوري، فيرى أنه من الصعب “تخيل غزو كامل دون استخدام قوة جوية”. وفي هذا السياق، يُتوقع أن ترجح كفة روسيا على أوكرانيا، فالأخيرة تمتلك عددًا متواضعًا نسبيًا من الطائرات المُسيرة التركية تي بي 2، مقابل آلاف الدبابات الروسية التي تمثل جوهر أي قوة برية.

إلى أي مدى ستتوغل روسيا في عمق أوكرانيا؟

في حال غزت روسيا أوكرانيا، فقد تخطط لضم نصف البلاد، الأمر الذي استبعده شاراب، نظرًا للأعباء التي يفرضها ذلك المخطط عسكريًا واقتصاديًا على روسيا. لكن إذا شرعت روسيا في ذلك، فالشيء المنطقي حينها أن تعزل القيادة الأوكرانية وتفرض قيادتها بطريقة ما.

لكن، بحسب تقديرات شاراب، فإن استعدادات الجيش الأوكراني لن تكون على قدر الحرب المُرتقبة. ويقول زميل معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية، روب لي، إن “روسيا بإمكانها تدمير الوحدات العسكرية الأوكرانية عن بعد بأسلحة مثل صواريخ إسكندر الباليستية، ما قد يسفر عن آلاف الضحايا يوميًا”، وفق تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية نشرته في يناير الماضي.

كل السيناريوهات مدمرة

ثمّة سيناريوهات محتملة كثيرة للغزو الروسي، بما في ذلك إرسال مزيد من القوات للمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا، والاستيلاء على المناطق الاستراتيجية، وحظر وصول أوكرانيا للممرات المائية، وصولًا إلى حرب شاملة. تبدو كل السيناريوهات مدمرة، لكن كلما كانت العملية أوسع جاءت النتائج أكثر كارثية، بحسب تقرير لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن في 13 يناير 2022.

وفق التقرير، إذا وقع غزو روسي شامل للسيطرة على أوكرانيا سيكون أمرًا غير مسبوق في أوروبا منذ عقود. فقد يفضي إلى حرب مدن بشوارع كييف، الأمر الذي يهدد بعواقب إنسانية كبيرة. وقدرت الولايات المتحدة أن عدد القتلى المدنيين قد يتجاوز 50 ألفًا مع ما بين مليون إلى 5 ملايين لاجئ.

كُلفة باهظة للغزو

يعتقد خبراء أن كُلفة مثل هذا الغزو بالنسبة لروسيا قد تكون باهظة. قالت الزميلة بمعهد رويال يونايتد للخدمات البحثية في بريطانيا، ناتيا سيسكوريا: “أعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف أن المخاطر كبيرة. لهذا السبب أعتقد أن خيار الغزو واسع النطاق أكثر خطورة لموسكو من حيث تداعياته السياسية والاقتصادية المُحتملة، كذلك عدد الضحايا”.

وقد يجبر هذا الغزو روسيا على الانتقال إلى مناطق معادية لها بشدة. الأمر الذي يزيد من احتمالية استمرار المقاومة وقد يتحول الغزو إلى احتلال. وقالت نائبة مدير مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي ميليندا هارينج: “الحقيقة المحزنة أن روسيا بإمكانها أن تأخذ ما تريد من أوكرانيا، لكنها لن تستطيع الاحتفاظ بها”.

ربما يعجبك أيضا