ما بعد كييف: ماذا ينتظر الروس؟

علاء بريك

عدة سيناريوهات محتملة يمكن طرحها عما قد ينتظر الروس بعد السيطرة على أوكرانيا، فما أبرزها؟


لا تزال الأحداث تتكشَّف يومًا إثر يوم على الجبهة الروسية والأوكرانية، لكن بالنظر إلى فارق القوة العسكرية قد يكون من المرجح أن تنجح روسيا في السيطرة على كييف، بيد أنَّ السؤال هو: ماذا بعد؟ أهذه نهاية العملية أم بدايتها الحقيقية؟

في مقالته المنشورة على موقع ذي جلوباليست، يطرح الباحث في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية جيمس دورزي مجموعة إجابات عن سؤال ماذا لو نجحت روسيا في الدخول إلى العاصمة الأوكرانية، والإطاحة بالرئيس فلاديمير زيلينسكي؟ قد تجد القوات الروسية مقاومة كبيرة من أهل البلد تصعِّب من العملية وتفتح صفحة جديدة فيها.

أفغانستان أم الشيشان؟

انسحبت القوات السوفييتية من أفغانستان في 1989 عقب مواجهة منهكة مع جماعات جهادية مدعومة من دولٍ خليجية والولايات المتحدة، كانت هذه الهزيمة شبيهة بما حاق بالولايات المتحدة في فييتنام، وما ستذوقه لاحقًا على يد طالبان.

بحسب دورزي، قد تحاكي المقاومة الأوكرانية نظيرتها الأفغانية. بيد أنَّ أوكرانيا نموذج مختلف إلى حدٍ ما عن النموذج الأفغاني، على سبيل المثال لن تجتذب حركة مقاومة أوكرانية عددًا يُذكر من مقاتلين أجانب، بالمقارنة مع ما حدث في أفغانستان. بدلًا من ذلك، قد ينظر الأوكران في مرحلة ما بعد زيلينسكي إلى مثال الشيشان بوصفها أقرب إلى حالتهم.

القوات الروسية آنذاك طحنت الجماعات الإسلامية في نهاية التسعينيات، حين حاصروا ودمروا العاصمة الشيشانية جروزني. لهذا تمثِّل الشيشان حالة أقرب من أفغانستان إلى أوكرانيا، حيث لن تلعب دول الناتو المحيطة بها دورًا شبيهًا لدور الباكستان في أفغانستان. لكنَّ أوكرانيا ليست الشيشان أيضُا، ففي الشيشان نظر العالم بتوجس إلى حركة جهادية إسلامية تقاتل روسيا، لكن الأمر مختلف في أوكرانيا، وإنْ زعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّه يقاتل أتباع النازية الجديدة وتجار المخدرات.

عراق ثانية؟

قد ينظر الأوكران إلى تجربة العراق ويطورون مقاومة شبيهة بالمقاومة العراقية، وهذا سيتسبب بمشاكل أكبر لروسيا، حسبما يتوقع دورزي. في العراق انخرطت عناصر من الجيش العراقي مدعومة من سوريا وإيران، إلى جانب مجموعات قتالية أخرى في حرب مقاومة ضد الغزو الأمريكي في 2003.

ينبِّه دروزي هنا بأنَّ بوتين قد تصوّر سيناريو مماثلًا، لهذا دعى الجيش الأوكراني إلى الاستيلاء على السلطة في محالةٍ لتجنب شلال من الدماء. لكن من المرجح في الغرب وعند القيادة الأوكرانية أن يكون هذا شكل المقاومة. فوزير الدفاع الأوكراني السابق أندريه زاجورودنيوك أشار إلى أنَّ مجموعات متعددة وصغيرة من العسكريين والمقاتلين المتطوعين يمكنها أن تخوض قتالًا مع القوات الروسية بما يجعل أي إدارة روسية مستقرة أمرًا مستحيلًا عمليًا، حال نجحت روسيا في السيطرة على أوكرانيا. واستطلاعات الرأي تدعم هذا الرأي فواحد من بين كل 3 أوكرانيين مستعد لدخول المقاومة المسلحة ضد الروس.

أبخازيا جديدة؟

قد تنتهي المعركة الحالية نهاية مقبولة للقيادة الروسية بأن تصبح أوكرانيا أبخازيا جديدية. وأبخازيا المستقلة حديثًا عن جورجيا بدعم من روسيا، لكنَّها إلى اليوم تعاني من عدم الاستقرار السياسي وليس العنف أو المقاومة المسلحة. فقد طالبت بعض المظاهرات هناك بوقف بيع الأصول والطاقة الأبخازية للروس، والكف عن ترويج شعار “السيادة المشتركة” الذي طرحه الرئيس الأبخازي أصلان بزانيا.

من جانب آخر، دانت بعض الشخصيات والمنظمات الأبخازية طرح قانون عن المنظمات غير الحكومية على الطراز الروسي، في إطار سياسة التماثل القانوني بين أبخازيا وروسيا، ووقعوا عرائض وعبروا عن رفض القانون المقترح. قد يجد الأوكران في نموذج أبخازيا آخر خيار يمكن تبنيه في المستقبل القريب.

ويختم دروزي بالقول إنه أيًا كان ما سيقرره الأوكران، فاحتلال روسيا لكييف وخلع الرئيس الحالي وتعيين رئيس جديد موالٍ لروسيا لن يكون نهاية القصة، بل الأحرى بدايتها.

ربما يعجبك أيضا