العقوبات الغربية على روسيا.. هل تُشعل حربًا أوروبية؟

آية سيد

فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها مجموعة من العقوبات المالية الصارمة على روسيا، وتبحث موسكو عن طرق للتخفيف من آثار هذه العقوبات، ربما تلجأ إلى تصعيد خطير.


منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، اتجهت الحكومات الغربية إلى فرض عقوبات مالية وتكنولوجية غير مسبوقة على روسيا.

لفت تقرير في موقع وور أون ذا روكس الأمريكي، المعني بتحليل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي، في 8 مارس 2022 إلى أن العقوبات قد تُجبر روسيا على الجلوس على طاولة المفاوضات أو تؤدي إلى حرب أوروبية عامة، أو على الأقل إلى استراتيجيات روسية أكثر خطورة تحرض على الحرب.

تأثير العقوبات حتى الآن

أفاد التقرير بأن العقوبات كان لها تأثير مباشر منذ أيامها الأولى، خسر الروبل 30% من قيمته أمام الدولار، وضاعف البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة، وأُغلقت البورصة، وفرضت الحكومة ضوابط على رؤوس الأموال، ويزدحم المدنيون لسحب مدخراتهم من البنوك، لكن الأمر ربما يستغرق وقتًا كي يظهر التأثير الكامل للعقوبات.

وذكر التقرير أن روسيا تبحث عن طرق للتخفيف من آثار العقوبات الجديدة، مثلما فعلت مع عقوبات 2014 بعد ضم القرم، لكن هذه العقوبات أكثر حدة ومن غير المعروف ما إذا كانت إجراءات التخفيف الروسية ستنجح.

العزلة الاقتصادية تؤدي إلى استراتيجيات خطيرة

بحسب التقرير، وجد الباحثون الذين يدرسون آثار العزلة الاقتصادية على الدول أن الضغط الاقتصادي قد يدفع الدول التي تحارب إلى تبني استراتيجيات أكثر خطورة والتي كثيرًا ما تنطوي على تصعيد، والذي وصفه التقرير بـ”التصعيد غير المتعمد”.

ولأن الضغط الاقتصادي يستغرق وقتًا كي يعمل، يستطيع الهدف توقع تدهور وضعه قبل أن يصل إلى نقطة الأزمة، لذلك ربما يقرر اللجوء إلى التصعيد إذا كان يحمل فرصة ضئيلة لتحسين وضعه، وهو ما قد يفعله بوتين.

مسارات التصعيد

رأى التقرير أن العزلة الاقتصادية تشجع القادة على تصعيد حروبهم بطريقتين. أولًا، العقوبات تقوض قدرة روسيا العسكرية بشكل مباشر لأن روسيا تعتمد على الغرب في الكثير من الواردات التكنولوجية اللازمة لمنظومات الأسلحة المتقدمة.

وبما أن العقوبات الغربية تستهدف هذه الواردات، قد تعاني روسيا نقصًا في الذخيرة دقيقة التوجيه، وهو ما يدفع القوات الروسية إلى استخدام “القنابل غير الموجهة” والانخراط في مزيد من العنف ضد المدنيين مثلما فعلت في الشيشان وسوريا.

ثانيًا، ربما تؤثر العقوبات على الحسابات السياسية الداخلية لبوتين، إذا أدت العقوبات إلى خسائر فادحة، خاصة للأوليجارك أو الأجهزة الأمنية، ربما يعتقد بوتين أنه يحتاج لأن يقدم لهم مكافآت محتملة أكبر من الحرب لتعويض معاناتهم، وتصعيد الحرب ربما يأتي بهذه النتيجة.

الخطوات الروسية المحتملة

روسيا ربما تصعد بعدة طرق مختلفة، فأولًا، ووفقًا للتقرير، قد تغير روسيا أهدافها للحد من تأثير العقوبات، ولهذا ربما يصبح الاستيلاء على مصانع الدفاع الأوكرانية أولوية حتى تعوض الواردات التي منعتها العقوبات الغربية.

ثانيًا: بما أن أوكرانيا مُصدِّر رئيس للغذاء ولديها مصنع في أوديسا يُنقي 60% من إمدادات النيون العالمية المُستخدمة في إنتاج الرقائق الصغيرة، فقد تستهدف القوات الروسية هذه الأهداف الاقتصادية لتُذيق الغرب من نفس الكأس.

وثالثًا: ربما تخاطر روسيا بضرب المساعدات العسكرية الغربية قبل أو بعد عبورها الحدود الأوكرانية، وذكر التقرير أن المجال الجوي المزدحم للمنطقة يزيد من خطر الاشتباكات غير المتعمدة بين الناتو وروسيا.

وأخيرًا، توجد إمكانية للتصعيد النووي، فبحسب “عقيدة روسيا النووية 2020″، يُسمح لروسيا باستخدام الأسلحة النووية في المواقف التي يهدد “العدوان التقليدي وجود الدولة”، وبوتين أعلن أن العقوبات “أشبه بإعلان حرب” ولذلك ربما يفكر النظام الروسي في استخدام السلاح النووي إذا كان الضغط الاقتصادي يهدد وجوده.

كيف يرد الغرب؟

لفت التقرير إلى أن صناع السياسة الغربيين يحتاجون إلى تقييم مخاطر التصعيد التي تحملها العقوبات الصارمة أثناء اتخاذ القرارات، ويتعين عليهم أيضًا توقع كيف يمكن أن توجه روسيا جيشها نحو الأهداف التي ستساعد في تخفيف آثار العقوبات أو تزيد المعاناة الاقتصادية في الغرب.

وأشار التقرير إلى أهمية دمج العقوبات الغربية مع مخرج لموسكو، خاصة إذا استمر الصراع، ولهذا يتعين على القادة الغربيين دراسة الظروف التي قد تجعل بوتين يستجيب للمطالب الغربية، وذكر التقرير أنه ربما لا يوجد اتفاق تقبله موسكو والغرب، لكن يجب على القادة الغربيين ألا يظنوا أن الضغط المتواصل سيضعف موسكو.

ربما يعجبك أيضا