الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف عكست خلافات الجهاديين؟

رنا أسامة

انقسمت مواقف التنظيمات الجهادية حول طرفيّ الحرب الروسية الأوكرانية لكنهم أجمعوا على أنها تُحقق لهم مكاسب.


سيطرت الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت يومها الـ14 على مناقشات الجهادين عبر الإنترنت، بردود فعل مختلفة.
وأظهر هذا الوضع الخلافات القائمة بين البراجماتيين والمتشددين داخل التنظيمات الجهادية، لكن أيًا منها لم يُعلن موقفه رسميًا بخلاف تنظيم داعش الإرهابي، ورغم الإدانة الدولية العامة لروسيا، فقد انقسمت مواقف التنظيمات الجهادية حول طرفيّ الصراع الروسي الأوكراني وإلى أيّهما ستنحاز لتحقيق مآربها الخاصة؟

الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف تُفيد الجهاديين؟

جادل عديد من الجهاديين بأن الحرب الروسية الأوكرانية تُعد تطورًا جيدًا للعالم الإسلامي عامة، وللجهاديين على وجه الخصوص، بدعوى أن الحرب ستُلهي أعداءهم (روسيا وأوكرانيا) عن شؤونهم، ما يسمح لهم بالعمل بحرية أكبر وتحقيق مكاسب.

على هذا المنحى، يرغب الجهاديون في أن تُصبح الحرب صراعًا طويل الأمد يجُر قوى أخرى، كما حدث في حروب عالمية في القرن الماضي، أملًا في كسر شوكة أو حتى إضعاف ما يُسمونهم “أعداء الإسلام”، بحسب تحليل للصحفية المتخصصة في التنظيمات الجهادية مينا اللامي في تقرير نشرته بي بي سي مونيتورينج التابع لهيئة الإذاعة البريطانية في 4 مارس 2022.

ماذا قال المتشددون؟

ابتهج جهاديون متشددون، أمثال السلفي الجهادي الأردني عاصم طاهر البرقاوي المُلقّب بـ”أبي محمد المقدسي”، بمشاهد الدمار والموت في أوكرانيا، قائلين إن “الصليبيين” يشهدون الآن المصائر التي يعيشها المسلمون في العراق وسوريا وأفغانستان وأماكن أخرى، على حد وصفهم.

وفي تغريدة على حساب باسم العتيبي بتاريخ 4 مارس عبر تويتر، كتب المقدسي في إشارة للمباني المدمرة في أوكرانيا: “نحن نستمتع بمشاهدة هذه الحرب، مثلما كنتم (الصليبيون) تستمتعون بمشاهدة تدمير الدول الإسلامية”.

تنازل ضئيل

عزّز الجهاديون المتشددون موقفهم الرافض لدعم أوكرانيا، على وجه الخصوص، في الحرب الروسية الأوكرانية بالإشارة إلى مشاركة كييف في غزو العراق عام 2003، إلى جانب عضويتها في التحالف العالمي ضد داعش، مُنددين بتضامن البراجماتيين معها.

غير أن أصوات جهادية متشددة أخرى، مثل رجل الدين الإسلامي المقيم في كندا، طارق عبدالحليم، قدّمت تنازلًا ضئيلًا. قالت إنه من الممكن السماح للمسلمين في روسيا وأوكرانيا، بل وتشجيعهم، على حيازة أسلحة، لا سيما في كييف، لكن فقط “للدفاع عن عائلاتهم والمجتمعات المسلمة في تلك البلدان”، بحسب مينا اللامي.

ماذا عن الجهاديين البراجماتيين؟

أعربت أصوات جهادية براجماتية، مثل أعضاء وأنصار جماعة تحرير الشام التي تتخذ من سوريا مقرًا لها، ضمنيًا وصراحة، عن تضامنها مع أوكرانيا. وبرّروا موقفهم للجهاديين المتشددين، زاعمين بأن الإسلام يفرض على المسلمين دعم “المظلومين”، بغض النظر عن دينهم، وفق التحليل.

الأمر الذي يُردد صدى حُجة روّج لها تنظيم القاعدة في عام 2020 عندما حاول كسب الأمريكيين الأفارقة خلال الاحتجاجات العرقية في الولايات المتحدة. قال حينها إن التفويض “المستوحى” من القيم الإسلامية يلزم التنظيم بمساعدة “المظلومين” بصرف النظر عن دينهم، على حدّ زعمهم.

ما حُجتهم؟

الحجة الرئيسية التي طرحها معسكر البراجماتيين، بحسب مينا اللامي، أنه يجب على المسلمين الوقوف ضد روسيا بسبب تورطها في الصراع السوري، أملًا في تشتيت انتباه موسكو وإضعافها، وتخفيف قبضتها في سوريا، بما يسمح للجهاديين بتحقيق مكاسب ضد حكومة بشار الأسد.

وكرّست قناة “الشمالي الحر”، الموالية والداعية لهيئة تحرير الشام، جزءًا كبيرًا من نشاطها على تليجرام لتشجيع ما وصفته بـ”الانتصارات الأوكرانية” ضد روسيا، بمشاركة لقطات وصور لأضرار عتاد عسكري روسي وجنود قتلى.

أما حركة طالبان الأفغانية، التي تطمح جماعات جهادية مثل هيئة تحرير الشام إلى محاكاتها، فحثّت طرفي الصراع الروسي الأوكراني على التحلي بضبط النفس والحل بالحوار لا الحرب.

ما الذي يُجمع عليه الفريقان؟

يُجمع فريقا الجهاديين، المتشددين والبراجماتيين، على إدانة انضمام مقاتلين شيشان إلى الصراع لدعم روسيا، واصفين إيّاهم بـ”المُرتدين” و”الخونة”.

وفق تقرير نشرته مجلة نيو لاينز الأمريكية في 3 مارس 2022، جرى حشد ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل من الشيشيان ذات الأغلبية المسلمة، لدخول أوكرانيا دعمًا للغزو الروسي. وتداول جهاديون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لوحدات عسكرية شيشانية يُزعم أنها تقاتل في أوكرانيا.

كيف يمكن أن يستغل الجهاديون الغزو الروسي لأوكرانيا؟

حتى الآن لم تظهر أي دعوات بارزة أو جماعية لجهاديين للاستفادة من توزيع الأسلحة في أوكرانيا أو الإلهاء الدولي بالحرب الروسية الأوكرانية للتخطيط لهجمات وتنفيذها. مع ذلك، عبّرت بالفعل أصوات فردية عن طموحات مماثلة، بحسب مينا اللامي.

دعا أحد مؤيدي داعش غير البارزين على منصة الدردشة الجماعية روكيت شات، الجهاديين، لا سيما أولئك في المنطقة، لاستغلال فتح أوكرانيا حدودها أمام مقاتلين متطوعين وتزويدهم بسلاح، لتنفيذ هجمات على “الصليبيين”، على حد وصفه، وناقش آخرون استغلال الغزو في تحقيق مكاسب في سوريا. تعد موسكو أكبر داعم للحكومة السورية. مع ذلك، نصح فريق ثالث بالتريّث لحين إضعاف روسيا الضرب.

ربما يعجبك أيضا