ولي عهد السعودية: الأزمة مع قطر كانت خلافًا عائليًّا.. و«الإخوان» جسر للتطرف

رنا أسامة
محمد بن سلمان

تحدّث ولي العهد السعودي عن قضايا مثل التطرف والاتفاق النووي والعلاقات مع إيران وإسرائيل. ماذا قال محمد بن سلمان في حواره مع مجلة ذي أتلانتيك الأمريكية؟


في أول حوار مع وسيلة إعلامية أجنبية منذ أكثر من عامين تحدّث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع مجلة ذي أتلانتيك الأمريكية عن قضايا وملفات داخل المملكة وخارجها، بما في ذلك رؤية 2030، ومقتل خاشقجي، والعلاقات مع أمريكا وإيران وقطر وإسرائيل.

الصحفي الأمريكي جرايم وورد الذي أجرى المقابلة مع بن سلمان في القصر الملكي بالرياض، وصفه بأنه بدا “ساحرًا ودافئًا وذكيًّا وغير مُتكلّف” خلال الحوار المنشور على موقع المجلة الإلكتروني اليوم الخميس 3 مارس 2022 الحالي. هذه المقابلة هي الثانية لولي العهد السعودي مع ذي أتلانيك بعد أول مقابلة جرت عام 2018.

قضية مقتل خاشقجي آلمتني كثيرًا وانتهكت حقوقي

عندما سأله الصحفي الأمريكي عن مزاعم تورّطه في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، قال بن سلمان إنه “من الواضح” أنه لم يأمر بقتله. و”لقد آلمني الحادث كثيرًا وآلم المملكة”، مضيفًا أنه يتفّهم مشاعر الغضب، خاصة بين الصحفيين. وأوضح: “أحترم مشاعرهم لكن لدينا مشاعر ونشعر بألم أيضًا” بحسب المقابلة. وأفاد بن سلمان في مقابلته مع ذي أتلانتيك أن حقوقه تعرّضت للانتهاك في قضية خاشقجي.

وقال: “أشعر أن قانون حقوق الإنسان لم يُطبّق عليّ”، مُشيرًا إلى أن “المادة الـ11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن أي شخص بريء حتى تثبُت إدانته”. وذكر بن سلمان أن المملكة عاقبت المسؤولين عن جريمة قتل الصحفي السعودي، مُضيفًا: “لم أقرأ مقالًا كاملًا لخاشقجي طوال حياتي، سواء في صحيفة سعودية أو أمريكية، ما أقرؤه هو موجزي اليومي إذا كان يوجد شيء مهم في الإعلام المحلي والإعلام الإقليمي والإعلام الدولي”.

لا أهتم لـ”فهم بايدن”.. والمملكة ليست دبي أو أمريكا

ردًّا على سؤال عما إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يسيء فهمه على وقع قضية خاشقجي، قال ولي العهد السعودي “ببساطة لا أهتم” موضحًا: “للمملكة علاقة تاريخية طويلة مع أمريكا، هدفنا الحفاظ عليها وتعزيزها”. ونوّه بن سلمان بأن الأمر يرجع إلى الرئيس بايدن “في التفكير في مصالح أمريكا. فليفعل ما يشاء إذن”. وشدّد على أن “ممارسة الضغوط لم ولن تُجدي نفعًا على مدى التاريخ”. وتابع: “ليس لنا الحق في وعظكم بأمريكا، سواء نتفق أو نختلف معكم، ونتمنى أن تعاملونا بالطريقة نفسها”.

وقال الصحفي الأمريكي إن السعودية تتطور وتتغير حتى باتت مشابهة لدبي وأمريكا، فأجابه ولي العهد السعودي: “لن نكون مثل دبي أو أمريكا بل نسعى إلى أن نتطوّر بما نملكه من مقومات اقتصادية وثقافية وتاريخية. نحاول أن نتطور بهذه الطريقة”. وتابع بن سلمان: “لذلك لا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى، بل نريد أن نضيف شيئًا جديدًا للعالم. كثير من مشاريع المملكة فريد من نوعه، إنها مشاريع ذات طابع سعودي”، مشددًا على أن مشروع رؤية 2030 لن يفشل أبدًا ولا يوجد شخص قادر على إفشاله”.

نموُّ السعودية وحربها ضد الفساد

قال بن سلمان في مقابلته مع المجلة الأمريكية إن “السعودية واحدة من أسرع البلدان نموًّا في العالم، وستُصبح قريبًا جدًّا البلد الأسرع نموًّا في العالم”. وأوضح: “لدى السعودية اثنان من أكبر 10 صناديق في العالم. تمتلك واحدة من أكبر الاحتياطيات بالعملة الأجنبية في العالم. لديها القدرة على تلبية 12% من الطلب على البترول في العالم. تقع بين 3 مضايق بحرية يمر من خلالها 27% تقريبًا من التجارة العالمية. يبلغ إجمالي الاستثمارات السعودية في أمريكا 800 مليار دولار، وأقل من مليار دولار في الصين”.

وعن حملة اعتقالات فندق رتيز كارلتون، التي طالت وزراء ورجال أعمال في السعودية عام 2017، أشار بن سلمان إلى أنها كانت بمثابة “حرب خاطفة ضد الفساد حققت نجاحًا كبيرًا وشعبية، لأنها بدأت من القمة ولم تتوقف عند هذا الحد”. وقال بن سلمان: “اعتقد بعض الأشخاص أن السعودية كانت تحاول اصطياد الحيتان الكبيرة، لكنهم أدركوا أن معركتنا مع الفساد لا تتسامح مع أي متجاوز حتى إن سرق 100 دولار”. وتابع: “لولا تصدِّينا للفساد ما شهدنا نموًّا ولا ظهر وزراء أكفاء ولا استثمار أجنبي”.

مفهوم الإسلام الوسطي و”الإخوان المسلمين” في نظر ولي العهد

قال بن سلمان إن “مصطلح الإسلام المعتدل قد يجعل المتطرفين والإرهابيين سعداء. إذا قلنا الإسلام المعتدل فقد يوحي ذلك بأن السعودية والبلدان الأخرى يُغيّرون الإسلام إلى شيءٍ جديد. نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية التي عاش بها الرسول والخلفاء الراشدون، حينما كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة”. ذكر أن “المتطرفين اختطفوا الدين الإسلامي وحرّفوه. فالمشكلة هي عدم وجود من يجادلهم ويحاربهم بجدية، ما سمح لهم بنشر الآراء المتطرفة في العالمين السُّنّي والشيعي”.

وقال ولي العهد السعودي إن “جماعة الإخوان المسلمين لعبت دورًا كبيرًا في خلق هذا التطرف فبعضهم يعد جسرًا للتطرف”. واستدرك: “الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث، ليس فقط من العالم الإسلامي بل حتى من أمريكا بوجودها في العراق أعطت للمتطرفين فرصة سانحة”. وكشف “بعض المتطرفين في السعودية، ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين، لعبوا دورًا في ذلك أيضًا، خصوصًا بعد قيام الثورة في إيران عام 1979 ومحاولة الاستيلاء على المسجد الحرام بمكة المكرمة”.

السعودية ليست محمد بن عبد الوهاب.. والأزمة مع قطر كانت خلافًا عائليًّا

قال بن سلمان إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب “كسائر الدعاة ليس رسولًا بل كان داعية فقط ضمن ساسة وعسكريين عملوا في الدولة السعودية الأولى”. وأوضح أن “المشكلة في الجزيرة العربية أن الناس القادرين على القراءة أو الكتابة كانوا فقط طلاب محمد بن عبد الوهاب وقتها فكتبوا التاريخ من منظورهم، وأساء متطرفون استخدامه”. وأضاف “إنني واثق بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد العزيز بن باز ومشايخ آخرين لو كانوا موجودين الآن لحاربوا هذه الجماعات المتطرفة الإرهابية”.

وقال “الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس السعودية”. وفي ما يخُص المُصالحة الخليجية مع قطر في يناير الماضي، قال ولي العهد السعودي إن “العائلة تظل عائلة والأمر مثل شجار بين الأشقاء، ما يعني أنهم حتمًا سيتجاوزونه، وسنصبح أفضل الأصدقاء”. موضحًا: “الشيخ تميم قائد رائع وبقية قادة دول الخليج قريبون منا جدًّا الآن وأصبحت علاقتنا أفضل من أي وقت آخر”. وتابع: “لدول مجلس التعاون الخليجي نظام ونسيج اجتماعي متفاهم والمخاطر الأمنية والتحديات والفرص الاقتصادية والآراء السياسية هي نفسها بنسبة 90%.

إيران جيراننا وإسرائيل حليف مُحتمل

تحدث بن سلمان عن العلاقات مع إيران أيضًا فقال: “جيراننا وسيبقون جيراننا للأبد، لذا من الأفضل أن نبحث عن سُبل للتعايش”. بحسب المقابلة. وتابع: “أجرينا خلال 4 أشهر مناقشات سمعنا خلالها تصريحات من قادة إيرانيين كانت محل ترحيب لدينا في المملكة. وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف جيد لكلا البلدين يمثل مستقبلًا مشرقًا للسعودية وإيران معًا”. وبسؤاله عما إذا كان يُفضّل وجود اتفاق نووي، أجاب: “أعتقد أن أي بلد في العالم لديه قنابل نووية يُعد خطيرًا، سواء إيران أو أي دولة أخرى”.

وقال ولي العهد السعودي إن “المملكة لا تنظر إلى إسرائيل كعدو بل كحليف مُحتمل إذا حلّت مشكلاتها مع الفلسطينيين. ويوجد عديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معًا، لكن يجب حل بعض القضايا قبل تحقيق ذلك”. وبسؤاله عن إمكانية وجود علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أجاب بن سلمان: “يوجد اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي على عدم قيام أيٍّ منهم بتصرف سياسي أو أمني أو اقتصادي قد يُلحق ضررًا بباقي دول المجلس الأخرى”، لكنه بيَّن أن “لكل دولة كامل الحرية في أي شيء تراه مناسبًا لها”.

ربما يعجبك أيضا