بشراكة هندية.. هل تنعش الاستراتيجية الأمريكية الجديدة منطقة المحيطين؟

بسام عباس

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي تأخذ الاهتمامات الإقليمية بجدية أكبر.. فما أهداف البيت الأبيض؟


تجد نيودلهي مكانًا بارزًا في تركيز الاستراتيجية الأمريكية على شبكة الحلفاء والشركاء عبر المحيطين الهندي والهادئ.

يبدو أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمنطقة المحيطين تأخذ الاهتمامات الإقليمية بجدية أكبر، وتعيد التشديد على أهمية المصالح الأمريكية في المنطقة، مع اعتراف واشنطن بأهمية شركائها لحماية هذه المصالح.

استراتيجية بايدن الجديدة

أصدرت إدارة بايدن استراتيجيتها الجديدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ التي حددت أهداف واشنطن في المنطقة، ودور أمريكا في تعزيز حرية المنطقة وانفتاحها، وبناء التواصل عبر المنطقة وخارجها، والدفع باتجاه منطقة مزدهرة، وزيادة أمن المنطقة، وبناء المرونة الإقليمية للتعامل مع مجموعة من التهديدات والتحديات عبر الوطنية. وفق ما أوردته مجلة ذا بلومات المختصة في الشأن الآسيوي.

أضافت المجلة أن صحيفة وقائع  التي أصدرها البيت الأبيض، في فبراير 2022، حول الاستراتيجية قالت إن “رؤية الإدارة تتمثل في ترسيخ الولايات المتحدة بقوة أكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وتعزيز المنطقة في هذه العملية، مع الانخراط في تعاون مستمر وإبداعي مع الحلفاء والشركاء والمؤسسات داخل المنطقة”،

أهداف البيت الأبيض

في إيجاز صحفي حول الاستراتيجية، صرح كبار المسؤولين في الإدارة بأن الاستراتيجية لها هدفان رئيسان، يتلخصان في “تعزيز دور الولايات المتحدة في المنطقة”، و”بناء القدرة الجماعية للارتقاء إلى مستوى تحديات القرن الحادي والعشرين واغتنام الفرص، سواء أكان ذلك يتعلق بالمناخ، أم بسلوك الصين، أم الاستعداد للوباء القادم والتعافي من هذا الوباء”.

وأوضحت المجلة أن الاستراتيجية وضعت اهتمام الولايات المتحدة على عدد من التحديات المهمة التي تواجهها منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لا سيما تلك التي تفرضها الصين، التي تستخدم الحيل الدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لخلق مجال نفوذها أو تعزيزه والظهور على أنها “القوة الأكثر نفوذًا في العالم”.

مواجهة عدوانية الصين

أضافت المجلة أن الاستراتيجية تصف عدوانية الصين التي يمكن رؤيتها في جميع أنحاء العالم، بأنها “أكثر حدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، وهو ما يتضح من الإكراه التجاري والاقتصادي ضد أستراليا، والعدوان على الهند على طول الحدود المشتركة، والتكتيكات العسكرية القسرية ضد تايوان.

واعترافًا بهذه التهديدات والتحديات، شددت صحيفة الحقائق على أن الولايات المتحدة لها أن تستخدم “جميع أدوات القوة لردع العدوان ومواجهة الإكراه” باتخاذ عدد من الخطوات التي منها تعزيز الردع المتكامل وتعميق التعاون، والحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وتعزيز الردع الموسع، والتنسيق مع الحلفاء في كوريا واليابان، والسعي إلى إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.

موقع الهند في الاستراتيجية الجديدة

قالت مجلة “ذا دبلومات” إن الهند تجد نفسها في مساحة بارزة في هذا السياق، فواشنطن تشدد على دعم صعود الهند المستمر والقيادة الإقليمية، وعلى أنها ستواصل “بناء شراكة طويلة المدى”، كما وصفت الاستراتيجية الهند بأنها “شريك وقائد في جنوب آسيا والمحيط الهندي”، و”قوة دافعة للمجموعة الرباعية (التحالف المكون من أمريكا وأستراليا واليابان والهند) والمنتديات الإقليمية الأخرى، ومحرك للنمو والتنمية الإقليمية”.

وأضافت المجلة أن تركيز الاستراتيجية على الهند على اعتبارها محورًا مركزيًّا في الرباعية أمر جدير بالملاحظة، خاصة أن الهند غالبًا ما يُنظر إليها على أنها الحلقة الأضعف بين شركاء الرباعية.

وإبرازًا لأهمية الهند في المجموعة، قال مساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، دانييل كريتنبرينك، ومساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون جنوب ووسط آسيا، دونالد لو، في مؤتمر صحفي عبر الهاتف، إن “الهند أكثر من مجرد شريك، إننا نعمل مع الهند على أساس يومي أكثر من أي بلد في المنطقة “، وثمن العلاقة الوثيقة التي تتمتع بها البلدان.

انتقادات للاستراتيجية

أوضحت المجلة أن الوثائق توضح بالتفصيل منطق استراتيجية الولايات المتحدة والتحديات التي تشكلها الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ومع ذلك يعتقد منتقدون أن استراتيجية بايدن في المحيطين الهندي والهادئ لا تركز بشكل كافٍ على مواجهة التهديدات الصينية.

قال المحلل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، كريج سينجلتون، إن الاستراتيجية بها الكثير من أوجه التشابه مع جهود الرئيسين الأمريكيين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأن “هذه الخطة تفتقر إلى التحديد والتفاصيل، وتوجد بها فجوات كبيرة فيما يتعلق بتعزيز موقع أمريكا الجغرافي الاقتصادي في آسيا”.

هل تدخل أوروبا على الخط؟

قالت المجلة إن الاستراتيجية توضح أنها ليست نهجًا “لمواجهة الصين فقط” من خلال تركيزها على الاحتياجات الإقليمية، مثل احتياجات دول جنوب شرق آسيا، وتسلط الضوء على مركزية الآسيان، لافتة إلى أن الآسيان “تدعم في جهودها لتقديم حلول مستدامة للتحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة”، وهو ما يعد تحسنًا من جهود إدارة ترامب في “استفزاز الآسيان لمواجهة الصين”.

وأضافت أن الاستراتيجية تعترف أيضًا بالدور المهم لفرنسا، وكذلك “بالقيمة الاستراتيجية للدور الإقليمي المتزايد للاتحاد الأوروبي”. لافتة إلى أن الولايات المتحدة تسعى لإدماج أوروبا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بدلًا من التخلي عن أوروبا من أجل المنطقة، كما أشار محللون آخرون.

ربما يعجبك أيضا