أوروبا تشكو الصين أمام منظمة التجارة العالمية.. هل من تدابير انتقامية؟

بسام عباس

شكوى للاتحاد الأوروبي في منظمة التجارة العالمية تقول إن انتهاكات براءات الاختراع تكلف الشركات الأوروبية خسائر بمليارات من اليورو.. ما الموقف التالي؟


تقدم الاتحاد الأوروبي، الجمعة، بشكوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد بكين، يتهمها بإعاقة لجوء الشركات الأوروبية إلى القضاء في مواجهة استخدام الشركات الصينية براءات اختراع أوروبية بطريقة غير شرعية، خصوصًا في مجال تكنولوجيا الاتصالات.

وقالت المفوضية الأوروبية إن الشركات، بما في ذلك إريكسون السويدية ونوكيا الفنلندية وشارب اليابانية، خسرت الكثير من الأموال بعد أن منعتها المحكمة العليا الصينية من حماية براءات اختراعها بعدم اللجوء إلى القضاء خارج أراضيها، حين استخدام براءات اختراع عائدة لها بنحو غير قانوني أو دون تعويض مناسب، خاصةً من الشركات الصينية المصنّعة للهواتف الذكية، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز الأمريكية.

تقليص الرسوم المدفوعة إلى النصف

ذكرت فايننشال تايمز أن المحاكم الصينية حددت رسوم الترخيص بنحو نصف سعر السوق المتفق عليه سابقًا بين مزودي التكنولوجيا الغربية والشركات الصينية المصنعة، مثل أوبو وشاومي وزد تي إي وهواوي، وأن رسوم الترخيص المنخفضة التي حددتها بكين تحرم صانعي الهواتف الذكية وشركات الاتصالات الأخرى من مصدر دخل كبير لإعادة الاستثمار في البحث والتطوير.

وأوضح الاتحاد الأوروبي في شكواه أن براءات الاختراع المتعلقة بشبكات الاتصالات والانترنت “ضرورية لصناعة منتجات متلائمة مع بعض المعايير التقنية الدولية”، خاصة الهواتف الذكية، مشيرًا إلى أن حاملي هذه البراءات “يتعهدون بتوفيرها للصانعين وفق شروط عادلة ومعقولة وغير تمييزية”. وعند محاولة التواصل مع شركة هواوي امتنعت عن التعليق، أما وزارة الخارجية الصينية وشركتا “زد تي إي” و”أوبو” فلم ترد أي منها على طلبات التعليق من الصحيفة.

 

مطالبات بظروف عادلة للتقاضي

بعد أن خسرت شركة إريكسون دعوى قضائية، قالت إن عائدات الترخيص ستنخفض بما يتراوح بين 100 مليون يورو و150 مليون يورو. وعانت أيضًا شركة الأبحاث والتطوير الأمريكية، إنتر ديجيتال،  ومعاهد الأبحاث في الاتحاد الأوروبي مثل شبكة فراونهوفر في ألمانيا، التي ترخص أيضًا التقنيات الجديدة، بحسب فايننشال تايمز.

ومنذ قرار المحكمة الشعبية العليا في الصين في أغسطس 2020، يمكن لمحاكم البلاد أن تمنع حاملي براءات الاختراع من المقاضاة أمام محكمة غير صينية، من خلال “منع الملاحقة في دولة ثالثة”. ويمكن لكل مخالفة لهذا القرار أن تتسبب في غرامة يومية تصل إلى 130 ألف يورو، وفق الاتحاد الأوروبي.

ومن جانبه، قال مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس: “علينا حماية صناعة التكنولوجيا الفائقة الحيوية في الاتحاد الأوروبي، وهي محرك للابتكار يضمن دورنا الرائد في تطوير التقنيات المبتكرة في المستقبل. ويحق للشركات أن تنشد العدالة في ظروف عادلة عند استخدام تكنولوجياتها بنحو غير قانوني”، وفقًا لبيان الاتحاد الأوروبي.

أمريكا واليابان ومشاورات مع الاتحاد الأوروبي

أعربت الولايات المتحدة واليابان عن مخاوفهما من ممارسات الشركات الصينية، ومن المتوقع أن تنضما إلى طلب الاتحاد الأوروبي لإجراء مشاورات لتسوية النزاع مع الصين، في خطوة أولى لإجراءات منظمة التجارة العالمية. وإذا رفضت الصين أو لم تؤد المشاورات إلى حل مرضٍ، يمكن للاتحاد الأوروبي إحالة القضية إلى هيئة تحكيم يمكن حينئذ أن تقود إلى تدابير انتقامية، مثل فرض رسوم عقابية على واردات صينية.

ويذكر أن هذه هي الشكوى الثانية التي تقدمها المفوضية الأوروبية ضد بكين في منظمة التجارة العالمية خلال شهر، بعد أن منعت الصين جميع الواردات من ليتوانيا على خلفية خلاف نشب بينهما حول علاقتها مع تايوان، وهي الخطوة التي مثّلت تدهورًا جديدًا في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي. ويبدو اتفاق الاستثمار الذي تفاوض عليه الطرفان منذ مدة طويلة في وضع هش بعدما تبادل الطرفان فرض عقوبات.

ربما يعجبك أيضا